حديثاً تحدثت مع اختصاصية تعليم ومناهج. لقد أفادتني بأننا مازلنا في البحرين نعتمد على مناهج متحجرة تعتمد على الحفظ بدلاً من الفهم، وتمنع إبراز شخصية الفرد وحريته في التفكير والتعبير. عموماً، هذه المشكلة نجدها بين خريجي مناهج التعليم الحكومية، من المدارس إلى الجامعة أكثر من خريجي المدارس والجامعات الخاصة والأجنبية.
طبعاً، لدينا الأفراد غير الملتزمين بالتعليم والتفكير مهما يسرت إليهم المناهج المدارس الحديثة، ففي تجربتي الخاصة وجدت خيبة الأمل موجودة في كلا خريجي جامعة البحرين والجامعات الأجنبية. لكن في الغالب، وجدتها لدى خريجي جامعة البحرين. اقتصاد الدولة ومستقبلها ثابت على أنظمة التعليم الحكومي والمتاح للجميع. وإذا ظل نظام تعليم في البلاد وكأنه من القرن الفكتوري، فنكون بذلك أوصدنا أبواب المستقبل.
لا أبالي إن حصل الطالب على أعلى درجة في دفعته، بل أبالي بأن يكون الطالب مختلفاً ومبدعاً ومستقلاً في تفكيره ونظرته. الكل يمكنه أن يحفظ قوانين المحاسبة وتفاصيل استراتيجيات الأعمال المختلفة، لكن سيأتي يوم عندما يواجه الشخص أمراً مختلفاً لا يمكن حله بإعادة شريط ما حفظه. في ذلك اليوم، سيجد الفرد بأنه عليه التفكير لوحده. وفي ذلك الوقت يبان من يمكنه ومن لا يمكنه أن يتفاعل مع عالم تزداد فيه المنافسة يوماً بعد يوم.
صحيح، هناك الكثير من خريجي المناهج الحكومية الذين يتمتعون بمواهب وصفات تضاهي خريجي أفضل الأكاديميات الخاصة والأجنبية، لكن حدث ذلك لأن الطالب كان واعياً ومحظوظاً لبعض الشيء لأن يثابر لوحده في تكوين شخصيته وطريقة تفكيره الخاصة. لحسن الحظ، لدينا الكثير من أولئك الناس، والذين عادة يبادرون إلى مواصلة تعليمهم في الخارج إذ يقدر التفكير المستقل.
للبعض، ربما يبدو كلامي هذا مزعج، لأنهم تخرجوا عبر المناهج الحكومية وها هم اليوم على أفضل حال. لكن قد يعترفون هؤلاء الأشخاص بأن مجرى الحياة والمبادرة الشخصية لفهم العالم وما يدور فيه هو ما أدى بهم إلى التطور. وقد يعترفون بأنهم يفضلون ألا يتأخر أبناؤهم في إيجاد وضع دراسي أحسن ويمنحونهم فرصة التعلم عبر مناهج مستحدثة بدلاً من مناهج متحجرة.
في مجال عملي بالمصارف، هناك تفرقة واضحة بين خريجي جامعة البحرين والجامعات الأجنبية. وثبت لي أكثر من مرة بأن رؤساء الموارد البشرية ورؤساء الأقسام يفضلون توظيف من تخرجوا من بريطانيا وأميركا، وخصوصاً بعد مقابلتهم شخصياً. وإذا وظفوا خريجي جامعة البحرين، عادة ما يكون لمناصب قليلة القيادة كثيرة الإدارة السكرتارية
دعونا إذاً أن نحسن من وضع مناهج المدارس والجامعات الحكومية بإدخال تطبيق تقنيات وأساليب تربوية متقدمة. فنحن لا نريد أن نقلل من حق أي مواطن بأن يحصل على أفضل تعليم ممكن، وأن يجد ذاته في مراحل التعليم الملتزمة بالفهم والإبداع بدلاً من الحفظ والتكرار
العدد 1480 - الأحد 24 سبتمبر 2006م الموافق 01 رمضان 1427هـ