فيلم «الحارس» الذي يعرض حالياً في سينما الدانة مثير في لقطاته السريعة وقصته التي تتحدث عن اختراق أمني لجهاز حماية الرئيس الأميركي.
الحكاية مختلقة ولكنها تعتمد على اسرار مهنة صعبة وهي حراسة رئيس أكبر واقوى دولة في العالم. ومخرج الفيلم حاول قدر الإمكان إدخال المشاهد إلى هذا العالم المعقد الذي يتشعب إلى اختصاصات من لحظة خروج الرئيس من «البيت الأبيض» إلى لحظة وصوله إلى المكان المحدد.
وفي المكان المحدد الذي قد يكون مدرسة أو الكونغرس أو منتجعاً أو زيارة أو مناسبة اجتماعية تقوم سلسلة حمايات من مراقبة السطوح والمداخل والهواتف والكاميرات وكل الجموع المحتشدة أو المتجمهرة للسلام أو مصافحة الرئيس.
المخرج قدم صورة مكثفة عن مهمات الحماية والصعوبات التي يواجهها الحراس بدءاً من فجر كل يوم إلى خلود الرئيس إلى النوم. فالمهنه صعبة وخطيرة وتتطلب الكثير من الجهود والأهم من كل ذلك الثقة والصدق.
مسألة الثقة كانت الوجه الآخر للفيلم الشيق والمثير في المطاردات والملاحقات. والثقة تقوم على مسألة اختيار الأشخاص الواجب تكليفهم بهذه المهمة الصعبة والاخطر. فمن يريد ان يحرس رئيس اقوى دولة لابد ان يكون سجله الشخصي يتمتع بالنظافة والولاء والاستعداد للتضحية اضافة إلى الشجاعة والذكاء والتميز بكفاءات خاصة غير متوافرة عند الناس العاديين. وهذا النوع من الناس قلة ولابد من البحث عنهم واختيارهم واخضاعهم للمراقبة ودورات تدريب خاصة تؤهلهم للقيام بمثل هذه المهمة التي لا تحتمل الخطأ. فالخطأ أو السهو أو أي تقدير غير سليم قد يؤدي إلى كارثة بالنسبة إلى الدولة وهي اغتيال أو قتل أو خطف أو اهانه رأس الدولة.
من هنا تبدأ القصة. فهذا الجهاز المتين والسري والخاص والمميز تعرض للاختراق. وبدأ البحث عن الشخص الذي نجح في التسلل إلى الحلقة الضيقة والقريبة من الرئيس الأميركي. من هو هذا الشخص؟ وعلى هذه النقطة تدور الدوائر.
حارس الرئيس الذي يقوم بهذه المهمة الخاصة على امتداد 25 عاماً وكلف بحماية هذا الرئيس مند ثمانية أشهر نسج علاقة حب وغرام مع زوجة الرئيس. فالسيدة الأولى اخترقت من رئيس جهاز حماية زوجها. وهذه العلاقة الخفية اكتشفت من قبل العصابة (المافيا) الروسية/ الآسيوية وأخذت تبتزه بالصور والمشاهد الفاضحة مع السيدة الأولى.
القصة مضحكة ولكنها في الفيلم كانت جادة لان افتضاح الأمر يعادل اغتيال الرئيس سياسياً. لذلك لجأ الحارس إلى اخفاء الصور وقلقه. ولكن الأمر لم ينفعه بسبب شك الجهاز الأمني بوجود شخص يخطط لاغتيال الرئيس. وبسبب سلوكه الغريب يقع الشك عليه بتهمة اخفاء معلومات. وهنا أيضاً يحصل الالتباس فرئيس الجهاز يفشل في اختبار كشف الكذب لانه حاول اخفاء معلومات لها علاقة بغرامه السري مع زوجة الرئيس والجهاز يشك فيه معتقداً انه الشخص المطلوب أو المكلف بتنفيذ مهمة الاغتيال.
وتبدأ الملاحقات في مفارقات صعبة بين مسئول حماية الرئيس الهارب من جهازه الأمني وبين محقق عدلي يملك الخبرات نفسها والتقنيات نفسها.
المشاهد قوية ومؤثرة لانها تحصل بين صديقين سابقين وضعتهما المهنة في خطين متواجهين. فالأول خائف لا يستطيع البوح بسره لأنه يسهم في اثارة فضيحة سياسية للرئيس. والثاني يرى في قلقه وتردده وتكتمه على معلومات اثباتات تؤكد تورطه في مؤامرة على الرئيس.
بقي الأمر بين أخذ ورد إلى ان اعترفت السيدة الأولى لصديق المتهم بعلاقاتها به وشرحت له أسباب تردده في عدم كشف المعلومات حرصاً على سمعتها وحماية لزوجها الرئيس. وهكذا ينقلب العداء إلى تحالف وتبدأ ملاحقة الشخص المشبوه الذي يتعامل مع عصابة (مافيا سياسية) كانت سابقاً على صلة بالاستخبارات السوفياتية المنحلة.
نهاية الفيلم سعيدة. وهي نهاية دأبت هوليوود على تكرارها لارضاء المشاهد الذي يميل عادة إلى انتصار البطل وهزيمة المجرم أو الخائن أو المتآمر. فالخاتمة كانت انقاذ الرئيس من المؤامرة المدبرة لاغتياله، عودة المياه إلى مجاريها بين الصديقين، انقطاع العلاقة بين الحارس والسيدة الأولى بعد استقالته من خدمة طويلة في مهنة شاقة وخطيرة. كل شيء على مايرام والأمور السليمة عادت إلى مجراها الطبيعي.
«الحارس» من الأفلام المثيرة التي تعتمد على الحركة السريعة والملاحقات والمطاردات. فهو ليس سياسياً في المعنى القريب ولكنه كذلك في أهدافه البعيدة. واهم ما فيه أنه يثير الشك في أقرب الحلقات ويطرح أسئلة خفية عن دور الأجهزة الأمنية في اختلاق المشكلات واختراع الازمات من أجل التنافس والتسابق على الوظائف لتحصيل المواقع والمال. ولهذا السبب لجأ المخرج إلى رسم الشبهات وزرع الشكوك على أعلى المستويات
العدد 1454 - الثلثاء 29 أغسطس 2006م الموافق 04 شعبان 1427هـ