العدد 1474 - الإثنين 18 سبتمبر 2006م الموافق 24 شعبان 1427هـ

توليد الطاقة بدلاً من حصادها

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بحصافة متناهية اختار توماس فريدمان عنواناً مثيراً لعموده في صحيفة «نيويورك تايمز» في رسالته التي بعث بها من ساوبولو من البرازيل. لقد أطلق فريدمان على مقاله عنوان «حصاد الطاقة». ولكي نعرف مغزى مثل هذا العنوان المثير، لابد من إلقاء الضوء على ما جاء في تلك الرسالة.

يتناول فريدمان إمكان البحث عن بدائل للطاقة التي بات تأمينها مكلفاً جراء - بحسب قول فريدمان - الارتفاع المستمر في أسعار النفط التي تجاوزت الـ 70 دولاراً للبرميل. ويرى فريدمان أن أحد البدائل الواعدة وغير المكلفة هو الإيثانول (ethanol).

ويعود فريدمان في مقاله إلى هزة النفط الأولى في السبعينات عندما قفزت الأسعار من دولارين للبرميل الواحد إلى ما يربو على 18 دولاراً. ويعتقد أنه منذ ذلك التاريخ بدأت الكثير في مناطق مختلفة من العالم في البحث عن بديل أقل كلفة. واليوم، يقول فريدمان، بينما تبلغ كلفة طاقة تسيير السيارات 4 دولارات للغالون، لا تتعدى كلفة غالون الإيثانول دولارين. باختصار يؤكد فريدمان ان استخدام الإيثانول سيوفر ما لا يقل عن 30 في المئة من كلفة الاستمرار في استخدام النفط كمصدر للطاقة لتسيير المركبات.

ويتحسر فريدمان على المواطن الأميركي الذي ليس بوسعه أن يستخدم - حالياً - الإيثانول كوقود للسيارت لأنه غير متوافر إلا في 700 محطة في الولايات المتحدة، في حين ينعم البرازيليون بتوافره في 34 ألف محطة منتشرة في مدن وقرى البرازيل كافة.

ويدعو فريدمان قراءه إلى التمعن في الطاقة التي يمكن استخراجها من قصب السكر: الأولى هي الإيثانول والسكر، والثانية هي الطاقة الكهربائية، وهذه الأخيرة يمكن مضاعفتها عند استخدام تقنيات أكثر تطوراً في المعالجة والتصفية.

خلاصة ما جاء في مقال فريدمان، هو ان العالم قد بدأ مسيرة استخدام بدائل للطاقة النفطية وعلى نطاق واسع، وفي مختلف جوانب الحياة، وان وصوله إليها وتعميم استخدامها بات وشيكاً.

ويعزز فريدمان مقولته تلك بمقتطف من أقوال وزير النفط السعودي السابق أحمد زكي اليماني كان يكرره على مسمع أقرانه من وزراء النفط والطاقة خلال اجتماعات الأوبك في السبعينات. حينها كان اليماني يقول: «تذكروا أن نهاية العصر الحجري لم تكن جراء ندرة الأحجار، بقدر ما كانت قدرة الإنسان على إيجاد بدائل بها» والمقصود هنا ان انتقال الإنسان من العصر الحجري إلى العصر البرونزي أو عصر المعادن، كان جراء اكتشاف الإنسان أن المعادن أكثر سهولة في المعالجة وأقل كلفة وأكثر كفاءة في صنع الأدوات التي كان الإنسان بحاجة إليها سواء كأسلحة للصيد أم أدوات في المنزل.

من المتوقع ان يشكك البعض في خلفية فريدمان ونواياه، لكن ذلك ليس بيت القصيد. ما يهمنا هنا هو السؤال الذي ينبغي أن نضعه أمام أعيننا عندما يحدث التحول نحو البدائل. هل نحن جاهزون لمرحلة الطاقة غير النفطية؟ والمقصود هنا هو:

أولاً: هل نجحنا في بناء صناعة نفطية متطورة قادرة على توليد منتجات جديدة وقيمة إضافية جديدة تجعل النفط مولدا لمصادر دخل أخرى لا تنضب، ولا يمكن الاستغناء عنها.

ثانياً: هل وضعنا في الحسبان إمكان الاستفادة من السيولة النقدية التي تراكمت من دخول النفط في السنوات الماضية كي نستخدمها عندما تحين الحاجة لها؟

وإذا كان ما قصده فريدمان من عنونة مقاله «حصاد الطاقة» هو أن يكون حصاد الزراعة مصدراً من مصادر توليد الطاقة، فبوسعنا أن نعنون سياستنا النفطية بـ «توليد الطاقة» قاصدين من وراء ذلك أن نولد من مصادر الطاقة التي نملكها، وتحديداً النفط، مصادر دخل أخرى لا يستطيع الآخرون توليدها، ولا يستطيعون الاستغناء عن منتجاتها أو الخدمات التي تخلقها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1474 - الإثنين 18 سبتمبر 2006م الموافق 24 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً