العدد 149 - السبت 01 فبراير 2003م الموافق 29 ذي القعدة 1423هـ

رحيل محارب مشاكس

حسن حداد comments [at] alwasatnews.com

.

مع غياب السيناريست محسن زايد... ينتابنا ذلك الشعور بالحزن والإحباط في الوقت نفسه... الحزن على فقدانه كاتبا متميزا قدم الكثير للسينما والتلفزيون... والإحباط لشعورنا بأن الساحة الفنية تنقصها الكثير من خبرات هذا الفنان المبدع.

زايد على رغم أعماله القليلة إلا أنها راسخة في الوجدان وباقية في الذاكرة. ذلك ما ضاعف رعبنا لحظة رحيله المفاجئ ليغمرنا شعور بالفقد لفنان كان محاربا شرسا ضد الاستسهال في الفن، فنان رفض دوما المحاباة والاستسلام للتقليد.

مشاكس على نحو إيجابي... فهو فنان يعتني بفنه ويحارب من أجل تواصله مع المتفرج على أرقى صورة. فهو الذي رفض أن يسلم الجزء الثاني من مسلسل حديث الصباح والمساء لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، بسبب قيام الجهة المنتجة بإسناد إخراج الجزء الثاني لنفس مخرج الجزء الأول أحمد صقر، حيث صرح بأن هذا المخرج قام بحذف وإضافة مشاهد للفنانة ليلى علوي، من دون الرجوع لكاتب السيناريو، ما شوه العمل. لتبادر الشركة المنتجة مرغمة إلى عقد جلسة تصالح بينه وبين المخرج لإزالة هذا التوتر، بينما قامت ليلى علوي بإجراء اتصالات كثيرة للتوفيق بين الطرفين والوصول إلى نقطة تفاهم.

قبل ذلك، كانت الأزمة التي صاحبت إنتاج مسلسل ثلاثية نجيب محفوظ، في جزئيه الأول والثاني، بقيادة المخرج الراحل يوسف مرزوق، اذ تعرض الجزء الأول منه لحذف كبير، لدرجة جعلت محسن زايد يطالب بعدم عرض الجزء الثاني من المسلسل، بسبب اعتقاده بأن هناك شخصيات لن تقنع المتفرج نتيجة حذف مشاهد رئيسة تتصل بهذه الشخصيات. هذا إضافة إلى شعوره بالأسى لعرض المسلسل ونجاحه في المحطات العربية قبل عرضه في مصر بعامين، وعندما عرض في مصر اختاروا له وقتا متأخرا بعد منتصف الليل، مع حذف مشاهد كثيرة منه من دون الرجوع إليه. على رغم حصول محسن زايد على لقب أحسن سيناريست هذا العام في الاستفتاء الخاص بمجلة الإذاعة والتلفزيون والذي رشحه النقاد والجمهور، إلا أن محسن زايد أستاء كثيرا من مسلسل حديث الصباح والمساء، لأنه كان يطمح بأن يشاهد المسلسل بصورة أفضل مما بدا عليه، وعلى رغم كل ذلك فهو يحسد نفسه على نجاحه ولوجود عملين في وقت واحد في شهر رمضان الماضي ونجاحهما بشكل معقول أعجب الجميع.

فنان بهذا الحذر والخوف على علاقته مع جمهوره، لهو فنان نادر في الوسط الفني العربي والمصري بشكل خاص... فهو الذي يقول إنه لن يستطيع أن يكمل الجملة المفيدة التي يريد توصيلها للمتفرج، إلا عندما يكتب آخر حرف في آخر سيناريو يكتبه في حياته. وها هو يرحل بعد أن أكمل آخر سيناريو له (بنت بنوت) وقدمه هدية لابنه البكر المخرج الناشئ ياسر زايد، ولم يمهله الموت لمشاهدة هذا العمل، الذي ستكون فرحته به لو أمهله العمر، فرحتين، فرحة عمل جديد له، وفرحة باكورة أعمال ابنه ياسر

العدد 149 - السبت 01 فبراير 2003م الموافق 29 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً