العدد 1433 - الثلثاء 08 أغسطس 2006م الموافق 13 رجب 1427هـ

فتاوى تفرق ولا تجمع!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

من المعروف عند الجميع أن هناك فروقاً بين المذهب السني والمذهب الشيعي، وهذه الفروق ليست طارئة ولم تعرف إلا هذه الايام وتحدثت عنها كتب الفريقين على تفاوت فيما بينها في طبيعة هذا الحديث وكيفية إبراز هذه الاختلافات والاحتجاج لها.

وكان يجب أن يكون معروفاً عند المتابعين أن هناك تطورات كثيرة مر بها المذهب الشيعي على مدار مئات السنين وأن ما كتب عنه قديماً أصحابه أو سواهم ليس بالضرورة أنه الموجود حالياً والشواهد التي نراها الان كافية لاثبات صحة ما أقول. واستطيع أن أؤكد أن المذهب السني مر بالتطورات نفسها وأن السياسة آنذاك كانت لاعباً أساسياً فيما كتبه أصحاب كل مذهب عن الآخر.

كنت اعتقد أن هذه المعلومات حاضرة عند الاخوة الذين أفتوا قبل بضعة أيام بحرمة مساعدة حزب الله في الحرب الدائرة رحاها في لبنان سواء أكانت هذه المساعدة مادية أو معنوية بل ان بعضهم حرم الدعاء لهم وكأن الله سبحانه وتعالى لا يعرف متى يستجيب أو لا يستجيب!

وكنت اعتقد كذلك أن هؤلاء الذين تطوعوا باصدار هذه الفتوى يدركون أن للحرب أحكاماً خاصة تختلف عن أحكام وقت السلم وأن مثل هذه الفتوى لا تخدم حالياً الا الصهاينة وقد فرحوا بها فعلاً وترجموها عملياً إلى قتل جماعي بربري بحجة أن بعض العرب يرون أن حزب الله يستحق هذا العمل فلماذا لا يحققون لهم ما يرونه!

ليت هؤلاء نظروا إلى حاخامات الصهاينة الذين أصدروا فتوى دعوا فيها إلى قتل نساء وأطفال لبنان وفلسطين لأن مناسبة الحرب في عرفهم تستدعي هذا الاجرام كله فالصهاينة في حال حرب وهذه الحال في عرفهم يجب أن يفعل فيها كل محرم في عرف الآخرين.

أليس من المؤسف أن يكون علماء الصهاينة أكثر إدراكاً لمواقعهم من بعض علماء المسلمين.

أليس من المستغرب أن يفتون على هؤلاء الفضلاء من علماء بلادنا أن الحرب التي تدور رحاها في لبنان ليست حرباً بين الشيعة والصهاينة؟! لبنان يحترق كله بجميع طوائفه المسلمون يموتون سنة وشيعة ومثلهم الفلسطينيون في المخيمات وكذلك بقية الطوائف على اختلاف مناهجها واتجهاتها، ما يجري في لبنان ليس حرباً بين الشيعة والصهاينة بل وليس حرباً بين لبنان واليهود إنها أكبر من ذلك بكثير هذه هي البداية والله يعلم كيف ستكون النهاية.

وإذا أردتم أن تدركوا حجم هذه العملية استمعوا جيداً إلى ما قاله نائب رئيس الوزراء الصهيوني شيمون بيريز عن هذه الحرب يقول: إن الحرب الجارية على لبنان هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لـ «إسرائيل». فإذا كانت المسألة كذلك وهي كذلك أفليس من مصلحة المسلمين كلهم المساعدة في موت هذا الكيان الذي اغتصب بلاد المسلمين وأثخن فيهم قتلاً وتشريداً؟

واستمعوا أيضاً إلى ما قاله رئيس سابق للموساد وهو شبتاي شافيت متحدثاً مع صحيفة «دي فيليت» الألمانية قائلاً: ان هذه الحرب بين لبنان و«إسرائيل» هي حرب بين الحضارات وليست مجرد حرب بين «إسرائيل» وحزب الله على قطعة أرض جنوب لبنان. وقال: هذه حرب بين المجتمعات الغربية والإسلام الأصولي.

ولعلكم تدركون الآن أن الاسلام الاصولي ليس هو «إسلام الشيعة» وحدهم. انه إسلامكم أنتم واسلام الاخوة في فلسطين الذين يقاومون المحتل واسلام المقاومين في العراق وسواهم كل هؤلاء أصوليون يجب قتالهم أينما كانوا أيكون رئيس الموساد أكثر فهما لطبيعة الصراع منكم؟

أعرف أن المآسي التي تجري في العراق قد تكون سبباً قوياً في فتواكم كلنا يرفض ما يجري هناك وكلنا يعرف أن ما يجري يخدم المحتل في النهاية الذي يقتل المسلمين في العراق وهو الذي يقتلهم حالياً في لبنان! أليست طائراته تنقل على عجل كل أسلحة الدمار إلى الصهاينة ألم تقل وزيرة الخارجية انها تريد إعطاء الصهاينة فرصة كافية لتدمير لبنان على كل من فيه؟ ولكن ما يحدث في العراق مختلف عما يجري في لبنان وليت المسلمين جميعاً حكاماً ومحكومين يدركون ذلك.

حسناً... حارث الضاري الذي تحدث عن المآسي في العراق بين السنة والشيعة طالب الجميع بتقديم كل عون لحزب الله وكل لبنان لأن الحرب اليوم كما قلت شاملة لكل اللبنانيين مثله فعل معظم العلماء في العالمين العربي والاسلامي ولبنان بكل علمائه السنة وقفوا إلى جانب حزب الله لأنهم ادركوا ببساطة أن هذه الحرب على لبنان كله هل تكونون رحمكم الله أكثر فهماً بطبيعة الصراع ممن يكتوي بناره صباح مساء؟ الا يسعكم ما وسع غيركم من علماء الأمة هل نحن بحاجة إلى خلافات أكثر مما نحن فيه؟

سمراء أميركا لا تتحدث عن «حزب الله» بل لا تتحدث عن لبنان كله انها تريد ابتلاع العرب كلهم وتحويلهم الى عبيد يخدمون سادتهم الاميركان والصهاينة فشل مشروعها في العراق بسبب المقاومة فأرادت إعادة التجربة من خلال ما يجري في لبنان وها هي تبشرنا بشرق اوسط جديد تكون فيه الغلبة للصهاينة فهل من مصلحتنا أن نقبل بهذا الخزي الذي يراد بنا؟ أليست من المصلحة أن نكون يداً واحدة لكي ننجو جميعاً من استعباد محقق؟

الشيء الذي أثار دهشتي في هذه الفتوى أنني لم أسمع مثلها عندما هاجم الاميركان العراق مع أن صدام حسين «بعثي» أي في المصطلح الآخر وفي العراق شيعة وسنة وسواهم كما في لبنان في المسألة العراقية الجميع وقفوا ضد الاميركان وهذا موقف رائع فلماذا اختلف الوضع الآن؟ وما الفرق في الحالين؟

نواب سويديون يطالبون بقطع العلاقة مع «إسرائيل» بسبب جرائمها في لبنان ومدينة ترمسو النرويجية تقرر مقاطعة البضائع الاسرائيلية احتجاجاً على ما يجري في فلسطين ولبنان وفنزويلا تسحب سفيرها والدول العربية تغط في نوم عميق وكأن أميركا و«إسرائيل» آلهة عظام لا يجوز عصيانها. وللأسف يأتي التخذيل من أكثر من موقع أليس من العيب أن يكون أولئك الأغراب أكثر تفاعلاً مع قضايانا منا أصحاب الشأن؟!

كم كنت اتمنى ألا أسمع تلك الفتاوى الآن نحن بحاجة إلى كل كلمة تجمعنا وتوحد صفوفنا وتقوي جمعنا. «اسرائيل» وأميركا تستهدفاننا جميعاً فهل ندرك ذلك كله؟ هل نتحرك بحجم الحدث؟ ياليت

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1433 - الثلثاء 08 أغسطس 2006م الموافق 13 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً