العدد 1455 - الأربعاء 30 أغسطس 2006م الموافق 05 شعبان 1427هـ

نحو النمو

مصباح الحرية comments [at] alwasatnews.com

مشروع مصباح الحرية

حاول أن تتكهن من الذي قال ما يأتي: «الضرائب المرتفعة على الدخل المكتسب من شأنها تخفيض العمالة المتاحة، وتخفيض العائد على المبادرات الاقتصادية والتعليم العالي. النمو، والابتكار وتنمية رأس المال البشري، جميعها تصاب بالضرر نتيجة لذلك».

قد يخطر ببالك أن الملاحظة قد صدرت عن أحد تلامذة ريغان في سياساته المبنية على مستوى العرض كعنصر أهم في الاقتصاد مثل آرت لافر أو لاري كودلو. أما حقيقة الأمر فهي أن الملاحظة وردت ضمن دراسة واسعة بعنوان «نحو النمو: 2005» صادرة عن مؤسسة التعاون الاقتصادي والتنمية (DCEO)، وهي جماعة معروفة بانتمائها للاقتصاد التقليدي.

إحزر من قال هذا: «الضرائب على الدخل المتأتي من العمل والنفقات الاستهلاكية، من شأنها تشجيع أرباب المنازل على الاستعاضة عن السوق القانونية بالنشاطات الخالية من الضرائب: الراحة والاستجمام، الإنتاج المنزلي، واقتصاد السوق السوداء». قد تظن أن هذه الملاحظة جاءت من أتباع سياسة ريغان، أمثال جاك كمب، ستيف إنتن، أو مني. والحقيقة أنها جاءت من ستيفن جيه. ديفس من جامعة شيكاغو وماجنس هنريكسون من مدرسة ستوكهولم للاقتصاد.

ديفس وهنريكسون قدرا أن زيادة ضريبة من 12,8 نقطة مئوية بغض النظر عما إذا كانت تلك الزيادة على ما نكسب (ضريبة الدخل)، أو ما نصرف (ضريبة القيمة المضافة)، من شأنها انكماش عدد الشعب العامل بنسبة 4,9 نقاط مئوية، وانخفاض الساعات المقررة بـ 122 في السنة بين أولئك الذين ظلوا على رأس عملهم في القطاع الخاضع للضريبة، ورفع نسبة العاملين في اقتصاد السوق السوداء التي لا تخضع للضرائب بنسبة 3,8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

هذه سنة انتخابية للكونغرس، لذلك فإن السياسيين وكبار الكتاب يفضلون كثيراً الحديث عن النفقات الفيدرالية كنعمة لا كعبء. إنهم يحاولون ما وسعهم الجهد تغيير الموضوع إلى عجز الموازنة، ولكن وصف الموضوع في إطار كم تقترض الحكومة، بدلاً من كم هي تنفق، يجعله يبدو كأن سقوفاً أعلى للضرائب هي حلول عملية، وليست خطراً داهماً.

إن التركيز على عجز الموازنة هو التظاهر بأن عبء النفقات الحكومية سيختفي بطريقة سحرية لو أمكن فقط تمويله كلياً من مداخيل الضرائب القائمة، بدلاً من اقتطاع نسبة صغيرة (2,6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) يتم تمويلها من بيع السندات الحكومية، وهذه هلوسة خطرة.

فلو لم تكن الحكومة قد اقترضت مطلقاً حتى سنتاً واحداً، فإن جميع ما يمكن توفيره هو الفائدة على الدين. بيد أن الفائدة على الدين على امتداد الأعوام الأربعة الماضية كانت مجرد 1,5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أقل نسبة منذ العام 1977، وأقل مما كانت عليه عندما كانت الموازنة تتمتع بالوفر.

وإلى جانب الفائدة، فإن الإنفاق الحكومي هو إما للدفعات التحويلية (الاستحقاقات) أو المشتريات. التمويلات والمشتريات تفرضان عبئاً مباشراً على الاقتصاد الخاص، بغض النظر عن كيفية تمويلهما. الدفعات التمويلية عادة، تنوي أخذ المال من دافعي الضرائب الذين كسبوه وإعطاءه لأناس آخرين، شريطة أن يتعهد الذين يتلقون المال بألا يجهدوا أنفسهم بالعمل، أو يدخروا الكثير، أو أن يزرعوا محاصيل كثيرة. فإذا سمح بالعمل على الإطلاق، فإنه يعاقب بشدة. أولئك الذين يعملون وهم فوق سن الـ 65 عاماً يدفعون ضريبة دخل عقابية على معظم دخلهم من الضمانات الاجتماعية المختلفة، في الوقت الذي يدفعون فيه ضريبة ضمان اجتماعي لصالح فوائد يتلقاها بلا دفع أية ضريبة شخص كسول لا يعمل.

إن مشتريات الحكومة من المباني والأعتدة والمواد والأراضي تقلص توافر تلك الثروات للأعمال الخاصة وترفع من كلفتها. عندما تعين الحكومة بيروقراطيين أو تجند جنوداً، فإن ذلك يرفع من كلفة العمالة في القطاع الخاص. لسوء الحظ، وعلى امتداد فترة السنوات الثلاث المقبلة، فإنني متأكد أننا سنعترض لاقتراحات غير ذي صلة أو موضوع، بشأن كيفية تغطية العجز عن طريق رفع نسب الضريبة على أغنى 15 في المئة في البلاد، ولكن ذلك سيتضح أنه ذو مردود عكسي لأسباب شرحتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وديفس -هنريكسون. حتى كسياسة مبنية على مساواة حاسدة، فإنها لن تنجح.

ليس أن الولايات المتحدة لم تجرب أبداً نسب ضرائب وصلت إلى 50 في المئة أو أكثر على المداخيل العالية، لقد فعلنا ذلك في فترة قريبة هي العام 1986. لقد كان من نتائج فرض نسب ضرائب عالية على ذوي الدخل العالي أن لم يبق من تلك الطبقة من تضخ عليهم تلك الضريبة. فإذا أعيدت الضريبة على الأرباح إلى 35 في المئة، على سبيل المثال، فإنني سأتوقف بسرعة عن اقتناء أسهم خاضعة للضريبة في حسابي وبدلاً من تحصيل 15 في المئة على شيء موجود، فإن دائرة الضريبة ستحصل على 35 في المئة من دخل غير موجود.

منذ اللحظة التي خفضت فيها الضرائب الفيدرالية الأعلى تخفيضاً حاداً على الرواتب والأرباح، والأرباح الرأس مالية، كانت هنالك أعداد أكبر كثيراً من الأميركيين الأغنياء، يدفعون ضرائب أكثر، وبالتالي إتاحة المجال أمام تخفيضات غير مسبوقة على ضرائب الآخرين. فإذا كان هنالك إنسان أحمق يحاول وضع ذلك التاريخ وضعاً عكسياً، عن طريق رفع نسب الضرائب على المداخيل العالية والأرباح، فإن مجموعة أقل من الناس لها مداخيل عالية، ستدفع ضرائب أقل كثيراً مما كانت تدفع من قبل. وكل إنسان آخر سيدفع أكثر.

النفقات الفيدرالية مشكلة كبيرة وهي في ازدياد. محاولة إصلاح تلك المشكلة بفرض ضرائب عالية على المداخيل العالية، لن يقدم شيئاً لتخفيض العبء الاقتصادي الذي تمثله النفقات الفيدرالية، ولكنه سيخلق قضايا مزعجة أخرى كثيرة.

آلن رينولدز

زميل أقدم في معهد كيتو بواشنطن العاصمة.

وهذا المقال ينشر بالتعاون مع «مصباح الحرية

إقرأ أيضا لـ "مصباح الحرية"

العدد 1455 - الأربعاء 30 أغسطس 2006م الموافق 05 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً