نتذكر قبل سنوات حوادث شارع المعارض، التي قام بها نفر من شبابنا المُراهقين والمُرهِقين، حينها قرأت صحيفة وأخرى هذه الحوادث قراءة أسطورية وجاهدت في تسييسها وتصويرها كمشروع تخريبي منظم، لكن حنكة «عاهل البلاد» حفظت البحرين من الفتنة.

وقبل أيام معدودات كانت حادثة حائط مدرسة البديع، وثارت عندها ثائرة صحيفة تقول «دعوات لتفعيل قانون الإرهاب»، فكانت محصلة الصورة: تفعيل «قانون إرهاب» في وجه صبية لا يحبون العودة للدراسة، ولعل الصبية «براء» من الأمر، فلربما كانت أيدٍ أخرى وراء الفتنة تدس سمها، لكن الرب سلم أيضاً.

قبالة هاذين الحادثين لا أحد ما، من قريب أو بعيد، يطالب بتفعيل قانون الإرهاب هذا بالنسبة لما تكتبه صحيفة وأخرى عن تمجيد «القاعدة» والتعظيم لها ولرموزها الإرهابية. والخوف كل الخوف، أن تستمر حالات التمجيد هذه للقاعدة حتى نصل إلى أن تنحو الولايات المتحدة الأميركية نفسها لتطبيق قانون مكافحة الإرهاب على البحرين كلها فجأة، فأفغانستان «ملا عمر» البائدة نفسها لم ترض عن «بن لادن»، بل عرضت على الأميركيين محاكمته.

البحرين التي ترتبط بعلاقات استراتيجية سياسية واقتصادية مع الولايات المتحدة، لا تحرك ساكناً أمام صحافتها التي تصفق للقاعدة، أو حتى أمام رجل يرفع في شوارع المحرق صور «بن لادن» مهللاً له، على رغم أن هذا بعض من يرفع الصور قد ينتمي لمؤسسات رسمية للمملكة.

قائل يقول: تحية أي كاتب للقاعدة «رأي»... فلم الدعوة للتكميم؟ حسناً، إن كان ثمة مسحة من ديمقراطية الرأي، فلم التحريض ضد فئات أخرى ترفع شعارات وصور تعتبر بلا شك أقل خطورة من مما يقوم به البعض؟

خطورة مثل هذا الطرح لابد أن لا تكون غائبة عن الذهن، فتمجيد «القاعدة» إن لم يكن دعوة للإرهاب، فهو الإرهاب نفسه. ونحن في البحرين لسنا مستعدين «البتة» لأن نصنف أنفسنا مع الارهابيين. القاعدة، والتي تسببت بكوارث إنسانية لا حصر لها حين تُمَجد، وترفع صور أعلامها في البحرين، لا يكون هناك أي مبرر للحديث عن قانون الإرهاب، وحين يقوم مندسون بهدم حائط مدرسة يصبح الأمر مكيدة بالبحرين وأمنها ومستقبلها!

ربما نحن الآن لا نحتاج سوى أن تبث فضائية «الجزيرة» شريطاً تسجيلياً لزعيم القاعدة «بن لادن» يعرض فيه على الأميركيين «هدنة» طالباً لجوءاً سياسياً في البحرين، ولا غرابة في ذلك، فلن يجد بن لادن بلداً عربياً أو إسلامياً واحداً ملأت صفحات صحفه بتمجيده أكثر من بعض صحف البحرين، والغريب ان ابواق التمجيد المذكورة هي ذاتها التي تحرض الدولة ضد فئات من المجتمع تحت عنوان «مكافحة الارهاب»