في حوار مقتضب مع أحد الخبراء العسكريين النوويين تعرض الحديث عن مدى سلامة المفاعلات النووية للاستخدام السلمي، مثل مفاعل تشرنوبيل، أشار إلى حديث رئيس البرنامج النووي في روسيا الذي قال آنذاك في رسالته للصحافة «ان الضرر على الفرد الروسي من تدخين سيجارة يعادل التعرض للإشعاع عندما يكون بالقرب من مفاعل تشرنوبيل، وكذلك قال ان مشاهدة التلفزيون ضررها أكثر بكثير من ضرر المفاعل. هذا الحديث جعل الروس وأهالي أوكرانيا في سكرة وفي نشوة الحصول على طاقة كهربائية من دون أي ضرر بيئي، ولكن بعد سنتين حدث الخلل في جهاز تبريد مفاعل تشرنوبيل ( كان يسمى مفخرة روسيا النووية) وحلت الكارثة على تشرنوبيل وكييف و90 في المئة من أوروبا، ومات الآلاف وتم تهجير الملايين وتشوه وسيتشوه عشرات الملايين!». هذا الأمر يذكرنا بتصريحات المسئولين النوويين في إيران، وربما لهذا السبب صدرت توصية من وزراء الخارجية العرب بتشجيع استغلال الطاقة النووية للاستخدامات النووية، لكن أتمنى أن يكون المقصود هو الولوج من الآن في مشروع المفاعل العالمي الذي يعمل بمبدأ الاندماج النووي (نفس مبدأ إصدار النجوم)، إذ قام الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وأميركا وكوريا باختيار موقع كاداراش الفرنسي في اقليم مفاعل يعمل بمبدأ إصدار النجوم نفسه (وشمسنا هي أحدها) للطاقة الإشعاعية و الحرارية الصادرة عنها. وقد قام الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وأميركا وكوريا باختيار موقع كاداراش الفرنسي في أقليم بوش - دو - رون لإقامة مشروع مفاعل حراري نووي اختباري، وتم تدشين الموقع رسميا في 30 يونيو/ حزيران 2005.
الإشعاع النووي والطاقة النووية شكلا معا موضوعا معقدا جدا وشائكا؛ فعلماء الطاقة النووية أمضوا أعمارهم في البحث في هذا المجال من أجل فهم هذه العلاقة والوصول إلى قرار يريح الشعوب باستغلال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء، إن كانت تعاني من شح في مصادر إنتاج الطاقة. ومع إنشاء أول مفاعل نووي في أميركا في 2 ديسمبر/ كانون الثاني 1942 استبشر الناس خيراً بولود تقنية تولد الكهرباء، وبدأت الدول الصناعية في انتاج المفاعلات النووية، عززها ورغبها في ذلك حب تملك القوة والردع، وخصوصا بعد إلقاء قنبلتي هورشيما وناجازاكي. ولكن، وعلى رغم ضمانات العلماء النوويين بشأن السلامة والكمالية في تلك المفاعلات، فقد وقعت حادثة ثري مايل آيلاند في 28 مارس/ آذار 1979 في بنسلفينيا عندما كاد أن ينصهر الوقود النووي بسبب خلل في جهاز التبريد بالإضافة إلى خطأ أحد العمال التقنيين، وبعدها ببضعة أشهر وقعت حادثة عنيفة في شيرشك روك في نيومكسيكو إذ انفجر وانهار سد كان يحجز المخلفات النووية السائلة وأكثر من 1000 طن من المخلفات النووية الصلبة في نهر بيوريكو الصغير، ولكن صداها لم يكن مدويا لكون الحادث في منطقة معزولة من القارة الأميركية، ومنذ ذلك الوقت أعتقد شخصيا أنه لم تتجرأ أميركا على بناء مفاعلات جديدة نظرا إلى المعارضة الشعبية مؤكدا ذلك أن المواطنين الأميركيين لم يطالبوا حكومتهم بالحل النووي عندما قطعت المملكة العربية السعودية إمداداتها النفطية فترة طويلة عن أميركا في السبعينات؛ وكأنهم يقولون فقر الكهرباء وعجز التصنيع أرحم من التشرد والهجرة من البلاد بسبب الكوارث النووية المحتملة؛ فالعاقل هو الذي يتعلم من الدروس والعبر!
أما بريطانيا فقد عانت هي الأخرى من حادثة نووية في العام 1986 إذ تسرب 15 طنا من غاز ثاني أكسيد الكربون المشع إلى الجو من أحد المفاعلات في ويلز.
أما الطعنة الكبرى للتقنية النووية فهي حادثة تشرنوبيل التي وقع فيها آلاف القتلى وملايين المشوهين! لقد كان هذا المفاعل ( من أصل أربعة) هو فخر الصناعة النووية الروسية، ولكن لم يدم إلا سنتين! وللأسف كشف الإشعاع عند تسربه من المفاعل الروسي هذا تقنيان سويديان كانا في السويد قبل يومين من الكارثة! تلك دول ذات خبرة وممارسة في التقنية النووية فكيف سيكون الحال في دولة مبتدئه نسبيا (مثل إيران) تحاول القفز قبل المشي في المشوار النووي؟ فهل يمكننا الاطمئنان من دون أن نتوجس من أي كارثة نووية في مفاعلها، ذلك المفاعل القريب منا حقا؟!
وتشير المراجع إلى ان عدد الكوارث النووية الكبيرة هي 6 حدثت في 12 ابريل/ نيسان 1952 في كندا (انصهار جزئي لوقود اليورانيوم في قلب المفاعل بسبب رفع خاطئ لقضبان التحكم)، وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 1957 في شمال ليفربول في بريطانيا (اندلاع نيران مفاعل يبرد بالغرانيت ملوثا بذلك 200 ميل مربع! وآخر في روسيا شمال جبال الأورال (انفجار في مصنع إنتاج القنابل من المخلفات النووية، إذ تم تهجير 10 آلاف شخص)، وفي 28 مارس 1979 في ثري مايل آيلاند في أميركا، وفي 26 ابريل 1986 في تشرنوبيل بالقرب من كييف في أوكرانيا (امتد الإشعاع النووي إلى كل دول الاتحاد السوفياتي وشرق أوروبا والدول الإسكندنافية وغرب أوروبا)، وفي 18 سبتمبر/ أيلول 1987 في قوانيا في البرازيل (تلوث 244 شخصاً بمادة السيزيوم - 137 لعلاج السرطان والاضطرار إلى تدمير قرية كاملة)، وفي 9 أغسطس/ آب 2004 في ميهاما في اليابان (تسرب غاز غير مشع من مفاعل نووي قتل 4 أشخاص وأحرق 7 آخرين وانحبس السكان في بيوتهم نحو 4 أيام).
إن من حق الدول أن تختار ما تريد من مصادر الطاقة والتقنية ولكن من حق من يجاورها أن يتوجس ويتهيأ ويحتاط ويعارض إن كان في ذلك ضرر محتمل عليه. حاليا يتوجس بعض المواطنين من التصويت الإلكتروني في الانتخابات - خشية التوغل الخارجي من الهاكرس في شبكة الحاسوب وحدوث ما لا يحمد عقباه، على رغم أن مشغل ومبتكره هذا النظام من أبناء هذه الدولة، وليس هناك ضرر جسدي - فكيف لا نتوجس من كارثة نووية قد تزيحنا من الخريطة، وقد تبقينا بلا مأوى ومسكن وذكريات، من جراء تشغيل مفاعل نووي إيراني، بزعم إنتاج الكهرباء، إذ يطل على الخليج العربي مباشرة ويقابل دول الخليج ويبعد عنها حوالي 200 كم - في المتوسط - وخصوصا ان هذا المشروع ليس له ما يبرره؛ فالشقيقة إيران الإسلامية ليست فقيرة في مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية وإنما هي تزخر بالنفط والغاز؛ فهي رابع منتج للنفط عالميا (4 ملايين برميل سنويا - أي تأتي بعد السعودية وروسيا وأميركا) و لديها مخزون نفطي يساوي 8. 125 مليون برميل (المرتبة الثالثة عالميا؛ بعد السعودية وكندا) ولديها مخزون هائل من الغاز الطبيعي (940 تريليون قدم مكعب - أي الثانية عالميّاً بعد روسيا).
والسؤال الذي يطرح نفسه هو لو أن تقنية إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية خالية من المخاطر وآمنة كليا فلماذا بلغت نسبة استغلال تلك الطاقة في أميركا 18 في المئة فقط من مجمل إنتاج الكهرباء؟ ولماذا في بريطانيا 20 في المئة؟ وألمانيا 25 في المئة؟! والجواب طبعا هو توقف هذا البرنامج بعد كوارث وحوادث نووية شديدة التأثير على الفرد والبيئة، فهذه الدول منتجة لتقنية الطاقة النووية ومن رواد تلك التقنية. بل توجهوا بالسؤال إلى ألمانيا عن سبب اتخاذها قراراً بتفكيك 19 مفاعلا بكلفة مليارات الدولارات.
نحن مواطني الخليج شديدو القلق من مفاعل أبو شهر النووي الإيراني الذي يطل علينا كملك الموت ربما يختارنا في أي لحظة من دون مبرر يستدعي ذلك، وخصوصا ان الشفافية غائبة كليا، إذ إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تستطع خلال سنتين أو أكثر من الزيارات المتكررة أن تكشف قدرة إيران على التخصيب ولا على إنتاج الماء الثقيل فكيف يكون الحال معنا؟
المخاطر الأساسية المحتملة للمفاعلات النووية الإيرانية على دول الخليج العربية
1- إذا حدث خطأ فني أو إهمال في التشغيل والصيانة - علما بأن ذلك غير مستبعد لنقصان الخبرة عند الإيرانيين في هذا المجال (مثل رفع كل قضبان التحكم إلى مستوى عال في المفاعل الروسي RBMK الذي يربط بين تبريد الماء في المفاعل مع المعدل الجرافيتي) - سيتسبب في ارتفاع عال في بخار الماء في لب المفاعل لدرجة حرجة يتسبب عن ذلك عدم القدرة على إغلاق المفاعل ما سيؤدي إلى انصهار اليورانيوم - وهذا سيؤدي إلى:
أ- انفجار المفاعل بسبب تحرر غاز الهيدروجين من تعطل المحفزات من الماء فائق الحرارة. هذا بدوره سينسف سقف المفاعل وسيتسبب في احتراق قضبان معدلات الجرافيت.
ب- وسيمكث الحريق 10 أيام مع انطلاق مواد مشعة عالية.
ج- ستنتشر هذه المواد المشعة في الهواء وستجلبها الرياح، إذ بعضها سيهبط على الأرض - مثل البلوتونيوم طويل الإشعاعية - على مسافة 30 كم من أبوشهر (أي في الخليج) أما السيزيوم واليود فسيتكثفان على الهباء الجوي ليصلا إلى كل الخليج حتى حدود اليمن أو مصر!
2- بعض النويات المشعة ستطلق كقذيفة بفعل الانفجار لتغطي مساحات شاسعة من الكرة الأرضية! لهذا السبب منعت بريطانيا المواطنين من شرب مياه الأمطار وشرب الحليب الطازج المتضررين.
3- سيتم ترحيل مواطني الخليج من أراضيهم؛ فقد تم ترحيل 90 ألفاً من منطقة تشرنوبيل إلى مناطق تزيد على 100 كم - وهي ليست آمنه تماما إذ الأفضل أن نكون على بعد أكثر من 500 كم - فأين سنذهب؟ ومن سيستضيفنا؟ علما بأنه لا يمكن استخدام الأرض الملوثة إشعاعيا إلا بعد مضي 50 إلى 100 سنة فأين سنبقى؟ ومن سيستضيفنا؟ومتى سنزرع أراضينا ونحلي مياه بحرنا؟
إن إنتاج البلوتونيوم يشكل إحدى اخطر العمليات في العالم بحسب التقديرات فان إنتاج كل كيلوغرام واحد من البلوتونيوم يخلق أيضا 11 لترا من سائل سام ومشع لم يتمكن أحد حتى الآن من شل فاعليته. كما أنه مادة سامة أصلا بالإضافة إلى اشعاعيتها.
4- تأثيرات التلوث الحراري على المصادر المائية:
التأثيرات الطبيعية : الزيادة في درجة حرارة المصدر المائي بحد ذاتها يمكن أن تكون مفيدة أو مضرة بالمصدر وذلك بحسب طبيعة استخدام ذلك الماء الذي تقل فائدته لأغراض التبريد الصناعية في حين يقلل من كمية الكيماويات المستخدمة لتصفية هذه المياه في محطات التحلية كما يؤثر ارتفاع درجة حرارة الماء على كل خصائصه الطبيعية كالكثافة والشد السطحي وذوبان الغازات في الماء واللزوجة وغيرها. ويعد تأثير ذوبان الأكسجين بارتفاع درجة الحرارة عاملا حيويا للمصادر المائية إذ إن الأكسجين مهم لكل الأحياء المائية، فعندما ترتفع حرارة الماء من صفر م إلى 30 م فإن ذوبان الأكسجين يقل من 14,6 إلى 7,6 ملغرامات /لتر من الأكسجين.
التأثيرات الكيماوية: تعتمد سرعة التفاعل الكيماوي أو البيوكيماوي على عدة عوامل من أهمها درجة الحرارة وعموماً العموم فإن سرعة التفاعل تتضاعف كل عشر درجات مئوية.
التأثيرات البيولوجية: يؤثر طرح المياه الساخنة على المنظومات البيولوجية الموجودة في المصدر المائي عن طريق اتلاف التركيب البروتيني للكائنات الحية. لذلك فإن تعرض الأحياء لحرارة عالية سيؤدي إلى تغيرات في معدلات التكاثر والتنفس والنمو وقد يؤدي إلى موت هذه الأحياء ويتناسب هذا التأثير مع مقدار الزيادة في درجة الحرارة وفترة التعرض لهذه الحرارة. ويؤدي ارتفاع درجة حرارة الماء فوق (32) درجة مئوية إلى نقصان عدد الأحياء القاعية ومن الملاحظ أن الأحياء كاملة النمو أكثر تحملاً للفروق الحرارية من بعض صغار تلك الأحياء أو يرقاتها.
5- تلوث مياه الشرب في الخليج وربما نشوب حرب مياه!
يعتبر الخليج المورد الرئيسي لمياه الشرب (المحلاة) لجميع الدول المطلة عليه، كما يعد من أكثر خلجان العالم تلوثا إذ تمر فيه المئات من ناقلات النفط يوميا حاملة ما يقارب 15 مليون برميل من النفط، وتطل عليه الكثير من المصافي والمصانع النفطية التي لا تنطبق عليها أبسط الشروط البيئية يضاف إلى ذلك بطء تجديد الخليج لمياهه التي تحدث كل ثلاث سنوات في أفضل الأحوال؛ فهل تتسبب إيران بمفاعلها النووي بإشعال فتيل حروب المياه بين دول المنطقة لتأمين حاجة شعوبها من المياه بعد أن لوثت إيران مياه الخليج بالإشعاع؟
6- موت الأسماك والروبيان وتلف الياقوت والمرجان!
7- الحرمان من الوطن، فقد تحولت المدينة التي فخرت يوميا باحتضان مفاعل شرنوبل إلى مدينة أشباح لا يمكن العيش فيها إلا بعد 50 سنة من بعد الكارثة! وعلى رغم أنه مر 20 عاما على حادث تشرنوبل مازالت المدينة خاوية على عروشها ومهجورة وقذرة نوويا.
8- استنشاق هواء نووي: تهب رياح الشرق على البحرين والخليج العربي نحو 20 في المئة خلال السنة! هذه الرياح ستجلب معها إشعاعا نوويا! سنستنشق جسيمات ألفا وبيتا وجاما ونيوترينو و...!
9- حروب الحصول على اليورانيوم : هناك اعتقاد أن المفاعل الإسرائيلي استهلك خلال الثلاثين عاما الأخيرة 1400 طن من اليورانيوم الخام. وكان هذا اليورانيوم يستورد من الخارج نظرا إلى أن ما يوجد في صحراء النقب منه لا يكفي لحاجة المفاعل. وقد جاءت غالبية شحنات اليورانيوم من جنوب إفريقيا (75 في المئة) ومن النيجر والغابون وجمهورية إفريقيا الوسطى والأرجنتين.
10- التوجه من السلم إلى الحرب والسيطرة: «إسرائيل» تنتج ما يقارب 40 كغم من البلوتونيوم سنويا ما يدل على أن قوة تشغيل المفاعل قد تصل إلى 150 ميغاوات MW. ويقدر الخبراء الأجانب أن «إسرائيل» تمتلك شحنات تكفي لما بين 100-200 رأس نووي لصواريخ طويلة المدى.
11- غياب كلي للنظام البيئي والأيكولوجي.
12- تأثر أجسامنا بالاشعاعات النووية :عندما يتعرض أي كائن حي إلى الاشعاعات النووية يحدث تأينا للذرات المكونة لجزيئات الجسم البشري ما يؤدي إلى دمار هذه الانسجة وهو ما يهدد حياة الانسان بالخطر. وتعتمد درجة الخطورة الناتجة من هذة الاشعاعات على عدة عوامل منها نوعها وكمية الطاقة الناتجة عنها وزمن التعرض.
13- خلق اختلال في دورة الحياة البيئية في دول الخليج العربي.
14- أمراض غريبة على أطبائنا (سرطان الغدة الدرقية): يقاس النشاط الاشعاعي للنفايات بما يعرف بالكوري، وهو النشاط الاشعاعي الذي ينتج من جرام واحد من عنصر الراديوم 226. ومن الأمراض التي تصيب الإنسان نتيجة للتعرض للملوثات الإشعاعية الصادرة عن المحطات النووية في حال نجاته من الموت الفوري :
oسرطان الدم.
oسرطان الغدة الدرقية.
oالتشوهات الخلقية.
oأمراض الدم.
oأمراض الجلد.
oأمراض النخاع العظمي.
oأمراض الجهاز العصبي.
oأمراض الجهاز التنفسي.
15- حالات تشوه وحالات اضطرابات نفسية في المهجر! كما تشير التقارير إلى أن ضحايا شرنوبل بسبب هطول المواد المشعة على دول كثيرة من العالم يقارب 700 ألف حال من الوفيات المبكرة. وبسبب هطول المواد المشعة على جداول المياه في البلطيق فإن ذلك يعني مزيدا من الضحايا لم يولدو بعد.
وبعد هذا العرض تبقى الأسئلة التالية في حال وقوع كارثة في مفاعل أبوشهر، لا قدر الله: ماذا سنشرب مستقبلا، ماء مشعا أم آسنا!؟ علما بأن المعايير المطبقة في «إسرائيل» لمياه الشرب الآمنة تقضي بعدم تجاوز 0,6 بيكريل في الليتر الواحد للراديوم 226، و0,5 بيكريل للراديوم 228، وهذا سيتم تجاوزه بسهولة حال الكارثة! وماذا سنستنشق! هواء أم جسيمات مشعة؟وماذا سنأكل بروتونات (جسيمات ألفا) أو بروتونات أو بوزوترونات أم نيوترينو!؟ وأين سنسكن؟ ومن سيستعوب 20 مليون خليجي تقريبا!؟ فأرضنا لا يمكن أن نعود إليها إلا بعد 50 إلى 100 (عند حدوث خلل في مفاعلات أبوشهر (جنبنا الله ذلك).
الخطوات المؤمل اتخاذها
1- تحرك برلماني وشعبي خليجي ضد تشغيل هذا المفاعل، فالحكومات لا تستطيع التحرك حيال هذا الأمر بسبب الأرتباطات الدبلوماسية. فإيران نفسها ترفض النداء الدولي بوقف برنامجها النووي بحجة أن البرلمان الممثل للشعب يرفض ذلك! وكلنا نتذكر موقف تركيا عندما رفضت دخول القوات الأميركية أراضيها للعراق في حرب 2004 بحجة قرار البرلمان الذي يمثل الشعب.
2- الطلب من الشقيقة إيران أن تتعامل مع جيرانها بشفافية تامة تجاه هذا المشروع، وعدم التعامل معها مثل تعاملها مع الوكالة الدولية للطاقة، إذ رغم التفتيش فإن جارتنا الشقيقة إيران تطالعنا بمفاجآت مثل نجاح التخصيب وافتتاح مصنع الماء الثقيل وغير ذلك!
3- خلق قاعدة معلومات من الآن عن مستوى الإشعاع في هواء وبحر وأراضي الخليج ومراجعة ذلك كل 3 شهور.
4- كذلك إنشاء منظمة على شاكلة (NIREX)- Nuclear Industry Radioactive Waste Executive كالتي أنشأتها بريطانيا العام 1992.
5- نشر الوعي العلمي والبيئي في المجتمع الخليجي في طرق التعامل مع التسرب النووي والكوارث النووية في المناهج الدراسية، وهنا يجب أن تلعب وسائل الإعلام والجمعيات المهنية والعلمية دورا فاعلا.
6-أن يتخذ وزراء الداخلية في اجتماعهم المرتقب في مملكة البحرين في 10 -11 سبتمبر توصيات تؤمن السلامة لأجيال هذه المنطقة بشأن المفاعل النووي الإيراني وبرنامجها النووي، فهم مسئولون عن أبناء هذه المنطقة مثلما أن إيران لا تستمع إلى النداء الدولي لإيمانها بمستقبل أبنائها!
الخلاصة
إن المنهج الصحيح لتوفير مصادر الطاقة الكهربائية للبلدان هو اللجوء إلى تقنية متقدمة تمنح طاقة كهربائية مستديمة وذلك باستخدام طاقة الشمس والرياح وغيرها من المصادر المتجددة، وهذه الطاقات لا تنفث غازات خطرة وهي آمنة تماما، فهناك محطات لإنتاج الطاقة تستخدم المركزات الشمسيةConcentrating Solar أو يرمز لها بالرمز Power CSP، وهي عبارة عن أطباق مقعرة تعكس أشعة الشمس على انبوب يحمل سائل سريع التبخر ومن ثم ادارة توربين لتوليد الكهرباء، بطاقة من 350 ميغاوات حتى 500، بكلفة لا تتعدى 1500يورولكل كيلووات للحصول على 1000 ميغاوات، بينما للغاز الطبيعي يكون 1300 يورو لكل كيلو وات وللنووي 1700 يورو لكل كيلووات وللرياح 1500 بينما للخلايا الشمسية يصل إلى 4500 يورو لكل كيلو وات.
إن تشييد محطة انتاج كهرباء بطاقة 1000 ميغاوات يمكن أن تكلف 700 إلى 900 مليون دولار بينما للمحطة النووية 6 إلى 8 مليارات دولار رغم مخاطرها، ناهيك عن عدم ضمان الحصول على اليورانيوم الذي يصل سعر الكيلو من المعالج منه إلى 4000 دولار أو أكثر، وفي حال وقوع كارثة فيه فإن الخسائر رهيبة، بل حتى الموقع وما يحيطه حتى 50 كم يجب أن يكون مهجورا غير مأهول لمدة 50 إلى 100 سنة، لهذا السبب أغلقت جنوب إفريقيا مفاعلها وقررت ألمانيا تفكيك 11 من مفاعلها النووية نووي بكلفة عشرات المليارات .
محطة توليد كهربائية تستخدم المركزات الشمسية، تقنية أكثر سلاما من النووية
إن إيران دولة شقيقة إسلامية تربطنا بها أواصر الدين والتجارة، فيجب عليها تفهم هذا الهاجس الخليجي، حتى وإن كان مبالغا فيه، كما تبالغ هي في منح مزايا لمفاعلها وكأنه لا يمكن أبدا أن يتعرض لكارثة، وخصوصا ان إيران - كما أسلفنا سابقا - دولة غنية بمصادر الطاقة المتجددة لإنتاج الطاقة الكهربائية؛ فدخل إيران القومي هو 516 مليار دولار سنويا، وهو يفوق الدخل القومي لجميع دول مجلس التعاون، وهو 492 مليار دولار (البحرين 13 ملياراً، الكويت 48 ملياراً، قطر 20 مليارا، السعودية 310 مليارات، الامارات 64 ملياراً، عمان 38 ملياراً) وإن حجم صادراتها يصل إلى 8 مليارات سنويا (دول الخليج العربي 246 ملياراً).
نتمنى ألا تؤخذ هذه الهواجس بمفاهيم غير التي تضمنتها وأعنتها، ونتمنى أن لا يتم تسييسها؛ ففي بريطانيا الآن جدل واسع وضغط كبير على حكومة بلير للاستقالة لكونها لمحت إلى بناء محطة نووية جديدة - نظرا لنضوب نفط بحر الشمال - وبسبب هذا الضغط تراجعت الحكومة عن ذلك بعد حدوث الكثير من المساجلات والملاسنات في البرلمان وفي الجمعيات العلمية والسياسية- وهذا حدث في البلد الواحد الذي حدوده وبرامجه مفتوحة للمواطنين، وفي بلد انتج العلم وابتكر الآلات الأساسية وقدم النظريات المهمة للعالم، فكيف بنا أمام دولة أخرى وتفاجئنا وتفاجئ الوكالة العالمية للطاقة الذرية - على رغم التفتيش المتكرر- بإنجازات نووية متقدمة و معقدة نسبيا؟
إقرأ أيضا لـ "وهيب عيسى الناصر"العدد 1467 - الإثنين 11 سبتمبر 2006م الموافق 17 شعبان 1427هـ