العدد 1429 - الجمعة 04 أغسطس 2006م الموافق 09 رجب 1427هـ

«إسرائيل» أساءت تقدير قوة حزب الله

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

تقوم «إسرائيل» بحملة تشويه إعلامية دفاعاً عن جرائم الحرب التي ترتكبها في لبنان.

وتعمل بعد أيام قليلة على المجزرة التي اقترفتها ضد السكان المدنيين لبلدة قانا في جنوب لبنان، في تزويد وسائل الإعلام العالمية بروايتها عن جريمة الحرب وتتهم حزب الله بإطلاق صواريخ على «إسرائيل» من مبانٍ آهلة بالسكان وتخزين أسلحته في مساكن مدنية. وكانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قد توقعت عقب وقوع مجزرة قانا أنها تتوقع حصول انعطافة للحرب. في اليوم التالي للمجزرة تحدثت عنها جميع وسائل الإعلام العالمية. اعتبر الإسرائيليون ومؤيدو العدوان الإسرائيلي على لبنان أنه في هذا اليوم حقق الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله أكبر انتصار معنوي له في مواجهة «إسرائيل». وقالت ليفني أن صور القتلى بين المدنيين تسهم في تراجع الأوروبيين عن المشاركة في المشروع الذي تأمل به «إسرائيل» وهو نشر قوات دولية في جنوب لبنان لهدف منع حزب الله في المستقبل من مهاجمة «إسرائيل».

وفقا لسفير «إسرائيل» السابق في ألمانيا آفي بريمور فإن العدوان الإسرائيلي على لبنان سيستغرق عدة أيام حتى يجري إرسال قوة دولية إلى جنوب لبنان. ويجري الحديث عن دور قيادي لفرنسا، أما ألمانيا فقد نقلت الصحف الألمانية عن مصادر حكومية في برلين قولها إن طاقات القوات المسلحة الألمانية استنفدت نسبة لمشاركة ألمانيا في مهمات سلام في أفغانستان والبلقان والقرن الإفريقي والكونغو، لكن المصادر الألمانية ذكرت أن ألمانيا قد تقدم مساهمة عسكرية رمزية. في برلين أيضا، كما في واشنطن ولندن، ينتظر السياسيون الذين أيدوا ما قيل أن «إسرائيل» تدافع عن نفسها، أن تتوقف العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي حتى يسهل التوصل إلى تسوية للنزاع. ورفضت حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا الدعوة لوقف إطلاق النار مانحين «إسرائيل» بعض الوقت لإنجاز العمل القذر في لبنان.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إنه لا يعرف متى تستغرق مهمة «إسرائيل» في لبنان ثم اعترف بالسبب حين قال: يكمن ذلك لأن العمليات العسكرية تحتاج لوقت أكثر مما توقعناه. حتى الآن لم تقدم «إسرائيل» للرأي العام العالمي أدلة على أنها حققت إنجازات عسكرية. وسبب تأييد غالبية الإسرائيليين لعمليات الجيش الإسرائيلي في لبنان تعلقهم بأمل أن يمنع الإسرائيليون حزب الله في المستقبل من ضرب المدن والمستعمرات الإسرائيلية بالصواريخ، لكن أولمرت لم يقض على جيش حزب الله ولم يوفر للصحافة الدولية صوراً لمخازن أسلحة حزب الله في جنوب لبنان. كما أن عملية الإنزال في بعلبك استهدفت مستشفى ونفى حزب الله أن الذين خطفتهم «إسرائيل» من قادة الحزب أو ينتمون إليه. كما لم تمنع «إسرائيل» مواصلة تعرض مدنها في العمق لقصف مستمر بصواريخ حزب الله والبالغ عددها مئة صاروخ على الأقل في اليوم الواحد. واعترف جيورا إيلاند الجنرال الاحتياطي والمستشار الأمني لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون أن حزب الله أكثر قوة اليوم من السنوات القليلة الماضية، وقال إنه كان بالوسع تفادي الحرب من خلال تحفظ «إسرائيل» واتباع السبل الكفيلة للتفاوض للإفراج عن الجنود»، أما الخيار الثاني فكان «ينبغي أن نقوم بحربنا الحالية في لبنان قبل ثلاث سنوات حين كان حزب الله أقل قوة». لكن، بحسب اعترافات المستشار الأمني السابق لشارون، لا أحد في الحكومة الإسرائيلية اليوم شكك بنجاح الخطة الإسرائيلية في لبنان. وهناك خيار ثالث: إذ بعد ثورة الأرز في لبنان وخروج القوات السورية منه نشأ وضع جديد في تغيير لبنان فلأول مرة ظهرت في لبنان حركة وطنية. الولايات المتحدة المنهمكة في حرب العراق كانت لها مصلحة في التغيير بلبنان، كذلك فرنسا التي كانت مستعدة للمساهمة بدور كبير في إعادة تعمير لبنان، كما أن مصر والسعودية التي تشعر أنها مهددة من قبل إيران، كانت مستعدة جميعا لمواجهة حزب الله. وبشأن خطته قال إيلاند إنه اقترح باقة من الحلول لعرضها على اللجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة)، لم يكن بوسع «إسرائيل» فقط المطالبة بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559. حتى توافق الحكومة اللبنانية يتعين على «إسرائيل» تقديم تنازلات مثل الإفراج عن معتقلين لبنانيين وإعادة ترسيم الحدود. غير أن شارون وأولمرت رفضا مقترحات إيلاند لأنهما أساءا تقدير الوضع الأمني على الحدود مع لبنان وكان على هذا الوضع أن ينفجر آجلاً أم عاجلاً.

الثابت أن أولمرت لم يتوقع معارك طويلة، وكان أن عمل بمبدأ بوش مرتين: حين صرح عند بداية المعارك أن «إسرائيل» تشن حرباً ضد الإرهاب والإسلاميين المتطرفين، ثم حين سعى لاستخدام مبدأ بوش في حرب العراق بضرب المدن التي تنطلق منها هجمات المقاومة العراقية. وإذ إن الغارات على المدن العراقية أسفرت عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين لم يختلف الأمر حين أغارت الطائرات الإسرائيلية على المدن والقرى اللبنانية ما عرض «إسرائيل» لانتقادات دولية وقيامها بجرائم حرب في لبنان مثلما فعلت الولايات المتحدة في العراق. ويرى فيليب غوردون من معهد بروكينغز في واشنطن أن استراتيجية الضرب من الجو واستهداف المدنيين لا تصلح، معتبرا أن إشراك القوات البرية السبيل الوحيد. غير أن الكثير من المحللين العسكريين يرون أن المعارك تسير عكس ما خطط له الإسرائيليون، فقد منيت «إسرائيل» حتى يوم الأربعاء الماضي - وهذا الرقم الرسمي - بـ 55 قتيلاً غالبيتهم من الجنود و580 جريحاً. وذكر مصدر عسكري إسرائيلي في تصريح نشر في برلين أن الشيعة أقوى بكثير مما توقعناه. الهجمات المباغتة لحزب الله تفاجئ الإسرائيليين في كل مكان بحيث يصعب على الأسلحة الإسرائيلية والأميركية المطورة التصدي لحرب المقاومة. وقال الجنرال الإسرائيلي ياكوف أيدرار: لم يسبق أن واجهت «إسرائيل» منظمة تحوز على تقنية عسكرية متطورة. حتى الدبابة الإسرائيلية المطورة (ميركافا) بوسع صواريخ (كورنر) من صنع روسي التي يستعملها حزب الله خرقها، كما أن أنظمة الصواريخ المحمولة والمضادة للمروحيات تعطل على الإسرائيليين التحليق في أجواء الجنوب اللبناني. كما ادعى الإسرائيليون بعد أيام على بدء الحرب أنهم استولوا على بنت جبيل وبعد وقت قليل منيوا فيها بخسائر بشرية عالية تبعها اعتراف «إسرائيل» أن المدينة اللبنانية ليست تحت سيطرة «إسرائيل».

تشمل المقاومة اللبنانية وفقا لتقارير عسكرية غربية طول حدود لبنان مع «إسرائيل» على رغم أن الجيش الغازي يستخدم جميع أنظمة أسلحته التقليدية. خلال 12 يوماً أطلق الإسرائيليون 20 ألف قنبلة بينها قنابل عنقودية أميركية من طراز 1ء483ح إذ كل قنبلة عنقودية تنفصل عنها 88 قنبلة شديدة الانفجار. وفقا للقوانين الدولية محظور استخدام هذه القنابل في مناطق مأهولة بالسكان بسبب الخسائر العالية التي تلحقها في صفوف المدنيين، لكن «إسرائيل» لا تأبه للانتقادات الدولية طالما تشعر أن لها مؤيدين سياسيين في واشنطن ولندن وبرلين. وحين شارفت القنابل الذكية الغبية على النفاد طلبت «إسرائيل» من الولايات المتحدة تزويدها بأسرع وقت بقنابل تخرق المخابئ تحت الأرض لاعتقاد «إسرائيل» أن قادة حزب الله يشرفون على الحرب من مخابئ، وأرسلت واشنطن التي قامت ببناء جسر جوي قنابل من طراز 23 صا للقيام بالمهمة. أكثر من 23 طناً من القنابل المدمرة رماها الإسرائيليون فقط على المكان المزعوم وجود السيدحسن نصرالله فيه في الضاحية الجنوبية لكنه ظهر بعد قليل على شاشة (المنار) وتوعد بضرب العمق الإسرائيلي. صرح وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيريتز أن «إسرائيل» بحاجة إلى ثلاثة كيلومترات تقريباً لوقاية نفسها من صواريخ حزب الله.

كما اقترح القائد العام السابق للقوات الألمانية في الصومال والبوسنة وكوسوفو هيلموت الجنرال هارف جعل منطقة خالية في عمق لبنان لمسافة 40 كلم. بعد وصول صواريخ حزب الله إلى عفولة في عمق «إسرائيل» تبين للاستراتيجيين كم هم على خطأ حين قللوا من شأن القوة العسكرية لحزب الله

العدد 1429 - الجمعة 04 أغسطس 2006م الموافق 09 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً