العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ

بطل الحرية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بتاريخ أبريل/نيسان ، أصبح رئيس وزراء استونيا السابق مارت لار، ثالث من ينال جائزة «ميلتون فريدمان لتقدم الحرية»، والتي تعطى كل سنتين للشخص الذي ساهم مساهمة مهمة في تقدم الحرية الإنسانية. وتأتي مصحوبة بمبلغ , دولار كجائزة مالية، ويقدم جائزة فريدمان معهد كيتو - وهو مؤسسة غير ربحية تعنى بأبحاث السياسة العامة - ومقره الرئيسي في واشنطن العاصمة.

يجرى اختيار الفائزين من قبل لجنة تحكيم دولية، والتي تضمنت هذا العام آن أبلبوم من صحيفة «واشنطن بوست»، وفريد زكريا من «نيوزويك إنترناشونال»، ورئيس السلفادور السابق فرانسيسكو فلوريس، ورئيس شركة الفيديرال إكسبرس فريد سميث، وروز فريدمان. وقد ربح الجائزة في السابق كل من عالم الاقتصاد البريطاني بيتر بوير، لمساهمته الرائدة في التنمية الاقتصادية، وعالم الاقتصاد البيروفي هيرناندو دي سوتو، لمساهمته حول أهمية حقوق الملكية في مساعدة الفقراء على الحصول على رأس المال. إن هذين العالمين الاقتصاديين ساعدا في بلورة أآسس نظرية لتطبيق مبادئ السوق في محاربة الفقر. وقد أظهرا بأن السوق الحرة، التي تتسم بالتجارة الحرة، وتدخال الدولة المحدود في الاقتصاد، والتركيز القوي على الملكية الفردية، وسيادة القانون، هي أفضل الآليات للحد من الفقر على امتداد العالم. وقد وضع مارت لار تلك المبادئ النظرية موضع التنفيذ في مصلحة أبناء وطنه.

ووفق التقرير السنوي «الحرية الاقتصادية في العالم لسنة »، الذي يصدر عن معهد فريزر في كندا، فقد صنفت إستونيا في المرتبة التاسعة من حيث الحرية الاقتصادية. كثير من الناس اليوم يجدون صعوبة في تذكر أيام الاتحاد السوفياتي، عندما كان اقتصاد استونيا محكوماً كلياً من قبل الدولة، ويعاني من خطوط الانتظار الطويلة ونقص السلع والمواد. لقد استبدل مارت لار «يد الحكومة الميتة» بيد آدم سميث غير المرئية، فألغت حكومته تعرفة الاستيراد، (وهو قرار انعكس جزئياً نتيجة انضمام استونيا للاتحاد الأوروبي)، وشراء ضريبة دخل ثابتة. وقد هبطت ضريبة الدخل على الأرباح التي يعاد استثمارها إلى الصفر، كما تم إتباع سياسة نقدية مستقرة أدت إلى مكافحة التضخم. كما حققت الحكومة أشواط بعيدة في خصخصة شركات الدولة.

ومع أن اقتصاد استونيا عانى من أزمة اقتصادية حادة، ولكنها قصيرة الأمد، وهو ما عانته جميع الاقتصاديات الانتقالية، إلا أنه وبحلول العام عاد اقتصاداً مدوياً في نشاطه. ووفق إحصاءات البنك المركزي، فقد نما معدل الناتج المحلي الإجمالي السنوي بمقدار , في المئة. وخلال ذلك العقد، نما دخل الفرد من المجموع الكلي، معدلاً بالقوة الشرائية , دولاراً إلى , دولاراً مرتبطاً بأسعار العام ، وهي زيادة تبلغ , في المئة. لقد كان النمو الذي حققته استونيا نمواً مستداماً، ومن أعلى مستويات التقدم في المنطقة، بحيث وضع البلد على طريق الانضمام إلى بقية الدول المتقدمة.

كما أن رئاسة مارت لار شهدت عودة استونيا إلى الحكم الديمقراطي، والذي تمتعت به خلال فترة قصيرة من استقلالها بين الحربين العالميتين، ولم يكن ذلك أمراً حتمياً. ففي روسيا البيضاء شهد تسلم ألكسندر لوكاشنكو للحكم في العام ، عودة البلاد إلى الدكتاتورية الشيوعية. وكان على أوكرانيا أن تنتظر عاماً بعد إعلان استقلالها في العام ، قبل أن تصبح ديموقراطية، وعادت روسيا إلى الأوتوقراطية تحت زعامة فلاديمير بوتين.

كان تأثير مارت لار أبعد من النفوذ الذي له على مواطني بلاده. فقد تعلمت بلاد أخرى كانت تحت الحكم الشيوعي من إصلاحات إستونيا وقلادتها. وأدى نجاح استونيا في تطبيق الضريبة الثابتة إلى انتقالها إلى روسيا وسلوفاكيا وأوكرانيا وغيرها. وشكل تحرير استونيا للتجارة من جانب واحد إلهاماً مستمراً للبلدان الأخرى، بما في ذلك جورجيا. كما أن هنالك من يشعرون بأن وجود استونيا الليبرالية اقتصادياً في الاتحاد الأوروبي سيقود الاتحاد الأوروبي بعيداً عن سياسته الاشتراكية. ومع أنني غير مقتنع بأن إستونيا الليبرالية اقتصادياً في الاتحاد الأوروبي لن تكون بمأمن فيها، ناهيك عن أن استونيا لن تكون قادرة على تغيير مناقشات السياسة العامة في بروكسل، فإنني آمل بكل تأكيد، بأن يكون تفاؤل مارت لار حول مستقبل الاتحاد الأوروبي في محله.

كان مارت لار اختياراً رائعاً لجائزة فريدمان للعام . وإنني في منتهى السعادة بأن المؤسسة التي أعمل بها - معهد كيتو - قد استطاعت أن تكرمه على النحو الذي كرمته فيه، كما آمل بأن شعلة الحرية التي أضاءها مارت لار وزملاؤه في استونيا ستستمر في الانتشار إلى سائر أرجاء العالم.

ماريان إل. توبي: متخصص في دراسات أوروبا وجنوصحارى إفريقيا، معهد كيتو بواشنطن. المقال برعاية مصباح الحرية،

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً