العدد 1484 - الخميس 28 سبتمبر 2006م الموافق 05 رمضان 1427هـ

حان الوقت للتحاور مع حماس وحزب الله

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تشكل حملة الولايات المتحدة لتبديل بنية الشرق الأوسط في الوقت الراهن كارثة حتمية. فقد تسبب المشروع الطامح إلى خلق منطقة ديمقراطية في مقتل أكثر من سبعين ألف شخص في الشرق الأوسط وخارجه، معظمهم من المدنيين. وبدلاً أن تنخفض، ازدادت أعمال العنف الناتجة عن الانتخابات الديمقراطية التي جرت أخيراً في أفغانستان والعراق ولبنان والأراضي الفلسطينية و«إسرائيل». بالنسبة إلى وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس يمكن تقبل تلك الحوادث على أنها «مخاض ولادة الديمقراطية»، وإنما بالنسبة إلى الملايين في الشرق الأوسط يكون مفهوم الديمقراطية الحالي الذي تتبناه الولايات المتحدة مغلوطاً.

عوضا عن مساندة الديمقراطية والسلام المستديم الذي يجب أن يصدر عنها، يتم تصنيف الولايات المتحدة كقوة مخلة بالاستقرار خلفت الدمار في الكثير من المجتمعات والاقتصادات، سواء عمدا أم من غير قصد. من خلال تعريفها لتعزيز الديمقراطية كهدف أمني وطني للولايات المتحدة، سعت إدارة بوش للتأثير على نتائج الانتخابات، ورفضت التعامل مع الحكومات المنتخبة ديمقراطيا وخلافا لخيارها، واستغلت الديمقراطية خفية لإضعاف حكومتي إيران وسورية. بذلك، تكون أميركا قد أضعفت فعلاً كلاً من أوراقها الديمقراطية وقدرتها على التأثير في المنطقة.

يشكل التعريف المثير للخلاف، للحرب ضد الإرهاب من قبل إدارة بوش العائق الأكبر أمام بسط السلام والديمقراطية في المنطقة. فعبر محاولة تصنيف النزاعات في المنطقة بين الصالح والسيئ، الحرية والإرهاب، الديمقراطيين والفاشيين المسلمين، يتم وقف السجل ورفض فرص التلاقي. وكما حصل خلال الحرب الباردة عندما تمت مقارنة الحركات القومية بالشيوعية، تعتبر الحركات الإسلامية الحالية طاغية ومحبة للقتال ويجب هزيمتها عوضا عن التفاوض معها. وعبر تصنيف حزب الله و«حماس» ضمن الإرهابيين، وهي منظمات كوّنت سمعتها بشكل شرعي من خلال تأمين الصالح الاجتماعي الشامل من دون اللجوء للفساد، لم يعد هناك حاجة لاحترام شعبيتهم وسلطتهم الديمقراطية. وبالتالي لا يمكن الارتقاء في المنطقة إلا عبر الالتزام والبحث عن أرضية مشتركة.

ليس بالضرورة أن يؤدي الالتزام إلى التوافق؛ وفي الواقع، تشكل كل من المعارضة والمنافسة السلمية عنصرا أساسيا من الإجراءات الديمقراطية ما بين الأمم، وكذلك داخل الأمم. والأمر الأساسي في القدرة على احترام حق الخصم في التعبير عن آراء مختلفة. على الديمقراطيين أن يسعوا إلى تحويل الأعداء إلى خصوم، من خلال تنافس الأفكار عوضا عن تنافس الرصاص.

إن تهميش المنظمات والأفراد يعيد فرص التفاوض بشأن نتائج سلمية إلى الصفر. يطالب المهمشون بتزويد عائلاتهم والمجاورين لهم بالأمور نفسها التي يتم تأمينها حتما في أميركا وهي: الحق في حياة سلمية، في العمل، في التعليم، في الحصول على حد أدنى من المعيشة الكريمة وعدم الخضوع إلى احتلال أجنبي. وبتصنيف الآخرين بالمتعصبين والخطرين، تصبح الحلول العنيفة مناسبة أكثر من المساعي لحل الخلافات. يتطلب حل النزاعات بعض التقدير للشكاوى التي قد يحملها الخصوم وإدراك وجوب طرحها.

إذا كانت أميركا تهتم فعلاً بديمقراطية الشرق الأوسط، فعليها الشروع في الحوار ليس فقط مع أصدقائها في المنطقة وإنما مع أعدائها أيضاً، بما فيهم سورية وإيران. عليها احترام رغبات الفلسطينيين الانتخابية في الأراضي المحتلة والبدء بمحادثات مباشرة مع «حماس» بشأن استئناف المساعدة المالية. وعليها أن تدرك في الوقت نفسه ما هو جيد للشرق الأوسط يجب أن يصب في مصلحة «إسرائيل» والمجاورين لها من العرب. على الولايات المتحدة أن تحث على انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج فوراً عن جميع أعضاء الحكومة الفلسطينية الذين تم انتخابهم ديمقراطياً والمحتجزين لأهداف إسرائيلية، والتشديد على احترام سيادة لبنان والتواصل مع حزب الله على أنه جزء من هيئة الدولة اللبنانية.

خلال السنوات الخمس الماضية، سمعنا من إدارة بوش الكثير عن الحرية والسيادة والقليل عن العدل والإنصاف والاحترام في الشرق الأوسط. ومن دون هذه الأمور الثلاثة، لا يمكن بلوغ السيادة أو الحرية أو الديمقراطية. وسبق أن قال ونستون تشرشل علنا: «إن المحادثات المطولة أفضل من الحروب»، ولايزال بإمكان هذا القول أن يمثل المساهمة الأميركية في التوصل إلى السلام في الشرق الأوسط. لقد حان الوقت للتكلم مباشرة مع قادة الحكومات والمنظمات العدائية كونها تمثل شعوبها، والسعي إلى حل المشكلات على أساس العدالة والثبات.

لي مارسدن

محاضر في العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد بروكس، المملكة المتحدة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1484 - الخميس 28 سبتمبر 2006م الموافق 05 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً