العدد 1483 - الأربعاء 27 سبتمبر 2006م الموافق 04 رمضان 1427هـ

رحمة بالمواطنين يا وزيرة الصحة

محمد جابر الصباح comments [at] alwasatnews.com

لو أدركت وزيرة الصحة، أن قطاعا واسعا من المواطنين المسحوقين تحت عجلة السطو على المال العام، واختلال ميزان عدالة التوزيع متمثلا بين بعض المتسلطين والماسكين بزمام الأمور في مناصب الدولة العليا ممن يجنون الملايين شهريا ولن نغالي إذا ما قلنا يومياً من المتاجرين في الأسهم على مستوى العالم، وبين القطاع الواسع من المواطنين الذين يعودون في نهاية اليوم وجيوبهم خاوية حتى من مئة فلس، هؤلاء البشر الذين يتمنون لو أن الله مسخهم حيوانات من الخيول المرفهة، أو من الماعز والخرفان التي يتم اعدادها لولائم المناسبات. لو أدركت وزيرة الصحة هذه الحقيقة المؤلمة المتجسدة في طول مملكتنا الغالية وعرضها... لو ادركنها لما انحطت الخدمات الطبية، التي لايفتأ المسئولون الكبار يتبجحون بها صباح مساء انهم يوفرون الخدمات الطبية للمواطنين بالمجان، وكذلك التعليم والسكن وتوفير العمل، وعليه يؤسسون مقولتهم التي لا يصح لها صحيح إلا في عالم التمني والأحلام، «بأن الإنسان هو أغلى ما لدينا في الوجود، ربما ان الإنسان هو الإنسان المتجنس، ولكن حتما ليس هو البحريني الأصيل».

هذه الحشرجات البلاغية المخادعة التي مل المواطن سماعها تتلاشى لدى المواطن الذي يتردد على المستشفى لتلقي العلاج من خلال الفحوصات الدورية، والتي تنتهي عادة بتسلم المريض قائمة الأدوية من طبيبه المشرف على فحوصاته الدورية، وما ان يقدمها للصيدلاني حتى تأتيه الصفعة الصاعقة، بأن عددا من الأدوية لا يوجد لدينا في الصيدلية وانه يحتاج لوقت حتى يصل لنا، وعليه لابد لك من ان تتدبر امورك لتشتري باقي الأدوية من الخارج. فهل المواطن يملك موازنة الصحة ليشتري لنفسه الأدوية... قليل من الاخلاق يا مسئولون.

ولما أنا كاتب هذه الشكوي، من فئة المواطنين الذين خرجوا من البطن ذاته، فإني ادرك الرطن، تأكيداً للمثل القائل: «ابن بطني يعرف رطني» وإذ إني لا اخرج من الإطار العام لأولئك المسحوقين فقد صدمت مرات عدة بابلاغ احد الصيدلانيين أن هذا الدواء غير متوافر لدينا في الوقت الحالي وعليك ان تشتريه من الخارج، ولما أن كان نوع هذا الدواء يمثل أهمية كبرى بالنسبة إلي كمريض اعاني من مختلف الأمراض منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة وقد قمت بإجراء عملية زرع كلية في 18 أغسطس/ آب 1998 كلفتني (20) ألف دولار وفرها لي واحد من ابنائي وثلاث من بناتي فجزاهم الله ألف خير، غير أن زراعة كلية لا تنهي المشكلة، بل هي بداية لمشوار لمشكلة تمتد مدى الحياة تتمثل في المراجعات الدورية والاستمرار على تناول الأدوية التي يحددها الطبيب، والتي بعضها يشكل حداً فاصلاً بين حياة المريض وموته.

فإذا فاجأك الصيدلاني بأن هذا النوع من الدواء غير متوافر في الوقت الحاضر في الصيدلية وقد يحتاج وصوله الى أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة اسابيع وعليك ان تشتريه من الخارج... ولأجل شراء الأدوية، أسجل للوزيرة نوعين من تلك الأدوية، وان كان احدهما ليس بالالحاح ذاته كفاصل بين الموت والحياة لكنه مهم بالنسبة إلى مريض يرتفع لديه الكلسترول بصورة مفاجئة بين لحظة وأخرى. هذا الدواء اسمه (ليبيتور 10 mg) «LIPITOR» والثاني مهم جدا للمحافظة على توازن الضغط في العيون، الى حد أن طبيبي الذي يشرف على متابعة فحوصاتي الدورية أوصاني بألا أتساهل في استعمال الدواء الذي اسمه «COSOPT 5 ML» الى درجة أنه أوصاني اذا ما نسيت استعماله في الوقت المحدد ثم تذكرت اني لم استعمله فإن عليّ ان استعمله في الوقت الذي تذكرته فيه حالاً.

ما يهمنا في الأمر أيتها الوزيرة أن:

«30 Filmeoa TED Eack Comt. Atorvastatin 01 mg»

سعره B.D 61

والدواء الثاني الخاص بالعيون، والذي لا يزيد على ml 5 فقيمته B.D 080.11. فمن اين يأتي المريض بهذه الأموال، ولربما ان الموازنة توزع كتركة ليس لها حافظ يحفظها من قرض الجرذان لها.

فإذا ما صارحتك بالحقيقة، ولئن كان في الصراحة للمسوس بضر وجع لرأسه فإن في الصراحة بالحقيقة للضمير راحة. الا ان اصحاب الضمائر الميتة لا يشعرون بالضر أو النفع لأنها ميتة وميتو الضمير لا نفع في مناداتهم، لانك «تؤذن في خرابة»، وتأسيسا على كل ما سلف يقفز امامنا سؤال لحوح يطالب وزيرة الصحة بأن تواجهه بشجاعة واخلاق... السؤال هو:

هل وزارة الصحة تتسلم موازنتها السنوية، وهي قاصرة عن ان تلبي حاجة الوزارة لاستيراد كامل حاجتها من الأدوية لمدة سنة مالية كاملة، أم أن في الأمر مافيا تكون سببا في اختفاء بعض الأدوية ذات الأهمية القصوى لسلامة المواطنين؟ إذا كان الأمر كذلك فإن الحل لايقاف اختفاء بعض الأدوية من الصيدلية في مجمع السلمانية ليس بالأمر العسير... إذ على الجهة المسئولة عن استيراد الأدوية للمستشفى ان تطلب من مصانع الأدوية ان يدفعوها بعبارة (السلمانية) وعندها ستنجلي الحقيقة وتنكشف الطرق المؤدية الى اختفاء أدوية المستشفى.

وثمة ما يجب التعليق عليه ونحن على مشارف نهاية هذا المقال: هل ما يجري من أمور من مثل تلك التي أتينا على ذكرها فيما يختص بوزارة الصحة ما يثير حفيظة المواطنين وغضبهم ويدفعهم إلى التعبير عن معاناتهم بالتجمهر للاحتجاج والتظاهر على سوء التعامل معهم والاستهتار بكرامتهم، لتتصدى لهم السلطة بالقمع تحت حجة انهم مشاغبون، فيما الدوافع تأتي من اوساط السلطة، متمثلة في آلاف مواعيدها التي لا يتحقق منها حتى ذرة من خردل، وهل مثل هذا السلوك يساهم في تثبيت مشروع جلالة الملك الاصلاحي، أم أن مثل تلك السلوكات الشائنة والحقيرة هي معول هدم وتحطيم وحيلولة دون بلوغ مشروع جلالة الملك كامل أهدافه؟ في الختام أقول قلوبنا معك يا جلالة الملك، ولكن العين بصيرة واليد قصيرة، وكان الله في عونك وعوننا... الجرح عميق والاعشاب لا تولد الا اعشاباً. والحل: جرد السيف وادفع الرمح حتى لا ترى فوق ظهرها منافقا أو أنانيا. كجهنم كلما سؤلت هل امتلأت فتقول هل من مزيد؟

إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"

العدد 1483 - الأربعاء 27 سبتمبر 2006م الموافق 04 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً