العدد 1477 - الخميس 21 سبتمبر 2006م الموافق 27 شعبان 1427هـ

مقاطعة أمس ومشاركة اليوم

محمد نصيف comments [at] alwasatnews.com

.

بعض الأفراد من ذوي الاتجاهات السياسية المختلفة في الساحة البحرينية يتراشقون هذه الأيام الاتهامات، بخصوص مسألة الصواب والخطأ في مقاطعة انتخابات البرلمان المنتهية مدته والاستعداد للمشاركة في الانتخابات المقبلة... بعض هؤلاء ذهب بعيداً في تخطئتهم للمقاطعين إلى حد مطالبتهم باعتذار علني للشعب، وأظن أن مطالبتهم هذه تأتي ضمن نظرة مصلحية ضيقة أكثر من كونها نقداً ذاتياً موضوعياً لتجربة البحرين البرلمانية في أعوامها الأربعة الماضية.

كان للمقاطعين رأيهم الذي أعتقد أنه كان صائباً، فقد استندوا إلى الأرضية القانونية والأخلاقية لما اتفق عليه في ميثاق العمل الوطني، وسجلوا بمقاطعتهم موقفاً تاريخياً أثر إيجابياً في الوعي الشعبي العام بخطورة التعديلات الدستورية التي تمت من جانب واحد دون أخذ رأي الناس في الركيزة الأساسية لحياتهم السياسية والحقوقية بصورة عامة وهو الدستور. وهذا الموقف باعتقادي كان ضرورياً لتشخيص الضرر الذي أصاب التجربة الإصلاحية وما قد ينجم عنه من تداعيات سلبية على المستقبل السياسي للبحرين برمته. فبعد أن شاركت الغالبية الساحقة من الشعب في التصويت إيجابياً على الميثاق وشاعت حال من التفاؤل والارتياح نتيجة مناقشة مخلصة وعميقة لثلة من الوطنيين المحنكين الذين حرصوا على أن يخرج الميثاق بأكبر قدر من التوازن وأقل قدر من الغموض وخصوصاً في بنوده الجوهرية التي حددت الصلاحيات الممنوحة لكلا المجلسين، لم تستطع قوى المعارضة السياسية أن تعدل ما رأته انحرافاً أساسياً ومضت التجربة في سبيلها، كما أرادت الحكومة وشغلت الكراسي في غالبيتها بأناس لم يكونوا حتى الأمس القريب مريدي ديمقراطية أو برلمان. لذلك، لم تنتج التجربة خيراً كثيراً مع الأسف، وتحولت إلى ما يشبه الديكور، وأصبحنا نخاف من اتساع خيبة الأمل من التجربة البرلمانية والاعتقاد بعدم جدواها. لذلك كان للمقاطعين موقف صائب لا غبار عليه فعبّروا عما أملاه عليهم ضميرهم.

مع كل ذلك، الخيارات المتوافرة كانت محدودة جداً، فإما الاستمرار في المقاطعة وتصعيد احتجاجات الشارع ما قد يؤدي إلى انفلات أمني وتوتر وعدم استقرار سياسي واقتصادي وخسارة وطنية للجميع، أو الصبر على البلاء والمشاركة مع حق الاعتراض السلمي وضمن الأطر الديمقراطية على التعديلات الدستورية والمطالبة بتغيير بنود الدستور وفقاً للإرادة الشعبية، والاستفادة من البرلمان بتركيبته الراهنة كمنبر مهم لطرح المطالب الشعبية والتأكد من احترام الحقوق الأساسية لجميع فئات الشعب التي ضمنها الدستور وخصوصاً المتعلقة بالمساواة التامة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وكيفية توزيع الثروة.

إن الوصول إلى خيار المشاركة من قبل التحالف الرباعي لهو رصيد أخلاقي يضاف إلى ما لهم من احترام وتقدير شعبي، وهو في الوقت نفسه خيار بالغ الصعوبة، إذ سينكشف الغطاء عن أسماء البعض بعد أن ترى حجمها الحقيقي في الواقع الشعبي، حينها سنرى كيف ستتصرف، أما الوفاق، العمود الفقري للمعارضة، فعليها أن تُثبت أنها البديل الصالح لكل ما رأيناه بالتجربة السابقة إن على مستوى برنامج الكتل أو المسلكيات الشخصية وإتقان فن اللعبة البرلمانية مع التمسك بالمبادئ. قرار المشاركة لا شك صحيح وقد يكون أصعب من المقاطعة... والعمل السلمي العلني الصريح أفضل بما لا يُقاس مما عداه في أوضاعنا الراهنة ويتطلب قدراً أكبر من الصبر والثبات على الحق، لأن التحدي كبير وإغراءات المال والأضواء والحصانة البرلمانية قوة لا تُقاوم. وأخيراً، الناس لا ترحم خصوصاً أنها ملّت الشعارات والوعود ودفعت أثماناً باهظة علها ترى بصيصاً من الحياة السعيدة الموعودة

العدد 1477 - الخميس 21 سبتمبر 2006م الموافق 27 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً