أتوجه اليوم لمخاطبتكم باسم الدول العربية الأعضاء والمراقبة في مؤتمر نزع السلاح وذلك انطلاقا من اهتمام منطقتنا العربية البالغ، والحرص الذي توليه لمسألة نزع السلاح بشكل عام والسلاح النووي بشكل خاص.
وأود بهذه المناسبة أن أهنئ السيد Anton Pinter على توليه رئاسة المؤتمر، وأن أؤكد لكم على تعاوننا الكامل معكم، وعلى تثميننا لجهودكم من أجل إنجاح أعمال المؤتمر والخروج بأفضل النتائج لكل الأطراف. كما أود أن أعرب عن خالص التقدير لسكرتير عام مؤتمر نزع السلاح ونائب السكرتير العام ولسكرتارية المؤتمر. كما لا يفوتنا أن نتوجه بالشكر للرؤساء السابقين.
تؤكد المجموعة العربية على تمسكها الوثيق بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وآخرها القرار رقم 59 - 60 المؤرخ في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2005، الذي أكد أن الاعتماد على الإطار المتعدد الأطراف هو المبدأ الأساسي للتفاوض في مجال نزع السلاح وعدم الانتشار. وهذا يعتبر تأكيدا لعالمية هذه المسائل التي تتطلب تدخل ومشاركة جميع الدول على أساس المساواة.
ومن هذا المنطلق، أخذت الدول العربية على عاتقها نبذ الخيار النووي بانضمامها إلى معاهدة عدم الانتشار النووي. لذا وزيادة على حرصها على عدم الانتشار، فهي تولي أهمية قصوى لنزع هذا السلاح الفتاك. على هذا الأساس، فهي تطالب الدول النووية الأطراف في هذه المعاهدة بتحمل مسئولياتها وإعطاء الضمانات الأمنية المنشودة لخلق الثقة وتفعيل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمرات المراجعة للمعاهدة في مجال نزع السلاح النووي. ومن هنا تأمل المجموعة العربية أن تعمل الدول النووية على احترام التزاماتها التي تعهدت بها لاسيما تلك المعتمدة خلال مؤتمر المراجعة السادس لمعاهدة عدم الانتشار النووي لسنة 2000، وعلى وجه الخصوص الخطوات الثلاث عشرة العملية. وفي هذا الإطار، فإننا نشعر بخيبة الأمل ازاء عجز مؤتمرنا عن تلبية النداءين الموجهين إليه من جانب مؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية للعام 2005 وهما إنشاء جهاز فرعي ملائم لتناول نزع السلاح النووي وبدء التفاوض حول معاهدة لحظر إنتاج المواد الانشطارية بما يشمل المخزون، آخذا في الاعتبار الأهداف ذات الصلة لنزع السلاح النووي ومنع الانتشار النووي.
كما تأمل المجموعة العربية أن تستغل الدول الأطراف للمعاهدة الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر المراجعة المقبل قصد إجراء مراجعة حقيقية ونزيهة تتناول الأركان الرئيسية الثلاثة للمعاهدة وهي نزع السلاح النووي وعدم الانتشار والاستخدامات السلمية، بقدر متوازن وموضوعي.
لقد وافقت الدول العربية الأطراف في هذه المعاهدة العام 1995 على التمديد اللانهائي للمعاهدة اقتتاعا منها بما يمكن أن يوفره لها القرار الخاص بمنطقة الشرق الأوسط من تحقيق الأمن الاقليمي من خلال إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي. وتؤكد الدول العربية أن هذا القرار جزء لا يتجزأ من هذه المعاهدة.
وفي هذا السياق، كانت الوثيقة الختامية لمؤتمر المراجعة السادس واضحة مع إعادة تأكيد على واقتبس «أهمية انضمام (إسرائيل) إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية واخضاع جميع مرافقها النووية لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقيقا لهدف عالمية المعاهدة في الشرق الأوسط (المادة 7 فقرة 16 بند 3)».
إن الدول العربية تلح على ضرورة تفعيل القرار المحوري للعام 1995 الخاص بجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وكذا القرارات التي تصدق عليها الجمعية العامة سنويا بمبادرة من المجموعة العربية في هذا الشأن وكان آخرها القرارين 52 - 60 و 92 - 60 الخاصين بهذه المسألة.
إن مطلبنا هذا يبدو اليوم أكثر الحاحا بالنظر إلى التطورات البالغة الخطورة في منطقتنا لاسيما مع العدوان الاسرائيلي الغاشم على لبنان وفلسطين. وأفادت منظمة العفو الدولية أن التدمير الواسع للمنشآت العامة المدنية وشبكات الطاقة ومنازل المدنيين والمصانع كان متعمدا وجزءا لا يتجزأ من الاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية ما أدى الى مقتل ما يزيد عن 1100 شخص، ثلثهم أطفال واصابة أكثر من 4000 بجروح، فيما اضطر 970000 نسمة أو ربع السكان إلى الفرار الى شمال البلاد. ويخلص تقرير المنظمة أن هذه الانتهاكات تشكل جرائم حرب تستوجب مسئولية جنائية فردية.
وأفاد مدير مركز تنسيق عمليات ازالة الألغام التابع للأمم المتحدة في لبنان (UNMAS) أن «إسرائيل» تعمدت إلقاء قنابل عنقودية على المناطق الآهلة السكان، على الأقل في 170 قرية وموقعا في لبنان، في انتهاك للقانون الدولي الذي يحظر استخدامها في مناطق مأهولة بالمدنيين. وقد تناثرت هذه القنابل على مساحات واسعة ما يشكل افخاخا مميتة للمدنيين على المديين القريب والبعيد، وقد أدت بالفعل إلى مقتل عدة أشخاص وجرح آخرين، ومن بيهم عدة أطفال، منذ سريان وقف إطلاق النار.
إذا كان هناك الكثير من المحافل المتعددة الأطراف المعنية بمناقشة مسائل نزع السلاح، فإن مؤتمرنا هذا يبقى المحفل الدولي المتعدد الأطراف الوحيد لاعداد مشروعات الاتفاقات والمعاهدات خصوصاً بهذه المسائل. إن هذا الأمر يحتم علينا جميعا العمل لحماية هذا المكسب والحفاظ عليه لأجل الاسهام في بناء نظام قانوني دولي جديد يضمن الأمن والسلم الدائمين في العالم.
وعليه، فنحن نرجو أن تبدي الدول الأعضاء قدرا من الارادة السياسية اللازمة والمرونة والواقعية حتى يمكن ايجاد حلول توافقية وصولا الى برنامج عمل للمؤتمر يأخذ في الاعتبار مقتضيات أمن كل مجموعات الدول باختلافها
إقرأ أيضا لـ "عبدالله عبداللطيف عبدالله "العدد 1465 - السبت 09 سبتمبر 2006م الموافق 15 شعبان 1427هـ