العدد 1433 - الثلثاء 08 أغسطس 2006م الموافق 13 رجب 1427هـ

مأسسة التبرعات

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تفاعل الشارع البحريني وتعاطف مع لبنان منذ اللحظات الأولى للاجتياح الإسرائيلي الأخير لأراضيه. تصاعد الموقف من متابعة الأخبار على شاشات التلفاز وعبر الفضائيات إلى بدء حملات التبرعات بما تجود به النفوس الطيبة. موقف نبيل يستحقه الشعب اللبناني وسلوك أصيل يعكس ما يتمتع به شعب البحرين من حب للخير ووقفة للأخ وقت الضيق. جيلنا نحن عاش مثل هذه الحالة في نطاق الصراع العربي الإسرائيلي أكثر من مرة: في العام 1956 إبان حرب السويس، 1967 أثناء حرب الأيام الستة أو ما أصبح يعرف بـ »هزيمة يونيو/ حزيران«، و1973 أو ما صار يطلق عليها اسم »حرب 6 أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان«، 1982 وهو الاجتياح الإسرائيلي الشامل لبنان، واليوم وهذه الحرب الشاملة التي تشنها »إسرائيل« من طرف واحد والتي صار البعض يطلق عليها الحرب السادسة. يبدأ الأمر بتفاعل عاطفي ينعكس في مسيرات ومظاهرات... يتطور الأمر رويداً رويداً لتبدأ حملات التبرعات التي غالباً ما تكون عشوائية وعاطفية... تجمع التبرعات... ترسل إلى البلد التي حلت به الكارثة... وينتهي الأمر وتبدأ الدورة من جديد عند كل عدوان إسرائيلي سواء كان على لبنان او غير لبنان من الدول العربية المجاورة.يثور هنا سؤال منطقي ومشروع: كم من هذه التبرعات تذهب إلى من يحتاجها حقيقة؟ وأكثر من ذلك ما هي القنوات التي تسلكها تلك التبرعات، أموالاً كانت أم مواد عينية، كي تتحول، لا إلى صدقات تبخر الأيام مفعولها والهدف النبيل التي جمعت من أجله، إلى مشروعات منتجة توفر للعائلات والأفراد الذين فقدوا مصادر رزقهم مورداً مستمراً للعيش بكرامة. ليس المقصود هنا التشكيك في نوايا أو سلوك من يقوم بجمع التبرعات، بقدر ما هو مأسسة الأعمال الخيرية وتوجيهها نحو أهدافها. لقد دمرت الغارات الإسرائيلية البنية التحتية اللبنانية، وإعادة تعميرها يحتاج إلى الكثير من المال والجهد، كما قضت على الكثير من المؤسسات المنتجة من مصانع وخدمات، ومن الطبيعي أن تتصدر إعادة الحياة لها قائمة احتياجات الشعب اللبناني، وأن كنا لا ندعي أننا أدرى بأولويات الشعب اللبناني منه نفسه أو من المؤسسات القائمة على جمع التبرعات من أجله. للبحرين تجربة حديثة وغنية في هذا المجال، تلك هي اللجنة التي تشكلت من غرفة تجارة وصناعة البحرين من أجل توصيل التبرعات للشعب الفلسطيني. إن النسبة العظمى من تلك التبرعات جاءت من القطاع الخاص سواء من الأفراد أو من المؤسسات، وليس هناك أفضل ولا أكثر حقاً من تمثيل هؤلاء من الغرفة لذلك فمن المنطقي والطبيعي ان تتشكل لجنة تنبثق من الغرفة تتولى التصرف في التبرعات بعد استكمال جمعها. ولا يساورنا الشك في أن تكون لدى الغرفة أو لجنتها التي ستنبثق عنها الحصافة والخبرة اللتان تمكنانها من التصرف الصحيح المطلوب في تلك الأموال. تبقى هناك مسألة تستحق النظر، وهي أنه طالما بقيت »إسرائيل«، فمنطق الأمور يقول ان نتوقع دورة عدوان كل 10 سنوات تحقق فيها »إسرائيل« بعضاً من أهدافها والتي من بينها إعادة زرع الرعب وعدم الثقة في المواطن ومن بعده المقاومة العربية، وطالما لا يبدو في الأفق حل لهذ المشكلة سواء بإزالة »إسرائيل« أو التفاهم معها والقبول بالتعايش السلمي معها... الا يستحق الأمر مأسسة ذلك من خلال لجنة مستمرة ثابتة تتولى إدارة مثل هذه الحالات بدلاً من ترك الامور على الغارب تحينا لحدوثها من أجل الدخول في دوامة ردة الفعل منها؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1433 - الثلثاء 08 أغسطس 2006م الموافق 13 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً