البحرين منقلبة حدر فوق... ناس تتكلم عن التقرير الذي تعمد المستشار صلاح البندر «مع سبق الإصرار والترصد» كتابته وتنسيقه وإخراجه، ومن ثم طباعته وتوزيعه على السفارات الأجنبية والعربية والجمعيات السياسية في البحرين لعمل «بلبلة» لدينا... وناس تقرأ في التقرير واتفصفصه ورقه ورقه وجملة جملة وكلمة كلمة، وعلى كل نقطة موجودة فيه تتصل وتناقش الأصحاب والمعارف، وتفند وتتمحص وإذا شافت شيء يسوى لبراطمها تمصمص... وناس من سكنة المناطق البعيدة عن العاصمة الأولى القديمة والثانية الجديدة لا تعلم عن التقرير شيئاً أو لا تريد أن تعلم.
الناس الكبار يقولون إنه قد كان جاسوساً لدولة أجنبية كبيرة كانت لنا دولة مستعمرة وعن رقابنا وأرزاقنا مسئولة... هو لهم جاسوس، وهم الذين أرسلوه لنا لكي يحطم مستقبلنا الزاهر ويثير الفتنة بين «الأحباب» أبناء الوطن الواحد «ويعفس» الشارع البحريني المؤتلف جميعه على قلب واحد ينبض به وكلمة واحدة يتحدث بها... هم يقولون انه جاسوس، ونحن نصرخ... جاسوس... من طلع هالجاسوس وكيف حضر ومن إللي شغله وعلى جميع الأسرار ومداخلها ومخارجها ائتمنه؟.
إذا أراد المواطن البحريني أن يتقدم إلى وظيفة يشغلها... وهذا من ضمن الوظائف البسيطة المتناثرة وليس من ضمن الوظائف الكبيرة والحساسة... إذا تقدم هذا المواطن فإنهم يطلبون منه نسخة من جواز السفر والبطاقة السكانية والبطاقة الشخصية والبطاقة الذكية ورخصة السياقة وعدد عشر صور شمسية وعشر صور قمرية «لزوم التحقيقات الجنائية» واسم الأب وجواز سفره واسم الأم وجواز سفرها واسم جميع الإخوة والأخوات وأسماء أصدقائه وجميع من في فريقهم ومدينتهم... وهذا كله قبل السؤال عن شهاداته وخبرته السابقة في أي عمل قام به مسبقاً في داخل أو خارج البحرين.
إذا كان هذا ما يطلبه أي قسم في أية وزارة حكومية أو مؤسسة تابعة لها من المواطن الذي يتقدم لشغل وظيفة بسيطة عندهم... فما هو المطلوب إذاً من المواطن الذي يتقدم لشغل وظيفة متوسطة أو كبيرة وما هي المعلومات الإضافية التي عليه أن يقدمها إليهم؟... طيب هذا إذا كان المتقدم لشغل الوظيفة مواطناً بحرينياً له أهل وأحباب وأصحاب في البحرين، وله سجل سكاني وآخر معلوماتي وآخر أمني معروف للجهات الرسمية في البلد، وتعطى له الوظيفة بعد اللتيا واللتي والسندارة والغربال... السؤال الآن هو كيف إذاً لو كان المتقدم لشغل الوظيفة شخصاً أجنبياً من بلاد الإنجليز؟ وما هي المعلومات والمستندات التي من المفروض أن يقدمها هذا الشخص الأجنبي حتى يتمكن من الحصول على وظيفة في بلادنا؟ وما هي المعلومات التي من المفترض أن نسأله عنها ونعرفها منه ومن مصادرنا الأخرى قبل أن نقدم له وظيفة كبيرة وبدرجة مستشار في الحكومة؟.
شخص لا نعرف عنه إلا اسمه واسم زوجته فقط... ونعطيه كامل الثقة لإدارة صحيفة محسوبة على (...) يخيط ويبيط فيها على كيفه... ثم ننقله للعمل في إحدى الوزارات المهمة «جداً» في رئاسة الدولة، ونجعله يطلع على «الآكو والماكو»... ثم نأتي في يوم ونسحبه من بيته في إحدى الليالي «بالبيجاما» ونذهب به للمطار ونرحله، ونعلن على الملأ جميعاً أنه قد كان جاسوساً... يعني الحين في البحرين من هو الشخص «الجاهل» الذي يصدق أن المدعو فلاناً كان جاسوساً؟ أصلاً لو كان فعلاً جاسوساً لدولة أجنبية لتم سجنه وتقديمه إلى المحاكم البحرينية وليس ترحيله.
الآن بعد أن بانت الفضيحة وفاحت روائحها... وتداولت الناس أوراق التقرير المكتوبة على الورق أو بواسطة البريد الإلكتروني...
وتعددت الهمسات الموجهة والكلمات المضادة... وأصبحت بلادنا على نار تغلي من الفضائح المكتوبة، والشيكات المنسوبة... جاءنا من يبلغنا أن المستشار كان جاسوساً... والله شر البلية ما يضحك... الشعب البحريني ليس غبياً وساذجاً لهذه الدرجة التي تجعله يصدق أن المستشار الكبير الذي وصل إلى أعلى المراتب وتسلم أكبر الرواتب هو جاسوس.
الشعب البحريني يعرف ... والشرهة ليست على البندر «إن كان جاسوساً أو ملفقاً أو كاشفاً للأسرار» ولكن الشرهة على من أمر بتشغيله
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1480 - الأحد 24 سبتمبر 2006م الموافق 01 رمضان 1427هـ