العدد 1428 - الخميس 03 أغسطس 2006م الموافق 08 رجب 1427هـ

الإنسان وراء المسلم

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

ذهبت إلى المدرسة في مناطق مقاطعة البرتا الريفية (الكندية) ابتداءً من الصف السادس، وفي كل سنة كان علي تحمل مهرجان الفروسية السنوية لمدرستي. بالنسبة إلى معظم الطلبة كان ذلك المهرجان أهم حدث في سنتهم الدراسية. كان فرصة لهم لعرض حيواناتهم الفائزة بالجوائز أو عرض مهاراتهم في حوادث مثل دحرجة البراميل وركوب الخيول الهائجة، في محاولة لتحويل المتمدنين أمثالنا قامت المدرسة بتوفير نشاطات أقل تحدياً، مثل السباق على ظهور خنازير طُليت بالشحم.

لم يكن لدي اهتمام بالمشاركة. والداي كانا يمتلكان فندقاً صغيراً وليس مزرعة، فأخبرت معلمتي أني مسلمة وأن لمس الخنزير مخالف لديني، على رغم معرفتي أن ذلك يبتعد قليلاً عن الحقيقة.

عندما رفضت ريتشي إعفائي من المشاركة ناقشت القضية مع والدي، وكنت متأكدة أنه سيقف بجانبي، ولكني كنت على خطأ. أصرّ والدي على مشاركتي في المهرجان، بل وحتى اشترى لي لباس راعي البقر، وكان يصر على أن أشارك أنا وأخواتي في كل ما هو كندي.

هذه المعركة شكلت إنذاراً بالكثير من المعارك التي سأخوضها في المستقبل، ليس فقط مع والداي وإنما كذلك مع نفسي بشأن موقعي بين الانخراط الكامل والحفاظ على ثقافتي.

بعد سنوات من العمل المضني (وثلاثين سنة في كندا) وصلت أخيراً إلى جغرافية جديدة. كان مكاناً ثقافياً ونفسياً جمع هوياتي المختلفة في هوية واحدة وأعطاني شعوراً بالمنزل والوطن. أسميت هذا المكان «الكندي». الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول غيّر ذلك كله. كذلك فعلت جميع الأعمال الإرهابية اللاحقة، أو المحاولات الإرهابية، كتلك التي تقول السلطات إنها كانت مخططة من قبل أعضاء في خلايا إرهابية اعتقلت هنا في الفترة الأخيرة. هذه الحوادث جميعها، بأسلوب أو بآخر، طردتني من منزلي الجديد، وتم تفكيكي وتحليلي. هويتي المسلمة أُخذت مني كما يؤخذ الرمز الجيني من سلسلة الحمض النووي.

هذا هو كل كيانك: مسلمة تم تكبيرها تحت المجهر.

بعد بعد الحادي عشر من سبتمبر تعودت بسرعة على القوانين الجديدة. التشديد والفحص المزدوج على الحدود، الاحتجاز في المطارات، نظرات شكاكة في أنفاق القطارات، وخصوصاً إذا كنت تحمل كيساً على ظهرك. تعلمت كيف أشرح بإسهاب وتفصيل، وهو أمر تتعلمه منذ الصغر إذا كنت مهاجراً له لون مختلف. (من أين أنت؟ ماذا يعني اسمك؟). بغض النظر عما إذا كنت تريد ذلك أم لا فأنت كمسلم (أعلمانياً كنت أم غير ذلك؟) يتم اجتذابك بشكل آلي إلى جدل عن الإرهاب. ليست عندي مشكلة في المشاركة بجدل كهذا، ولكني أريد المشاركة كمواطنة وليس كمسلمة، كمسلمة يتوقع الجميع مني أن أكون خبيرة وأن تكون عندي معرفة داخلية معمقة عن الموضوع. يريدون رأيك بشأن الموضوع وتاريخ الإسلام وسيكولوجية التفجير الانتحاري. ليست لدي فكرة عما يحفز الإرهابي (إلا كروائية). الإرهابيون والإسلاميون المتطرفون يسكنون في أماكن بعيدة مختلفة عني نفسياً وثقافياً، حتى ولو نشأوا في كندا وحتى يتسنى فهم هؤلاء الشباب بصورة أفضل وسبب تحولهم إلى العنف قد يكون من المنطقي أكثر طرح السؤال على من يحلق شعر رأسه أو على عضو في الجيش الجمهوري الإيرلندي أو أحد نمور التاميل أو غيرهم. باستثناء ذلك، وإذا طرحت السؤال عليّ فأنا على استعداد لأن أعطي رأيي، مثلي مثل غيري، من الخارج

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1428 - الخميس 03 أغسطس 2006م الموافق 08 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً