العدد 1456 - الخميس 31 أغسطس 2006م الموافق 06 شعبان 1427هـ

أميركا و«إسرائيل» أخطر حليفين عنصريين على السلم والأمن العالميين

محمد جابر الصباح comments [at] alwasatnews.com

إن العنصرية في مفهومها الفلسفي هي ما يفسر بالفردانية القومية، وهي ظاهرة من ظواهر الشذوذ البشري، والشطوح الفكري، التي عادة ما تخلفها سيرة التاريخ من خلال عملية الغربلة التاريخية، وهي تقذف بمختلف المجتمعات البشرية إلى مصيرها المجهول بين متطور يشكل النموذج القابل للبقاء، والاستمرارية مع ركب التحضر والتطور، ويسجل مع كل فترة تاريخية، وعند كل مفصل تاريخي تحولي، ما يتميز به من انجازات علمية وتكنولوجية وثقافية، يؤهله... أي يؤهل شعب ذلك المجتمع ليتبوأ مكاناً عالياً يؤهله لأن «يكون قائداً» لها... للمرحلة التاريخية.

غير أن هذا التفوق إذا لم يكن مبنياً ومؤسساً على قاعدة من الأخلاق والحس الإنساني، فإنه لابد أن يكون مبنياً على أسس وقواعد مستمدة من روح حيوانية افتراسية يرى الإنسان الباحث والمراقب المدقق في معطيات التاريخ نموذجية في سلوك واخلاقيات اليمين المسيحي الرجعي العنصري من فئات سقط البشر وهمجيته وبرابرته من المستوطنين الأوروبين الذين استوطنوا أميركا وأعملوا ما يملكونه من وسائل الإبادة ضد الشعب الأميركي الأصيل من الهنود الحمر، فأبادوا منهم بحسب ما تكشفت عنه حوادث التاريخ (60) مليوناً ومن الإفريقيين المستعبدين في أعمال السخرة في مزارع البيض، لكن السود الأخلاق والضمائر، وهذا نموذج الأخلاق والمدنية الأميركية التي تريد أن تقود أميركا العالم إليها.

إنها ولاشك تمثل مدنية حيوانات الغاب والتوحش التي حملها المستوطنون الغربيون إلى سكان البلاد الأميركية، وتلك هي المدنية البربرية ذاتها التي يحاول برابرة أميركا أن يزفوها هدية للعالم، وخصوصاً عالمنا العربي والإسلامي وفي نموذجها الشكل الأفغاني والعراقي، وفي تأكيده بجانب التحالف الأميركي اليهودي الصهيوني العنصري، ما يحدث في لبنان وتأسيساً على ما سلف، فإن على زعامات وملوك العالم العربي والإسلامي أن يدركوا أنهم مهما بذلوا من جهد في خداع شعوبهم بشكليات مزينة من ديمقراطية بائسة يلهون بها الشعوب عن عثراتهم، فإن هذه الشعوب تدرك أن الأرواح القومية الشوفينية الاستعلائية التي تمثل صميم المدينة الغربية، والتي يخضع لها رؤساء وحكام العالم العربي وبدورهم يخضعون شعوبهم للمصير ذاته، والمعول عليه في هذه الحال، أن الشعوب قد اكتسب من مجريات التاريخ، أن كل روح قومية بعد تطورها تبلغ حداً يمكن أن تتعداه «لأن كل روح قومية تواجه المصير نفسه الذي تواجهه أية فردانية أخرى: الزوال، وعندئذ تغدو نتجاتها واشكالها الموضوعية بجملها المادة الأولية في تكون جديد للروح العالمي، الذي يكون هو نفسه قد تشكل في تجربة تلك الفردانية القومية».

(مأخوذ من دروس هيغل عن فلسفة التاريخ)

(راجع كتاب «هيغل والفلسفة الهيغلية» لجاك دونت ص 106)

عند هذا المعطف ونحن نقلب فلسفة هيغل بالقدر المتوافر شرحه أمامنا وبالقدر الذي يمكننا استيعابه نستطيع أن نستخلص مفهوماً في تجربة تلك الفردانية القومية وتبرز لدنيا ظاهرة لا يمكن تعديها أو تكذيبها أو مجرد التشكيك فيها أمام معطيات التاريخ المتعددة والمتواصلة والمنتقلة عبر مفاصل التاريخ وتحولاته، وما آخر ما تواجهه البشرية من أخطاء الفرادنية القومية بعد اندحار النازية، هي الفرادنية القومية المتثملة في «إسرائيل» ضد الأمة العربية والإملائية وعموم البشرية والفردانية القومية التي تمثلها أميركا ضد عموم البشرية على كوكب الأرض، من دون استثناء عدا اليهود يتضح من ذلك أن الفردانية القومية حال تتميز بالعدوانية زعزعة السلم والأمن العالميين لتأكد وحدة العنصر وصفاء الدم... إذ إن استقرار السلم والأمن العالميين يؤدي إلى تقارب مختلف شعوب العالم من دون تمييز لإنجاز ما فيه خير البشرية ومصلحتها العامة التي في ظلها تذوب الفوارق بمختلف مظاهرها الطبقية وتلك العنصرية المؤسسة على فكرة خاطئة من أساسها تحدث مفلسفوها من أمثال تشمبرلين في كتابه «العزم على السلطان» وترتيشكه وغيرهما ممن أثاروا النصرة العنصرية البغيضة في أوساط النازيين الهتلريين.

كان الواجب الإنساني والمبدأ الأخلاقي والتدبر المنطقي الصادر عن منطق العقل والتفكير السليم، أن يدرك العنصريون وفلاسفة العنصرية، أن العنصرية حال تمثل أمراض نفسانية تصاب بها جماعة بشرية ترى من خلال فكر شوفيني تسلط عليها وأوحى لها، بأنها جماعة بشرية متميزة عن باقي البشر مثل اليهود وإن عليهم ان يحافظوا على هذا التميز بعدم الاندماج مع سائر البشرية الذين يعيشون بينهم، بل والعمل على نفيهم وإبادتهم بالحروب إن أمكن ليخلص لهم العنصر والفردانية القومية، في أول نهج يخالف سنة حياة الإنسان الذي فطر على التنقل وعدم الاستقرار سعياً وراء حياة أفضل، جراء التداخل والاندماج مع من سيلاقيهم، ويلتقي بهم من بشر أثناء ترحاله، والأخذ والعطاء والتزوج معهم بعد الاستقرار.

ومع انعطافنا وتحليلنا للظاهرة العنصرية... نرى أن العنصرية تتجلى عمليا في عدم قدرة أنثى أن تنجب من ذكر مماثل من دون أمراض مسببة لمثل هذه الحال... فاليهودية تنجب من إفريقي يعيش في الأدغال، والعكس صحيح من حيث أن الإفريقية البدائية من سكنة الأدغال يمكن ان تنجب من حاخام يهودي، وهي سنة من سنن الحياة البشرية التي لا يمكن تحت أي ظرف وبأي وسيلة أن يبدلوها...

إن العنصريين لا يمكنهم أن يدافعوا عن العنصرية ما لم يعترفوا اعترافاً صريحاً لا يخجلون منه، بأنهم بشر ولكنهم يحملون عقولاً ذات سلوك حيواني، ويسلكون في تعاملهم سلوك الحيوان في ممارسة الغدر والافتراس وسفك الدماء، والتميز العنصري.

من كل ذلك تتجلى العنصرية، بأنها سلوك لا تبرز، وتوجد كحقيقة مجردة على أرضية الواقع المعاش إلا في عالم الحيوان. ولكي لا ننقل أخطاء الإنسان، ونلقي بها على كاهل الحيوان جزافاً، يجب علينا أن نثبت هذه الحقيقة من منطلق التمايز متمثلاً في عدم التمكن من النسل السوي بين طرفين بشريين من دون أمراض معوقة، وهذا ما يحدث عبر مسيرة التاريخ في العلاقات البشرية، ما يدل على انتفاء التمايز بين بني البشر في ظل ظروف متساوية غير متمايزة تحدث في عالم الحيوان... العصفورة لا يمكن أن تنجب من ذكر البلبل على رغم أن كليهما يعيشان في ظروف طبيعية متساوية، والدجاجة لا يمكن أن تنسل من ديك رومي على رغم انهما يعيشان ربما في زريبة واحدة ويأكلان من وسيلة أكل واحدة، واللبؤة لا يمكن أن تنسل من نمر، ولو أردنا أن نتتبع ظاهرة التنافر العنصري وعدم الانسجام واستحالة الاندماج لما وصلنا إلى النهاية، حتى ولو عرضنا البحر واستعرضنا الحياة الاجتماعية للأسماك لما اختلف لدينا الأمر في حال المجتمع الحيواني. فالهامور لا ينسل من الشعري، والكنعد لا ينسل من السَّكن... إنها حالات عنصرية غير قابلة للاندماج اختص بها العالم الحيواني، وتبرأ منها العالم الانساني، إلا من حال شذوذ من سقط بشري متمثل في وقتنا الحاضر وفي مرحلتنا التاريخية في «أميركا وعصابات المافيا اليهودية التي ثبتها وعد بلفور المجرم في شرقنا العربي، ما يستدعي الشعوب العربية والإسلامية والعالمية لأن تتحدى وتقف في وجه ظاهر في الاجرام من الأميركان واليهود الصهاينة»، من دون الالتفات إلى حكام ورؤساء التساقط، الذين نرى ان السماء أقرب إليهم من نيل ثقة شعوبهم بعد العداب الأليم والتعامل الحيواني، وتصافهم بالاعداء إلى حد أن فقدوا ظلهم وكرامتهم

إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"

العدد 1456 - الخميس 31 أغسطس 2006م الموافق 06 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً