لم يكن من الغرابة أن يطلب القائم بالأعمال في السفارة البريطانية بالبحرين ستيفن هاريسون من الصحافة المحلية التوقف عن نشر صور الدمار والموت في لبنان وعدم اللغط في موقف أميركا وأن بلاده ستواصل كعادتها في حل الأزمات جهودها الحثيثة في إنهاء القتال الدائر في المنطقة والذي يدخل أسبوعه الثالث. فسعادته ذو قلب رقيق لا يستطيع أن يتحمل مثل هذه المشاهد المروعة التي لم يعهدها من قبل، فهو لم يعاصر الحرب العالمية الأولى ولا الثانية ولا عهد الاستعمار وما فعلته بلاده في تلك الحقبة وما جرته من ويلات على الدول المستعمرة وشعوبها حتى يومنا هذا.
لكن رئيس حكومة بلاده طوني بلير لم يمهله ساعات حتى يجف حبر ورقه فأفصح عن تلك الجهود التي تحدث عنها صاحبنا كثيرا، فها هو بلير يدعو المجتمع الدولي إلى تفهم المأزق الذي تواجهه «إسرائيل» حالياً في لبنان وغزة بل المنطقة بأكملها، و إلى ضرورة التمعن في الأسباب التي دفعتها إلى الرد بهذه الطريقة العدوانية، لكنه كحليفته الولايات المتحدة أعرب عن دعمه الكامل لها وفي حقها بالدفاع عن نفسها. فياليت صاحبنا وقف مثل ابن جلدته نائب الأمين العام للأمم المتحدة مارك مالوك براون الذي حث بريطانيا والولايات المتحدة على الاضطلاع بدور ثانوي في حل الأزمة لأنهما ورطا نفسيهما في الحرب على العراق. وقال الرجل إن بريطانيا يتعين أن تكون مستعدة لأن تكون «تابعاً وليس قائداً» في الأزمة الجارية بالشرق الأوسط.
فصاحبنا كمثل الذي يريد أن يكحل عينه فعماها أو أن يصلح عوجاً فزاده اعوجاجاً، فبكل بساطة يريد الدبلوماسي البريطاني تنفيذ طلبه من دون مقابل وكأنما الذي يحدث في لبنان مجرد لعبة في يد طفل تبدأ وتنتهي من دون خسائر أو أن الأرواح البريئة التي تزهق بالآلة الحربية الإسرائيلية التي أوجدتها بلاده العظمى بوعد بلفور المشئوم ليست شيئاً يذكر أو يستاهل الخوض فيه، في نظره. فياليته لزم الصمت لكان أفضل له ولسمعة بلاده، وقديماً قالوا «السكوت من ذهب»
إقرأ أيضا لـ "احمد شبيب"العدد 1427 - الأربعاء 02 أغسطس 2006م الموافق 07 رجب 1427هـ