يسعدني أن أقدم لكم خالص التهنئة لانتخابكم لرئاسة الدورة الحادية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يعكس ثقة المجتمع الدولي في قدراتكم الدبلوماسية التي ستكون خير عون لنا لإنجاح هذه الدورة الهامة. وأغتنم هذه المناسبة لأتقدم بالشكر لجميع الدول لإجماعها على ترشيح الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة وهو شرف لمملكة البحرين التي خرجت منها ثالث امرأة تتبوأ هذا المنصب في تاريخ الأمم المتحدة وأول امرأة عربية مسلمة تضطلع بمسؤوليات هذا المنصب الهام. وهو أيضا تأكيد للتقدم الكبير والإنجازات والمكانة التي بلغتها المرأة في مملكة البحرين...
ان محور تقدم الدول والشعوب النامية اليوم هو تدشين سياسات الإصلاح السياسي والتحرر الاقتصادي والتحديث الاجتماعي وهو ما رسخته مملكة البحرين في النهج الإصلاحي الذي قاده منذ سنوات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى من أجل تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والنمو الاقتصادي، فتعاظمت المكتسبات الوطنية والمشاركة الشعبية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي انعكست إيجاباً على الأصعدة التالية:
تعميق الممارسة الديمقراطية من خلال الانتخابات البلدية والنيابية بمشاركة كافة أبناء الشعب رجالاً ونساءً ترشيحاً وانتخاباً.
إنشاء معهد التنمية السياسية لتعزيز الممارسة الديمقراطية وثقافة الحوار في المملكة.
تصديق البحرين على الميثاق العربي لحقوق الإنسان وإصدار قانون مكافحة الإرهاب والانضمام إلى العهد الدولي المعني بالحقوق المدنية والسياسية.
انتخاب مملكة البحرين لعضوية مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، و أود في هذا الصدد أن أؤكد أننا سوف نعمل مع باقي الأعضاء على تعزيز وصيانة حقوق الإنسان في كافة المجالات.
تنامي دور المرأة في المجتمع لتتقلد مناصب قيادية في المملكة والتي من بينها الدخول في سلك القضاء، بالإضافة إلى إطلاق برنامج تمكين المرأة الذي يضطلع به المجلس الأعلى للمرأة.
دعم مملكة البحرين لمشاركة المنظمات غير الحكومية واعتبارها شريكاً في المجتمع بما دعا المملكة إلى استضافة منتدى المستقبل في الفترة من 11-12 نوفمبر المنصرم لمناقشة قضايا حقوق الإنسان ومكافحة الفساد وحكم القانون وتمكين المرأة. وتفخر مملكة البحرين بوجود اكبر تجمع فيها للمنظمات غير الحكومية قياساً بعدد سكانها حيث تم تسجيل ما يقارب ثلاثمائة منظمة غير حكومية لدى الجهات المختصة.
معالجة الظواهر السلبية في الاقتصاد الوطني مثل البطالة من خلال تدشين المشروع الوطني لتوظيف العاطلين عن العمل. وتأكيد الدور الاقتصادي الريادي لمملكة البحرين في منطقة الخليج من خلال تسهيل قوانين جذب الاستثمار بإشراف مجلس التنمية الاقتصادية.
تشكيل اللجنة العليا لإصلاح مخرجات التعليم لتطوير وتحديث النظام التعليمي والتي تم إقرار نتائجها في شهر يونيو 2006.
استمرار مملكة البحرين في إحرازها مركزاً متقدماً في مجال التنمية البشرية حيث يشهد على ذلك التقرير الأخير للأمم المتحدة للتنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
لقد تمثل هذا التوجه الإيجابي نحو عملية التنمية المتكاملة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً في توصيات المؤتمر الوطني للسياسات الاجتماعية في مملكة البحرين الذي عقد في ربيع هذا العام تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف تحقيق التكامل والترابط بين كل عناصر عملية التنمية ومقوماتها.
لم نزل ننظر في مملكة البحرين إلى ظاهرة الإرهاب وأحداثه في بقاع كثيرة من العالم كأخطر التحديات التي تهدد السلم والأمن الدوليين الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي تكثيف الجهود وزيادة التنسيق على مختلف المستويات والأصعدة من أجل التصدي لهذه الآفة واحتوائها. وإننا إذ نثمن الجهود العظيمة التي تقوم بها الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، لنحيط علماً بتقرير الأمين العام الصادر بتاريخ 27 أبريل 2006 و المعنون «الإتحاد في مواجهة الإرهاب: توصيات لإستراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب». فلقد تضمن هذا التقرير الكثير من العناصر الإيجابية، بجانب عدد من القضايا التي لا تزال تحتاج لمزيد من التدقيق والبحث المتعمق. ومن إيجابيات هذه الوثيقة التأكيد على أن مكافحة الإرهاب ينبغي ألا تستخدم كذريعة لانتهاك حقوق الإنسان والتضييق على الحريات العامة، وأن تكون ملتزمة بالقانون الدولي. ومن إيجابيات هذه الرؤية أيضاً دعوتها لضرورة معالجة الأحوال التي تفضي إلى استغلالها من قبل الإرهابيين ودراسة الدوافع الكامنة وراء الإرهاب.
لقد واصلت مملكة البحرين جهودها الدؤوبة في هذا المجال. فعلى صعيد الاتفاقيات الدولية، أضحت المملكة طرفاً في إحدى عشرة اتفاقية دولية من أصل اثنتي عشرة تتعلق بالإرهاب. كما تستضيف على أراضيها مجموعة العمل المالي لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشأن مكافحة غسل الأموال و تمويل الإرهاب التي أنشئت في نوفمبر 2004 ، وتواصل تنسيق جهودها و تعاونها مع شقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في إطار اتفاقية مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب التي وقعت في 4 مايو 2004.
إن تنفيذ الإستراتيجية المقترحة في تقرير الأمين العام هي مجرد بداية كما يذكر التقرير، والأهم من ذلك هو تنفيذها تنفيذاً كاملاً.
أحداث الشرق الأوسط خلال الشهور القليلة الماضية خاصة في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، ثم في الأسابيع الماضية في لبنان، دفعت بالمنطقة كلها نحو هاوية قد تزداد خطورة، ما لم نتحرك جميعاً ودون إبطاء للتصدي لجذور هذا الصراع وأسبابه وآثاره. ذلك الصراع الذي يبدد الآمال في السلام المنشود ويحبط طموحات شعوب المنطقة في الأمن والاستقرار والعيش في سلام.
إن معالجة هذا الوضع الكارثي الذي ينذر بعواقب وخيمة لم يعد يحتمل التأخير بعد الآن، وهو ما يضع على المجتمع الدولي مسؤوليات خاصة مضاعفة، الأمر الذي دعا مجلس وزراء الخارجية العرب لطلب عقد جلسة لمجلس الأمن للاجتماع على المستوى الوزاري والتي عقدت مساء يوم أمس للنظر في تسوية شاملة تغطي كافة المسارات ، وفقاً لمرجعيات عملية السلام وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية التي قدمها خادم الحرمين الشريفين وأقرتها القمم العربية، من خلال إقرار آلية مستحدثة ومطورة للاستئناف السريع للمفاوضات المباشرة بين الأطراف مع إشراف كامل للمجلس عليها وتحديد إطار زمني لإتمامها والاتفاق على الضمانات الدولية الخاصة بتنفيذها.
ونود أن نعرب عن بالغ قلقنا من الأحداث الدموية التي جرت على الساحة اللبنانية والدمار الهائل الذي خلفته هذه الأحداث جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية التي شهدها لبنان الشقيق هذا العام. ومن منطلق حرصنا على سيادة واستقلال لبنان الشقيق، فإننا نؤيد تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 (2006) والتزام كافة الأطراف به. ونؤكد هنا على أهمية دعم المجتمع الدولي للنقاط السبع التي طرحها دولة الرئيس فؤاد السنيورة رئيس الحكومة اللبنانية لتكون مكملة لما تضمنه قرار مجلس الأمن المذكور. كما نؤكد على أن مملكة البحرين تقف مع شقيقتها الجمهورية اللبنانية ضد كل ما من شأنه تعريض لبنان الشقيق وسيادته وسلامته الإقليمية للخطر والابتعاد عن الأعمال التي من شأنها أن تضر بالاستقرار أو التي تتم خارج إطار الدولة اللبنانية. كما نثمن جهود أعضاء اللجنة الثلاثية العربية ودولة قطر الشقيقة العضو العربي بمجلس الأمن ونعرب في الوقت ذاته عن تقديرنا للدول التي ساهمت في دعم الموقف العربي.
إن مملكة البحرين لتدرك أن لبنان اليوم يواجه تحديات جسيمة تستحق تضافر الجهود الدولية من جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وكل القوى الدولية الفاعلة ليس فقط للحفاظ على السلام فحسب، بل للمساهمة الإيجابية في إعادة البناء وإنعاش الاقتصاد اللبناني بالتعاون مع حكومته وشعبه كي ينطلق من جديد ليسهم- كما فعل عبر القرون- في التطور الحضاري والرخاء الاقتصادي في الشرق الأوسط والعالم كله، وليس مؤتمر ستوكهولم الأخير إلا خطوة على الطريق الصحيح.
إن السلام الشامل والدائم والعادل لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بما في ذلك الجولان السوري المحتل وباقي الأراضي اللبنانية المحتلة، وعودة اللاجئين الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني المحتل وعاصمتها القدس الشريف.
ترحب مملكة البحرين بالتطورات الإيجابية التي حدثت في العراق مؤخراً متمثلة في انتخاب جمعية وطنية وتشكيل حكومة عراقية دائمة، كما ترحب المملكة بالخطوات التي اتخذتها الحكومة العراقية من أجل تحقيق المصالحة الوطنية والوفاق وترسيخ الأمن والاستقرار والحوار بين كافة أبنائه، وتأمل في أن تؤدي المصالحة الوطنية التي تبنتها الحكومة العراقية إلى وقف أعمال العنف وقتل المدنيين الأبرياء واستعادة الاستقرار والحفاظ على وحدة العراق وتماسكه بنبذ العنف والتصدي لموجات القتل ورفض تيارات العصبية والطائفية من أجل إقامة عراق جديد آمن وموحد ينعم بالحرية والديمقراطية وسيادة القانون ويرتبط بعلاقات أخوية مع محيطه العربي والإسلامي وينهض بمسؤولياته والتزاماته الدولية. ولا شك في أن ما تقوم به دول جوار العراق من دور محوري وهام يدعّم جهوده في هذا الاتجاه، من خلال التعاون معه لضبط حدوده ومساندته واحترام سيادته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
تتطلع مملكة البحرين مع شقيقاتها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتسوية النـزاع بين دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة والجمهورية الإسلامية الإيرانية حول الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى إما عن طريق المفاوضات أو بإحالة النـزاع لمحكمة العدل الدولية للبت فيه.
وفي إطار الح
إقرأ أيضا لـ "الشيخ خالد بن احمد"العدد 1478 - الجمعة 22 سبتمبر 2006م الموافق 28 شعبان 1427هـ