العدد 147 - الخميس 30 يناير 2003م الموافق 27 ذي القعدة 1423هـ

الجمعيات الشبابية

خليل عبدعلي خليل comments [at] alwasatnews.com

تأسيس الجمعيات الشبابية التي تُعنى بشئون وقضايا الشباب في البحرين، حين قامت بإشهارها وزارة العمل والشئون الاجتماعية في مايو/أيار من العام الماضي، يعتبر نقلة نوعية على مستوى العمل الشبابي، وأحد الروافد الرئيسية لتفعيل قضايا فئة كبيرة ونشطة في المجتمع، لها ثقلها ودورها الحيوي في عمليات التغيير والتنمية والبناء. وطيلة سنوات كثيرة لم يكن للشباب كيان مستقل يعبر عن ذاته بانطلاق وحرية، وعمل شبابي لا يفرض عليه توجها أو صبغة معينة، اذ يقوم الشباب الآن بوضع برامجهم وانتقاء الموضوعات التي هم بحاجة إليها، واستضافة المختصين المعنيين بذلك، واقامة الفعاليات الثقافية والاجتماعية، ويعيشون أجواءهم الخاصة.

وملف الجمعيات الشبابية مليء بالكثير من الإشكالات والهواجس والرؤى، وهو أمر طبيعي بحكم أية مرحلة وولادة جديدة لأية مشروع، ولابد من مناقشة الموضوعات التي تحيط بعمل هذه المؤسسات الشبابية من أجل تطويرها واثراء تجربتها. أولى هذه الإشكالات تتعلق بمسألة تمثيل الجمعيات الشبابية لقطاع الشباب في المجتمع، وقدرتها ان تتفاعل مع شئونهم وقضاياهم. هل هذه الجمعيات تمثل قاعدة عريضة من الشباب تتجاوز المئات؟ أم مجرد مجموعة صغيرة لا يتجاوز أفرادها الخمسين أو المئة على أبعد تقدير، تقوم بتكوين جمعية وتتحدث باسم الشباب وتقيم الفعاليات؟ والملاحظ أنه مع تبلور الحركة الشبابية في البحرين، اتجهت الجمعيات إلى الانطلاق والعمل من المدينة وتحوي شبابا من مختلف التيارات والتوجهات بحكم الاندماج الذي تفرزه أجواء المدن وتقبل وجود ثقافات مختلفة. بينما الشباب في القرى وبها كتلة كبيرة من شباب الشيعة المحافظين، لم يبادروا حتى الآن بتشكيل تجمع يمثلهم، ويعلنون من خلاله مواقفهم وتوجهاتهم، وانما هناك اكتفاء باللجان الشبابية التابعة للجمعيات السياسية. وبرأيي ان قاعدة الجمعيات الشبابية ستتسع أكثر مع مررو الوقت، وستأخذ حجما ودورا أكبر في المجتمع، وستزول التجمعات الصغيرة التي لا تنشط إلا في المناسبات أو لتبين أنها مازالت موجودة.

الإشكالية الأكثر تعقيدا في ملف الجمعيات الشبابية، هي مسألة الاستقلالية وعدم التبعية لأية جهة ما في المجتمع. فقد رأى البعض أن الجمعيات الشبابية ما هي إلا جمعيات تابعة ايديولوجيا وفكريا للجمعيات السياسية الأم، وبمثابة «اللجان الكبيرة» التي تضخمت وتسعى لتحقيق أهداف ما بدأه الكبار وبطريقة «ذكية». وقد ثار جدل وما يزال على هذه النقطة، ويؤكد في كل مرة أعضاء الجمعيات الشبابية أنهم «مستقلون ويمثلون أنفسهم». ليس هناك ما يمنع أن يشتغل الشباب في السياسة، ويبدون رأيهم وموقفهم تجاه أي حادث أو موقف، ويتعاطون معه مثله مثل أي قضية أخرى من قضايا الشأن العام، وقد كفل لهم الدستور هذا الحق. وليس عيبا أو يدعو إلى التهكم أن تقوم جمعية شبابية بإعلان انتمائها الايديولوجي والفكري إلى جمعية أخرى، وأنها تلقت دعما ماديا من جهة معينة، ولكن العيب أن يحدث ذلك من خلف الكواليس، ومن دون علم الأعضاء أنفسهم، واستغفال الشباب الذين جاءوا بحسن نية للاشتراك في الجمعية من دون أن يعلموا بوجود «طبخات جاهزة». الشفافية هنا مطلوبة في العمل الشبابي، وعلى الذين يريدون أن يقوموا بتوجيه وتسييس الشباب أن يعلنوا عن ذلك في المحافل العامة، وسيزيد احترامنا لهم.

نقطة أخرى أيضا متعلقة بمسألة إدراج الجمعيات الشبابية ضمن نظام الجمعيات التابع لوزارة العمل والشئون الاجتماعية، والتي يفضلها البعض أن تكون تحت مظلة المؤسسة العامة للشباب والرياضة بحكم الاختصاص. وهي نقطة جديرة بالمناقشة والبحث، إذ من الأولى أن تقوم الجهات المسئولة عن الشباب في الدولة بتبني هذه الجمعيات ودعمها وتوفير الأرضية المناسبة لعملها، وسيحقق ذلك الأهداف المرجوة وتناغمها مع ما يصبو اليه الشباب سواء من ناحية تنظيم الفعاليات المحلية والخارجية، أو تجاوز العقبات التي تعرقل من عطاء الشباب وأهمها الدعم المالي والاعلامي.

ملف الجمعيات الشبابية لا يتوقف عند هذا الحد، وهو بحاجة إلى فتح ومكاشفة بين الشباب أنفسهم والمهتمين والمسئولين في الدولة، ومعالجة المواضيع المهمة التي تعزز وتدعم من مكانة الشباب في المملكة

العدد 147 - الخميس 30 يناير 2003م الموافق 27 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً