العدد 1454 - الثلثاء 29 أغسطس 2006م الموافق 04 شعبان 1427هـ

سجل يا تاريخ قبل أن ننسى!

عبدالجليل خليل comments [at] alwasatnews.com

.

سجل يا تاريخ، في اليوم الثاني عشر من شهر يوليو/تموز 2006 شن العدو الصهيوني حربه الهمجية على لبنان مستخدما كل انواع الاسلحة الفتاكة من مدافع ودبابات وبارجات ثلاثة وثلاثين يوما، لم تترك طائرات إف 16 الأميركية جسرا أو مصنعا أو بيتا الا ودمرته على رؤوس ساكنيه في قانا والشياح والقاع ومروحين، والضاحية وكل ركن لجأ إليه الاطفال والنساء!

فهل حقا جاءت هذه الحرب الوحشية ردا على قيام حزب الله باختطاف الجنديين لمبادلتهما بالاسرى اللبنانيين كما يدعي البعض تبريرا لانتقاده الحزب؟

الحمد لله، فلا حاجة للجدال الآن وقد اعترف الاسرائيليون بالتخطيط لها مسبقا مع الأميركان بعد ان فضحتهم الصحافة العالمية، «سيمورهرش في النيويوركر»، و«جورج مونبيوت في الغارديان» وانضم اليهم «روبرت فيسك في الاندبندنت»!

سجل يا تاريخ، ان الامم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي عقدوا اجتماعاتهم سرا وعلنا لكنهم عجزوا أكثر من مرة عن اصدار أي قرار لوقف العدوان تواطؤاً أو خوفا من الفيتو الأميركي الذي اراد لـ «إسرائيل» ان تكمل المهمة بتدمير لبنان كما فعلوا في افغانستان أو العراق حتى تتفكك الدولة أو يخضع حزب الله وقوى الممانعة إلى الإرادة الأميركية ويقبل الجميع بالشرق الأوسط الجديد وعاصمته تل ابيب!

فهل يمكن لاي عاقل ان يثق بهكذا منظمات تكيل بمكيالين وتقف مع الظالم وتطالب المظلوم «لبنان» المعتدى عليه بتطبيق القرار 1701 وهي بعد لم تجبر العدو الاسرائيلي على تنفيذ قراراتها الصادرة قبل عشرات السنين 242 و338 و194 و425.

سجل يا تاريخ، ان الجامعة العربية لم يجتمع قادتها ولم يجرؤ احد منهم حتى على «التهديد» بتطبيق اتفاق الدفاع المشترك وتحريك الجيوش النائمة أو التلويح باستخدام سلاح النفط أو حتى تعليق البعض لعلاقاته الدبلوماسية مع «اسرائيل» واكتفى وزراء خارجيتهم باعلان موت «عملية السلام» وتركوا طائرات العدو الاسرائيلي تسرح وتمرح وتقذف حممها اطنانا اطنانا على رؤوس الابرياء العزل وكأن الذين يقتلون أو يذبحون من النساء والاطفال ليسوا عربا ولا بشرا!

فهل يمكن لاي مواطن عربي ان يشعر بالأمن أو الكرامة في هذا العالم والنظام العربي الرسمي بلا ارادة ولا قرار ولا موقف حاسم يتناسب وحجم العدوان الصهيوني على لبنان وفلسطين!

سجل يا تاريخ ان بعض تجار السياسة والاعلام خوفا أو حقدا أو بأجر مدفوع، انحازوا في المعركة أميركا و«إسرائيل» وسخروا المكنة الإعلامية من صحف وقنوات فضائية في تضخيم اسطورة الجيش الذي لا يقهر ونظروا باسم العقلانية إلى ثقافة الاستسلام والتسليم تارة، وحاولوا اللعب على أوتار الطائفية املا - لم يتحقق - في عزل المقاومة واهلها عن الشارعين العربي والإسلامي الواسعين تارة أخرى.

فهل يمكن ان يثق الشارع العربي بعد ان سقطت الاقنعة وتحقق النصر بهكذا اقلام وقنوات تنكرت لعروبتها وباعت ضمائرها فخسرت شرف الدفاع عن الدماء الطاهرة البريئة لاطفال «قانا وأخواتها»؟

سجل يا تاريخ ان العدو الصهيوني في ستة ايام فقط، الخامس من شهر يونيو/ حزيران 1967، هزم الجيوش العربية الرسمية واحتل من مصر غزة وسيناء، والقدس والضفة الغربية من الاردن، ومرتفعات الجولان من سورية، بينما فشل في ثلاثة وثلاثين يوما في اختراق صفوف المقاومة الاسلامية التي كبدت قواته البالغ عددهم 30 ألفاً افدح الخسائر وفيهم نخبة النخبة وكتيبة غولاني وقوات الجوز في مقابل ثلاثة الاف على اكثر تقدير من المؤمنين بأرضهم وعدالة قضيتهم واخلاص قيادتهم!

فهل آن الأوان لأن تثق الحكومات العربية بنفسها وبشعوبها بدل ان تترك الاجنبي يعبث بامنها تحقيقا لمصالحه التي قد تضطره يوما للتخلي عنها بأبخس الاثمان؟

سجل يا تاريخ ان المقاومة الاسلامية وحدها عسكريا على رغم قلة العدة والعدد وقفت صامدة في وجه الترسانة العسكرية الضخمة وانزلت بها الهزيمة تلو الهزيمة، ففي البر دمرت ما يقارب المئة من دبابات «الميركافا» فخر الصناعة الاسرائيلية، وفي البحر دمرت بارجتين وزورقاً حربياً، وبصواريخ فجر ورعد وزلزال زلزلت المقاومة كريات شمونة وصفد و كرمئيل والعفولة وحيفا وحبست ما يقارب المليونين من سكانهم في الملاجئ حتى العاصمة تل ابيب كادت ان تقصف لو تجرأ العدو على قصف بيروت، ولولا الهزائم المتتالية ما وافق على وقف العدوان واعلن لأول مرة في تاريخه احترامه للقرار 1701!

فهل هذه المقاومة مجنونة أم متهورة أم تاج عز وفخر سجلت للعرب والمسلمين أول نصر في تاريخ الصراع العربي الصهيوني وهزت اركان كيانه من الجذور حتى زرعت في نفوسنا الامل والثقة بالنصر بعد طول اناة؟

سجل يا تاريخ الف تحية واكبار لشعب لبنان العظيم، لبنان الدولة والمقاومة، لبنان الشهداء والجرحى والمهجريون.

ولكل الشرفاء والمخلصين من شتى ارجاء المعمورة وخصوصاً الشعب المصري والسوري وفيهما من وقف مع المقاومة علماء وسياسيون، ادباء وفنانون كان لهم في الناس اكثر من رسالة صدق!

وتبقت يا تاريخ كلمة أخيرة، سجلها بالذهب الخالص لسيد المقاومة وصاحب الوعد الصادق والثابت القدم حين تزلزل الجميع وزاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر لانه الأمل وعليه الرهان

إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل خليل"

العدد 1454 - الثلثاء 29 أغسطس 2006م الموافق 04 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً