دفعت «إسرائيل» قوات جديدة إلى جنوب لبنان الليلة قبل الماضية وصباح أمس (السبت) في محاولة أخيرة للتقدم شمالاً صوب نهر الليطاني ولإخلاء المنطقة من مقاتلي حزب الله قبل بدء سريان وقف إطلاق النار، الأمر الذي اعتبره حزب الله محاولة يائسة لفبركة نصر عسكري. وذكرت الشرطة اللبنانية أن الجيش الإسرائيلي نفذ محاولة إنزال في صريفا القريبة من الغندورية، إذ حصلت اشتباكات عنيفة. ثم نفذ إنزالا بين صريفا وبرج قلويه واشتبك الجنود لمدة ساعة مع مقاتلي حزب الله، ثم انسحبوا إلى الغندورية. وأعلن حزب الله اسقاط مروحية عسكرية اسرائيلية.
إلا أن حزب الله أكد في بيان نقلته وكالة الأنباء الفرنسية انه صد «هجوما مدرعاً كبيراً انطلاقاً من محور الطيبة - القنطرة - عدشيت، مشيرا إلى وقوع معارك عنيفة. وجاء في بيان المقاومة الإسلامية، أنها شنت «هجمات متلاحقة على رتل كبير للدبابات»، ما «أوقع خسائر فادحة بلغت تدمير 16 دبابة وسقوط عدد كبير من الإصابات».
واعترفت «إسرائيل» بسقوط مروحية عسكرية إسرائيلية من نوع «يسعور» على يد مقاتلي المقاومة الاسلامية وعلى متنها أربعة جنود كانت تحاول الهبوط على تلة في قرية ياطر جنوب لبنان.
كما حصلت اشتباكات عنيفة على محور اللبونة القريبة من الناقورة، ثم تراجع الإسرائيليون إلى بلدة الضهيرة الحدودية.
وزعم مسئولون بالجيش الإسرائيلي أن رد حزب الله على التوغل الإسرائيلي كان متوقعاً وأن القوات الإسرائيلية قتلت 40 من مقاتليه خلال الساعات الـ 24 الماضية وهو ما لم يمكن التحقق منه بشكل مستقل.
كما منيت «إسرائيل» هي الأخرى بخسائر بشرية إذ اعترف متحدث عسكري بمقتل 13 جندي وجرح 84 اخرون منهم 11 في حالة الخطر.
وبحلول الضحى كانت القوات الإسرائيلية تدعمها نيران المدفعية والمروحيات تخطت المنطقة العازلة بعمق يتراوح بين ستة إلى ثمانية كيلومترات حيث كان يدور القتال في الأيام والأسابيع الماضية.
كما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي 80 غارة على الأقل خلال الليلة قبل الماضية استهدفت ما قال إنها مراكز قيادة ومخازن أسلحة وخطوط إمداد تابعة لحزب الله بما في ذلك جسور وطرق وعشرة مواقع لإطلاق الصواريخ في منطقة النبطية.
وذكرت الشرطة اللبنانية أن طائرة دمرت أيضا محطة لتوليد الطاقة الكهربائية قرب مدينة صور في جنوب لبنان وذلك خلال غارات منسقة ضربت أهدافا في جنوب وشرق البلاد. وقال مسئولون لبنانيون إن أكثر من خمسة مدنيين قتلوا عندما أغارت طائرة إسرائيلية على إحدى القرى الواقعة شرق صور.
وفي المقابل ذكرت قناة «الجزيرة» أن أربعة جنود إسرائيليين قتلوا في اشتباكات مع حزب الله في جنوب لبنان. كما أطلق حزب الله 20 صاروخاً على «إسرائيل» فيما لم ترد أنباء عن وقوع ضحايا.
وأعلنت السلطات اللبنانية أن ما بين 700 إلى ألف لبناني الغالبية العظمى منهم مدنيون قتلوا خلال المواجهات. وأقرت المقاومة الإسلامية، الجناح العسكري لحزب الله، بأن ثلاثة من عناصرها قتلوا ما يرفع إلى 68 عدد المقاتلين الذين أعلن الحزب مقتلهم منذ بدء الهجوم.
وفي غضون ذلك، اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الله محمد برجاوى أن الأوامر التي أعطيت للجيش الاسرئيلي بتوسيع نطاق عملياته الهجومية أبلغ دليل على أن «إسرائيل» تسعى إلى فبركة نصر عسكري.
وأضاف برجاوى في تصريح نقلته شبكة «سى ان ان» أمس أن «إسرائيل» تلجأ إلى هذه الطريقة عندما تفشل في تحقيق أي انجاز عسكري، مؤكدا أن محاولاتها ستبوء بالفشل.
وقدر مسئول إسرائيلي الوقت الذي تحتاج الدولة العبرية للوصول إلى الليطاني بأربعة أيام. وقال الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية ايغال بالمور: «تكتيكات حزب الله ليست غريبة عنا. يريد توجيه أقوى ضربات ممكنة قبل تطبيق وقف إطلاق النار، ما سيمنعنا عندها من الرد، على أن يعلن انه انتصر بعد ذلك».
وأضاف «لذلك نحن نفضل أن نستبق الأمور من خلال توجيه ضربة كبيرة». وذكر انه في العام 1996 قبل ساعة واحدة على دخول وقف النار الذي وضع حدا لعملية «عناقيد الغضب» موضع التطبيق في لبنان، شن حزب الله اعنف موجة قصف منذ بدء المواجهات.
ويشير المسئولون الإسرائيليون إلى أن وقف إطلاق النار الذي دعا إليه مجلس الأمن لا يمكن أن يدخل حيز التطبيق قبل القيام باتصال مباشر بين أمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان وأطراف النزاع.
وتحدثت تقارير إسرائيلية عن وقف القتال اليوم (الأحد) أو غدا (الاثنين). وقال مسئول بالجيش الإسرائيلي لموقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» على الانترنت: «كلما طال الوقت أمامنا كلما زاد عمق العملية (البرية) وكلما زادت المناطق التي سنتمكن من استهدافها».
أما رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس فقال إن قواته ستظل في شمال الحدود حتى تنتشر القوات الدولية التي اتفق عليها في قرار وقف إطلاق النار في المنطقة.
من جانبه أشار رئيس أركان المنطقة الشمالية جنرال عالون فريدمان لراديو «إسرائيل» أن الجيش سيواصل العملية في جنوب لبنان لحين إصدار الحكومة تعليمات أخرى.
وأوضح حالوتس أن التقدم نحو نهر الليطاني الذي يقع على بعد 20 إلى 30 كيلومتراً من الحدود سيحتاج إلى مضاعفة القوات الإسرائيلية في لبنان ثلاث مرات. وأفاد أن عدد الجنود في لبنان كان عشرة آلاف موضحا انه أصبح الآن ثلاثين ألفاً. وأضاف أن العملية ستتم «على مرحلتين» موضحا أن «المرحلة الأولى ستتيح لنا السيطرة ميدانياً وستستمر بضعة أيام أما الثانية فتتمثل في تطهير ميداني وستدوم عدة أسابيع»
العدد 1437 - السبت 12 أغسطس 2006م الموافق 17 رجب 1427هـ