ذكرته من قبل وسأذكره مرة أخرى: الاقتصاد النشط والمتقدم من دون معنى إذا لم يتواجد فيه الفن. فكلاهما مكمل للآخر، وبما أن الإبداع أساس التفوق الاقتصادي والتطور، لا مصدر أفضل للإبداع من الفن بجميع أشكاله وأنواعه. وإذا لاحظنا الدول المتقدمة والمتطورة، سنجد بأن الفن لا يتأخر، ودائماً في الطليعة بقدر ما يكون الاقتصاد في الطليعة. مجرد زيارة للندن أو نيويورك سيتبين لك ذلك عبر مراكز الفن المتواجدة بقرب مباني المصارف ودور المال والأعمال.
طرح حديثاً كتاب الروائي البحريني علي السعيد «لحظات»، أو Moments. ويذكر أن السعيد أول روائي بحريني يكتب باللغة الإنجليزية، ويثابر على نشاط الكتابة في القصة القصيرة، والرواية وحتى سيناريوهات الأفلام.
قد لا يكون السعيد رجل أعمال أو طبيب أو وزير، لكن ثقله على الأمد الطويل في المجتمع والاقتصاد يفوق الكثير من أصحاب النفوذ. فهو ميسر وممهد للطريق. قد لا يحرك الأموال الضخمة بين بلدنا والبلدان الأخرى، لكن يزرع السعيد بذور مستقبل يمتلكه الخيال والتطلع والمغامرة أكثر من أي شيء آخر. ولدينا في البحرين عدد لا بأس به من أمثال السعيد.
من الكتاب إلى الموسيقيين والرسامين، في البحرين مواهب وعقول يمكنها أن تبني قطاعاً اقتصادياً - فنياً بأكمله. لكن حبذا لو زاد التشجيع من قبل المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص وإنشاء برامج ومراكز لتطوير المواهب، وشركات لاقبتاس المواهب لمشروعات تجارية - فنية. فعلى سبيل المثال، أسست هذا العام شركة بحرينية لإنتاج الأفلام من قبل مجموعة رجال أعمال بحرينيين. ولقد أنتجت الشركة أول أفلامها من إخراج بسام الذوادي.
أتمنى أن يأتي اليوم الذي «يتلعلع» فيه اسم البحرين في مهرجانات السينما العالمية، واليوم الذي يمكنني أن أقول لأجيال المستقبل بأن هناك لا فرق بين كاتب وطبيب في بلدنا، لأن كليهما يعملان على تحسين وضع البلد ويحظيان بتشجيع كافٍ من قبل الدولة والشعب. لكن لا يأتي المستقبل لوحده، فنحن علينا أن نبنيه ونساهم في بنائه. مهما كنا؛ رجال أعمال أو ربات منزل، لنشجع القطاع الفني في البلد، ونرحب بكل من يريد أن يساهم.
قد يكون المشوار طويلاً وصعباً حتى يمكننا أن نفتخر بإنتاجنا الفني على مستوى عالمي، لكن على رغم ذلك، فلابد أن نبدأ بأسرع وقت ممكن. وأن ننتهز فرصة التقنية الفنية والإنتاجية التي أصبحت في متناول الكثير لتنفيذ رؤيتنا الفنية.
ففي نهاية الأمر، الفن أفضل طريقة لأن نتصل بالثقافات والأجناس المختلفة وزيادة الفهم بيننا وبينهم. فقد تكون الاتفاقات التجارية، والمراكز الحرة ميسرة للحركة الاستثمارية، لكن من الجانب البشري والإنساني، يبدأ التفاهم بكلمة كاتب، ريشة رسام، نغمة ملحن، أو نظرة مخرج
العدد 1475 - الثلثاء 19 سبتمبر 2006م الموافق 25 شعبان 1427هـ