العدد 1496 - الثلثاء 10 أكتوبر 2006م الموافق 17 رمضان 1427هـ

ماذا يجري في البحرين؟!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

أتابع ما يجري في البحرين هذه الأيام فأجدها كخلية النحل لا تكاد تهدأ لا في ليل أو نهار، فالانتخابات على قدم وساق والمشكلات التي تصاحبها طافية على السطح وكل حزب يدلي بدلوه في هذه الانتخابات والعقبات المصاحبة لها، كما أن قضية التجنيس أصبحت حديث المجالس والأفراد والأحزاب وزادت حدّتها بعد أن دخل هؤلاء المجنسون في اللعبة الانتخابية، أما ما عرف بـ »قضية البندر« فهي الأخرى أحدثت هزة عنيفة بين أبناء البحرين على مختلف طبقاتهم ومستوياتهم.

في رأيي، إن مثل هذا الحراك يعد ميزة للبحرين ونظامها السياسي وطريقة إدارتها على مختلف المستويات، يكفي أن الناس يستطيعون التعبير عن آرائهم بحرية شبه تامة وهذه خطوة مهمة في سبيل تحقيق ديمقراطية تؤدي إلى تحسين أوضاع الناس بصورة عامة، صحيح أن الحديث وحده لا يكفي وأن من المفترض أن يكون هناك تلاق معقول بين رغبات المواطنين وبين السلطات الحكومية على مختلف مستوياتها لكي يتحقق الهدف الذي يتطلع إليه الغالبية العظمى من المواطنين.

نحن في المملكة العربية السعودية يهمنا كثيراً ما يجري في البحرين، فبيننا وبينها أواصر كثيرة تشدنا إليها ونشدنا إليهم, وشخصيًّا أجد في البحرين وأهلها قرباً إلى نفسي يدفعني إلى الاهتمام بكل ما يجري هناك وأجدني أتفاعل معه بصورة تلقائية.

سأتناول في مقالي اليوم موضوع التجنيس فقط لأنه من أكثر المضوعات حساسية لأبناء البحرين خصوصاً ولسواهم عموماً وأجدني مقتنعاً أن على حكومة البحرين أن تكون حذرة في هذه المسألة بصورة كبيرة.

وابتداءً فإن مبدأ »التجنيس« مبدأ عالمي تقره كل القوانين ضمن ضوابط معينة تتخذها كل دولة بحسب مصالحها جراء هذه العملية، والبحرين - بطبيعة الحال - لها ضوابط في هذه المسألة وقد تطبق ضوابطها على ما تقوم به تجاه إعطاء جنسيتها لأشخاص أقاموا فيها سنوات معينة.

لا أعرف بدقة ضوابط مملكة البحرين تجاه هذه القضية التي أثارت مجتمع البحرين بصورة عامة ولكنني سأتناول جزئية واحدة في هذه المسألة أثارت استغرابي الشديد وعجبت كيف أن الحكومة لا تتعامل معها بصورة معقولة على أقل تقدير.

عرفت أن اشخاصاً لا يجيد أحدهم اللغة العربية بل ولا شيء منها أحياناً يمنحون هذه الجنسية، وعرفت أن أشخاصاً غير مسلمين يمنحون هذه الجنسية وقد لا يكون لهم أي دين على الإطلاق وهذا في رأيي يشكل خطورة على البحرين وأهلها كما أن الآخرين في دول غير البحرين قد لايستطيعون التعامل مع هؤلاء على أساس أنهم من دولة عربية مسلمة خليجية.

معظم دول العالم - وخصوصاً بعد حوادث أميركا - أصبحت تشترط على من يحملون جنسيتها وحتى أولئك المولودين على أرضها أن يجيدوا لغتها وأن يندمجوا في مجتمعها وثقافتها بحجة أن عدم الاندماج يشكل خطورة على المجتمع وقد يتسبب في انشقاقه. أقول ماذا ستفعل البحرين إزاء مشكلة عريضة تبدأ مع حاملي جنسيتها منذ البداية؟! كيف يمكن أن يكون بحرينياً من لا يتحدث اللغة العربية؟ وكيف يمكن أن يكون بحرينياً من يكون بوذياً أومسيحياً من الهند أو سواها؟!

كيف يمكن أن أتعامل أنا في السعودية مع بوذي يدعي أنه من البحرين؟ أو مع سواه ممن لا يعرف العربية مع أنه يحمل الجنسية البحرينية؟!

ثم لو أن هذه المسألة انتشرت وأصبح هؤلاء يطالبون بإقامة معابدهم والسماح بإقامة شعائرهم علانية كيف يمكن أن تتقبل الغالبية العظمى من أهالي البحرين هذه المسألة؟! كيف سنتخيل طبيعة العلاقة بين هؤلاء وأولئك وكلاهما يحمل الجنسية نفسها؟!

لن أتحدث عن منافسة هؤلاء لأهالي البحرين في الوظائف والتجارة وبقية الأعمال الأخرى في ظل اقتصاد لا يحقق للمواطنين الحد الذي يكفيهم لحياة معقولة؟! كيف سينظر المواطنون إليهم في ظل هذه النظرة العدائية؟! وكيف سيندمج الجميع معاً والمفترض أنهم أبناء شعب واحد؟!

مشكلات كثيرة ستحدث من دون شك جراء هذه العملية التي أرى أنها لم تدرس بصورة كافية، أحاديث المجتمع عنها كثيرة لعلي تحدثت عن جزئية واحدة من تلك الاحاديث على كثرتها وتنوعها. ولأني أحب البحرين وأهلها وحكومتها فإنني أتطلع إلى أن يقوم جلالة الملك بعمل سريع لتهدئة النفوس وتلافي الإشكالات التي ستصاحب إعطاء الجنسية لمن لا يستحقها.

منح الجنسية - كما قلت - معمول به في معظم دول العالم ولكن يجب البحث عمن يستحقها ويخدم الوطن إذا منح جنسيته، الجنسية تمنح للعلماء وأساتذة الجامعات والمخترعين على مختلف مستوياتهم وأمثال هؤلاء، لأنهم لا يريدون الجنسية للاستفادة منها من دون أن يقدموا شيئاً مقابلاً لمن منحهم هذه الجنسية وهو يحسن الظن بهم.

مرة أخرى نتطلع إلى البحرين آملين أن تكون قدوة لسواها وهي مؤهلة لذلك، والله الموفق

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1496 - الثلثاء 10 أكتوبر 2006م الموافق 17 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً