العدد 1454 - الثلثاء 29 أغسطس 2006م الموافق 04 شعبان 1427هـ

الطريق المدمر... إلى سورية

سلمان بن صقر آل خليفة comments [at] alwasatnews.com

مازلت أكتب لكم من لبنان... البلد الجريح... وأنقل لكم ما ألاحظه وأشاهده بعيني من دمار للمباني ودمار للاقتصاد والتجارة، وما أسمعه بأذني من كلام كثير يتلفظ به (بكل حسرة) أفراد شعب متضرر من إصابات قاتلة جاءت في وقت يعتبر بالنسبة لهم قلب السياحة النابض، وما أحسه بقلبي من لوعة الأهالي الذين فقدوا أقرباءهم وأعز ما لديهم قبل أن يفقدوا مساكنهم وتجارتهم ورزقهم... لقد وصل الأمر بالمحلات التجارية لأن تعلن عن تخفيضات تصل إلى ستين بالمائة، والمطاعم الكبيرة يوجد أمامها موظفون يدعون الناس بكل لطافة وأدب للدخول وتجربة الأكل عندهم...

مازلت موجوداً هنا في هذا البلد الذي مازالت فنادقه خاوية تنادي الزبائن وهي التي من المفترض أن تكون مملوءة عن آخرها في هذا الوقت، هذه الفنادق زرت بعضها ورأيته فاضياً تماماً والبعض الآخر لا يوجد فيه غير أعداد تحسب على اليد، ومطاعمها ومقاهيها تغلق قبل الساعة العاشرة... وأسواق هذا البلد التي كانت تفتح حتى ساعات متأخرة من الليل وتكون في العادة مزدحمة بالسياح والسيارات أصبحت تغلق بعد المغرب مباشرة، وعندما تكون مفتوحة في النهار ترى فيها عدداً من المحلات المغلقة والكثير من مواقف السيارات الخالية وعدد الزبائن يمكن حسابه بسهولة...

شوارع بيروت الرئيسية شبه خالية إلا من عدد بسيط من السيارات المسرعة، وشوارعه التجارية المعروفة (مثل شارع الحمرا) التي كانت تعج بالخليجيين أصبحت خالية تماماً إلا من عدد بسيط من المقيمين (اثنان هناك وواحد على بعد مئة قدم وثلاثة جالسين من بعيد) والمحلات في الشارع تفتح صباحاً وتغلق عصراً من دون وجود أي زبائن والعدد الكبير منها مغلق ومكتوب عليه إلى حين إشعار آخر... ومنطقة السوليدير (مركز المدينة) حدث ولا حرج عن ما تعانيه المطاعم والمحلات هناك، تصورا أن أشهر مطعم هناك الذي يسمى (البلد) الذي كان يتلقى حجوزات لجميع طاولاته لثلاثة أيام مقدماً أصبح الآن مغلقاً بسبب عدم وجود زبائن، والمطعم (بيتي كافيه) الذي كانت كراسيه تباع بسعر مائة دولار للكرسي الواحد (قفلية) جلسنا عنده ومعنا فقط أربع طاولات مشغولة... السوليدير الذي كان يعج بالعدد الكبير من البشر في كل ليلة، وكانت المحلات فيه جميعها تغلق بعد الساعة الرابعة صباحاً في ليالي الاجازات أصبحت ثلاثة أرباع محلاته مغلقة والربع الأخير يغلق أبوابه قبل الساعة الثانية عشرة ليلاً في الاجازات...

الناس هنا جميعهم يشكون ويشتكون... يشكون ضيم العيش وضيق ذات اليد وقلة الحيلة، ويشتكون من الدول العربية التي تركتهم لمواجهة مصيرهم مع عدو ظالم تناصره وتؤيده الدول الاستعمارية الكبيرة... الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا... يشكون من تدهور الاقتصاد وعدم وجود زبائن لمحلاتهم ما أدى لإفلاس البعض منها وإغلاقها وعدم وجود زبائن لشركات المواصلات وسيارات التأجير، ويشتكون من قلة مخزون الوقود ما أدى لارتفاع سعره بشكل كبير أوصل الأمر للتقنين من الكهرباء التي تنقطع يومياً عن جميع المناطق بشكل مبرمج ولمدة تصل إلى ساعات...

الشعب اللبناني يشتهر بالعمل الجاد والسريع لإيجاد الحلول في المصائب، لذلك وأنا اتجول في الشوارع المضروبة والمناطق المدمرة والمنكوبة لاحظت بأن هناك الكثير من اللوحات المكتوب عليها عبارة (راجع راجع يتعمر راجع لبنان) وبقربها العدد الكبير من الآليات التي تزيل الدمار وبجانبها الشاحنات... الشعب اللبناني الشجاع تمكن من قتل أشهر ضابط إسرائيلي متخصص في العمليات الصاعقة والسريعة، وقصتها هي أن «إسرائيل» (وبعد أيام من وقف النار) أرادت أسر قائد كبير في حزب الله وهو الشيخ محمد يزبك فأوكلت العملية لهذا الضابط الكبير الذي سبق وأن قام بمثلها من قبل وأرسلته مع عدد من الجنود في مروحيات أنزلتهم في منطقة بعيدة في البقاع وهم يرتدون لباس الجيش اللبناني ومعهم سيارات ذات شكل وأرقام تابعة للجيش اللبناني، وعندما اتجهوا إلى منزل الشيخ اكتشفهم حراسه وأطلقوا عليهم النيران التي قتلت ضابطهم ومعه اثنان من جنوده وهرب الباقون...

أخيراً أخبركم بأني اليوم... وأنتم تقرأون هذا المقال... سأكون متوجهاً إلى البقاع (مكان المعركة الأخيرة) ومن بعدها سأسلك الطريق إلى سورية الذي ضربته وأغلقته «إسرائيل»... وغداً لنا لقاء..

إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"

العدد 1454 - الثلثاء 29 أغسطس 2006م الموافق 04 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً