فكر صغيراً، ابقَ صغيراً. فكر كبيراً، قد تكبر أو لا تكبر، لكنك ستتعرف على المزيد وأكثر من مجرد الجلوس حيث أنت من دون استكشاف الفرص والروابط والعلاقات الكائنة في كل مكان ومجال. في محيط اجتماعي يمتد من قارة إلى أخرى ينمو الإنسان عبر التخيل والتصور والإبداع، وكذلك هو الأمر للدول. فتصور إذا خشي الإنسان البدائي من النار ولم يتخيل ويفك سر هذا الوميض وكيفية تشييده والسيطرة عليه. فمن دون الخطوة الأولى وهي الثقة بالخيال والتصور، كل الأمور تبدو عجيبة غريبة لا يمكن فهمها ولا حتى استغلالها لنجاحنا.
فكم من فرصة ضيعت إذ لم يتولَ شخص ما الأمر ليأخذ على عاتقه منظور عقلية مفتوحة وجريئة لا تخجل. لا محل من الإعراب للتواضع في سعي العلم والازدهار وكذلك المال والأعمال. لماذا نقف جانباً بينما شركات الدول الأخرى تسيطر على الفرص الربحية والمثمرة؟ لماذا لا نقتنص الفرص قبل الشركات الأخرى؟ هل ينقصنا شيء؟ كلا. فكل ما في الأمر هو أن ننظر لانفسنا، كما نريد الناس - والمستثمرين والمستهلكين - أن ينظروا إلينا. من هذا المنطلق، يمكننا القول بأن الظروف ليس لديها احتكار في مدى نجاحك أو حجم شركتك وأعمالك، بل أنت أيضا تحدد نجاحك بتفعيل ما في مخيلتك.
اليوم في الشرق الأوسط لا يمكننا القول بجدية إن لدينا منتجاً أو علامة تجارية حقاً عالمية متعرف عليها دولياً. في حين نضع حجراً على حجر وندمر البيئة البحرية لتشييد الكثير من المباني الفارغة، ونعيد صوغ عقود القروض التقليدية إلى شرعية مازال العالم ينظر إلينا كبرميل نفط ضخم لا ينفد. أتساءل لماذا؟ أين الشجاعة والمخيلة الشرقية الحق؟ أين عبقرية الخوارزمي وابن سيناء وابن خلدون والفارابي، وأين إبداع عمر الخيام؟ دقات نبض هؤلاء الرواد مازالت تسمع لكن هي عادة قادمة من الغرب والشرق الأقصى بدلا من شرقنا.
صحيح، قد أتسرع في سؤال لماذا نحن لا نترك بصمات أكبر وأضخم على الحضارة العلمية - العملية المعاصرة اليوم، لكن أفضل أن نتسرع في السؤال الآن بدلاً من الجلوس صامتين. بالطبع لدينا تجربة »الجزيرة«، والتي هي سياسية أكثر مما هي تجارية. لكن تبرهن بأنه يمكن لدولنا أن تثبت وجودها على الساحة الدولية عبر علامات تجارية قوية، لها أثرها وهدفها. فـ »الجزيرة« هي كوكاكولا منطقتنا، وكل يوم تصبح سفيرة لحضارتنا الشرقية ووجهة نظرنا )لا اعتزم بأن القناة من دون نقاط ضعفها أو ناقديها، لكن هذا واقع لكل شركة ومؤسسة(. فإذاً هناك المجال للمشروعات وحتى أحلام اليقظة التي قد تفزع ذوي العقول الصغيرة لكنها القلب النابض بالحياة لذوي العقول المنفتحة.
أتذكر أول ملصق رأيته في لندن لـ »الجزيرة« قبل حوالي عشرة أعوام. من كان يعتقد بأنها ستصبح سي.إن.إن. العرب... وقد تصبح سي.إن.إن. العالم بأسره في السنوات العشر المقبلة
العدد 1424 - الأحد 30 يوليو 2006م الموافق 04 رجب 1427هـ