العدد 1431 - الأحد 06 أغسطس 2006م الموافق 11 رجب 1427هـ

نزع سلاح المقاومة خيانة عظـمى وإثـم سياسي كبير

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

الجميع في لبنان يتحمل المسئولية في إبراز الوجه الحقيقي للعدوان الإسرائيلي، من خلال تسليط الضوء على المجازر الإسرائيلية المتنقلة إعلامياً وسياسياً، فلا يعقل أن يستنفر العالم لساعات أمام هول مجزرة قانا ثم يسكت تحت وطأة الضغط الأميركي ويتراجع عن التحقيق، ثم يصمت صمتاً مريباً أمام المجزرة الجديدة في «القاع» وغيرها من المجازر اليومية المتنقلة. فهل ان عيون الأمم المتحدة لا تبصر إلا بعد أن تنطلق الصرخة من مواقع إعلامية وسياسية معينة بعد هذه المجازر المتنقلة، أم المقصود أن تستمر هذه المجازر كجزء من الضغط على لبنان تمهيداً لتقديمه التنازلات والاستسلام للشروط الإسرائيلية؟

إن المسئولية لابد أن يتحملها كل الفرقاء في لبنان وكل من يدعي الوقوف الى جانب اللبنانيين من العرب والمسلمين، لمنع «إسرائيل» والإدارة الأميركية من تحقيق أي إنجاز سياسي بعدما عجز العدو عن تحقيق ذلك في أرض المعركة، وذلك بفضل صمود المجاهدين وصلابتهم، والالتفاف الشعبي حول المقاومة الذي أكد قدرة الشعب اللبناني على مواجهة العدوان وإفشال أهدافه.

وأية تسوية وأي حل لابد أن يأخذ بعين الاعتبار هذه المجازر، وعلى الدولة اللبنانية أن تبادر لتحريك هذا الملف جنباً إلى جنب مع الملف السياسي، على أساس محاكمة الإسرائيليين كمجرمي حرب وعدم التغاضي عنها أو الاستهانة بها أمام الضغط السياسي، لأن أي تعاط غير مسئول معها سيقودنا إلى حمامات دم مستقبلية، وإلى مجازر أخرى قد ترتكبها «إسرائيل» أمام أعين العالم المتفرج.

إن السقف السياسي الذي رسمته الإدارة الأميركية لهذه الحرب منذ انطلاقتها، وأرادت من خلاله اختراق النسيج اللبناني الداخلي من خلال السعي لإسقاط المقاومة وروح الممانعة اللبنانية الداخلية، لا يمكن أن يكون هو المظلة التي تخيم على الوضع بعد مضي خمسة وعشرين يوماً من العدوان، لأن هذا السقف السياسي الأميركي جرى رسمه بحسب الخطة الميدانية التي افترضت فيها الإدارة الأميركية أن جيش العدو سيتمكن خلال فترة زمنية قصيرة من الانتصار على المقاومة، ولكن الذي حدث ان المقاومة هي التي استطاعت هزيمة هذا الجيش في أكثر من موقع، وإسقاط هيبته وتمريغ ما يسمى بقوته الردعية بالوحل، وبالتالي من المفترض أن تأخذ المسألة السياسية الحسابات الميدانية بعين الاعتبار.

إن على جميع المسئولين في لبنان، سواء في الحكومة أو في المواقع الأخرى كالمجلس النيابي أو رئاسة الجمهورية، أن يتحركوا ضمن السقف الذي أكدوا عليه سابقاً بأن لبنان لن يقبل التفاوض قبل وقف إطلاق النار، لأن أي خروج عن جادة الوحدة الداخلية من خلال المواقف الضعيفة أو المرتجلة من شأنه أن يعطي العدو بصيص أمل بإمكان اختراق الجسم السياسي اللبناني الرسمي بعدما عجز عن اختراق الجسم اللبناني الشعبي. وإن ما يدعو إلى الاعتزاز تلك المواقف التي أكدت على أن المشكلة انطلقت في الأساس من الاحتلال، وأن المعالجات لا بد أن تنطلق من هذا الأساس، وهي مواقف تشير إلى أن في لبنان رجالات تتحلى بالقدر العالي من المسئولية التي من شأنها أن تقول للأميركيين بأن رهاناتكم على المتناقضات الطائفية في لبنان قد سقطت.

ولقد أثبتت المقاومة في لبنان أنها تمثل عنصر الردع الحاسم، والقوة التي لا يمكن للبنان أن يتخلى عنها بأي شكل من الأشكال في ظل الأطماع الإسرائيلية وتمادي العدوان. وأي حديث عن نزع سلاحها بعد كل ما حدث يرتقي إلى مستوى الخيانة العظمى ويمثل إثماً سياسياً كبيراً، فضلاً عن أنه لن يستطيع أحد أن يحقق ما عجزت عنه الآلة العسكرية الإسرائيلية في هذا المجال

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1431 - الأحد 06 أغسطس 2006م الموافق 11 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً