العدد 1465 - السبت 09 سبتمبر 2006م الموافق 15 شعبان 1427هـ

من أجل قضية عادلة....

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

لعل كل من يقترب من أي مترشح أو مترشحة في الانتخابات المقبلة، يدرك تماماً أن الهم الرئيسي لكل منهم هو «التمويل». فتجدهم يفكرون في كلف حملاتهم الانتخابية قبل التفكير حتى في البرنامج الانتخابي، أو فريق العمل، أو أي من التفاصيل المهمة الأخرى.

وهو أمر طبيعي، لأن الحملة الانتخابية مكلفة جداً، والتجربة بأكملها تحتاج إلى حسبة دقيقة ومنظمة، وتعتبر هذه الحسبة أكثر أهمية لدى المستقلين والمستقلات، الذين لا تدعمهم جمعيات سياسية أو تيارات معينة، فحاولوا إيجاد بدائل أخرى هنا وهناك.

مترشحاتنا أيضاً كان هاجس التمويل يشغلهن، بشكل طغى أحياناً على هاجس تحديهن لثقافة المجتمع وتمثيل النساء فيه. فصار الهاجس الأول أولى من الثاني، لأنه قد يوفر حلاً سحرياً له. فمع وجود التمويل القوي، يمكن خلق حملة انتخابية قوية، والتي يمكن بدورها أن تؤدي بالمترشحة إلى الفوز، على رغم نظرة المجتمع.

رددت المترشحات في أكثر من محفل حاجتهن للتمويل، الذي طلبنه صراحة من أكثر من جهة، أهمها المجلس الأعلى للمرأة الذي احتضن غالبيتهن منذ البداية عبر برنامجه للتمكين السياسي للمرأة، والذي أعلن أكثر من مرة عدم قدرته على تقديم الدعم المادي المباشر لأنه على اعتبار أنه إجراء «غير قانوني».

مركز للدعم الانتخابي تأسس لخدمة وتدريب المترشحات، برامج وورش تدريبية كانت تحاول تأهيلهن، وتأكيدات مستمرة بتقديم دعم فني لهن، والخاتمة كانت إعلان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن دعمه المادي لتلك المترشحات عبر صندوق خاص ننتظر مثلما تنتظر المترشحات أن تتضح معالمه وتفاصيله في القريب العاجل.

كل هذا الدعم والمساندة والتوجيه يفتح باباً واسعاً للسؤال: لماذا تحصل المرأة على ما لا يحصل عليه الرجل؟ لماذا يتم تمييزها بهذا الشكل المتحيز؟ هي أسئلة مكررة إجاباتها جاهزة ومنطقية، لكن المهم فيها هو أن نقتنع بها لا أن نرميها خلف ظهورنا لنكتفي بالحكم بالظاهر.

الإجابة هي أن المرأة في مجتمعنا كانت أصلاً تعاني التمييز، ومازالت، ولا يمكن لفرد يعاني التمييز أن يتقدم والظروف المحيطة به تحاصره. أما التمييز الإيجابي الحاصل لدعم المترشحات، فما هو إلا أسلوب للقضاء على التمييز الواقع فعلاً على المرأة في المجتمع والذي لا يمكن تجاهله. إنها وسيلة لتحقيق - اللاتمييز - أو العدالة التي لم تكن أصلاً موجودة بين الطرفين، وخصوصاً في المعترك السياسي.

لم تفز المرأة في الانتخابات الماضية على رغم كفاءتها، هذا تمييز يختلف البعض في تحديد مصدره، لكنه في النهاية تمييز. وعلى طريقة «وداوها بالتي كانت هي الداء»، ربما كنا بحاجة إلى تمييز آخر لكي نحل المشكلة، وندخل المرأة السباق مرة أخرى.

يتبقى لنا أن نقول، إن التمييز المادي الذي من المتوقع أن يقدم المرأة، على رغم مشروعيته، يجب أن يحكم بضوابط عادلة، حتى لا ينزلق إلى الفساد الانتخابي والتمييز غير العادل. يجب أن يكون الدعم المادي معقولاً وغير مبالغ فيه، ويجب أن لا يكون انتقائياً، بحيث يحقق العدالة، لأنه جاء من أجل قضية عادلة، لا يجوز أن تعالج بأساليب غير عادلة

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1465 - السبت 09 سبتمبر 2006م الموافق 15 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً