العدد 1443 - الجمعة 18 أغسطس 2006م الموافق 23 رجب 1427هـ

النضال بفتاوى النفاس!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

سيلاحظ قراؤنا وشعراؤنا اختفاء «لقاء الأسبوع»، و«الملف الشهري» الذي كان من المفترض أن يصدر الأسبوع الماضي. استحواذ الحوادث في لبنان على المشهد السياسي العربي العام، يضاف اليها الاجازة الصيفية، دفعانا في «ريضان» الى أن نؤجل - حتى بداية شهر سبتمبر/ أيلول المقبل - ما اعتبرناه وإياكم من ثوابت الصفحة، لكن نعد في الفترة المقبلة أن نخرج بصورة أكثر تميزا.

النظام العربي الراهن تنازل هذه المرة حتى عن ورقة التوت الأخيرة التي تستر ما تبقى منه! على الأقل هي المرة الأولى التي يكون فيها وقحاً حد الإدهاش، ولا مبالياً حد اعتباره ميتاً - بل هو كذلك - ولا يعنيه مما يحدث على الأرض العربية سوى احتفاظ مؤشرات البورصة بالحد الأدنى من ارتفاعها، فيما الشهداء يسقطون الواحد تلو الآخر، واحتفاظ أسعار النفط بارتفاعها المستمر، فيما أبنية تسقط على رؤوس قاطنيها، لبلاغة الهمجية والبربرية الصهيونية.

حتى أولئك الذين ظلوا منشغلين بأحكام النفاس، والطهارة، وموجبات الغسْل، وحكم الزنا في المنام ، لم يتركوا شيئا من طهارة فيهم بعدما وفروا الغطاء - من حيث يشعرون أولا يشعرون - لوحوش الحديد فوق سماء لبنان كي تمعن في خسفها وتدشين خرابها المدوي بفتاوى أقل ما يقال عنها ان قيمتها دون مستوى المحارم الورقية المستهلكة في جميع دورات المياه على هذا الكوكب.

وحده الشاعر السعودي الحر والمتميز هاني الظاهري، استطاع أن يختصر كل الهذيان والثرثرة المزدحمة بها سرايات النظام العربي، ومن ورائه وعاظ ورموز الافتاء بالطلب والتوصيل المجاني في عالمنا العربي. يقول الظاهري في بعض أبيات قصيدته التي أهداها الى الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله:

ما انحنى راسه ولا قصّر ثيابه بالمذلّه

ما انشغل عن شعبه يفسّر حلوم النايمين

الله اللي سخّره كابوس يفزعكم مطلّه

يوم أئمتكم على فتوى النفاس امجمّعين

ارمِ يفدونك خنازيرٍ لحاهم مستحلّه

ارمِ يفدونك شيوخٍ بالخزي متلحفين

ارمِ علّمهم دروس المرجله واضرب أدله

ارمِ يا سيّد هل الاسلام... لا يا المسلمين

قلت: ما هذا بيمينك يا حسن نصر الله

قال عزرائيل: افكه على المتصهينين

كل شعر ينأى بنفسه عن الإنسان وقضاياه، مكانه الطبيعي حيث تترك المزابل والفضلات، هناك في مهب الريح تعرّى قيمته وتكشف روائحه العطنة. كل شعر لا ينشغل بالانسان وقضاياه، وراءه شاعر دخيل على الانسان وجنسه. كل شعر يسرف في تهتكه ومجونه وشهواته ونزواته، لا يقل عن أتفه ساقطة، في أتفه شارع، في أتفه مدينة، في أتفه دولة!

كل شعر يمارس التخدير والتنويم، هو في العمق من مخطط التدمير الذي يُرسم لهذه الأمة، بدءا من مروجي المخدرات، وعقاقير الهلوسة، وليس انتهاء بمروجي ثقافة العري والاستسلام، وعقاقير التدجين، والهلوسة بثقافة السلام بحسب مواصفات وشروط العدو.

الآن وقد تعرت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، يبقى على هذه الأمة أن تكون قادرة على تحصين نفسها بعد عقود من التهويل الذي يطلع عليها من أجهزة التلفاز، والمناهج، وحتى في الأحلام، والذي ظل يلقي في روعها بأن الهزائم قدرُها، والبديل الوحيد المتوافر أمامها هو الذهاب الى الاستسلام في أبشع وأحقر صوره، ذلك الذي يصر بعض الناعقين باسم الحكومات من الكتبة والمنظرين وتجار الفتاوى، على أنه الوجه الآخر لحقيقة وجودها ومآلها

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1443 - الجمعة 18 أغسطس 2006م الموافق 23 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً