لاتزال وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس تغدو ذهاباً وتروح إياباً في المنطقة قاطعة الرقم القياسي في التنقل، تأتي وفي حقيبتها رزمة من الشروط التعجيزية التي تضعها «إسرائيل» والتي لا تحل الأزمة بقدر ما تعقدها، وحين تصطدم بالرفض كما حدث في لقائها مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري فإنها تخرج غاضبة ومهددة بأنها لن تعود إلى المنطقة إلا حينما تتلاءم الظروف مع شروطها. فلا استقرار لها، فبالأمس القريب تهدد دمشق وطهران من التدخل في الأزمة وتحذرهما من أنهما ستتعرضان لمزيد من العزلة إذا حاولتا إفساد الجهود التي تقودها للتوصل إلى هدنة بين لبنان و«إسرائيل»، ثم بعد ذلك تعود لتلمح للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بالسعي لإشراك سورية في حل الأزمة. وكانت تسعى جاهدة لعدم استصدار قرار أو اتفاق لوقف النار، معللة بأنها لا تريد تكرار وقف لإطلاق نار يتيح لحزب الله أن يعيد تجميع صفوفه والتسلح وتعزيز قوته ليشكل من جديد تهديداً أكبر لـ «إسرائيل»، وهذا ما اقتنع به البعض في المنطقة وأفصح عنه المتحدث باسمها شون ماكورماك الذي أكد أنها أجرت مباحثات معمقة مع قادة المنطقة الذين عاهدوها بأنهم سيلعبون دوراً مهماً في حل الأزمة بما يرضي الولايات المتحدة وخلفها «إسرائيل».
وها هي تعود مجدداً في ثاني زيارة للمنطقة في أقل من أسبوع بعد أن فاجأها رئيسها جورج بوش بالأمر حينما أعلن ذلك في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البريطاني طوني بلير وحدد مهمتها الجديدة بدفع الأطراف إلى الاتفاق على مقترحات لإنهاء القتال كي يتم تضمينها في مشروع قرار لمجلس الأمن يمكن أن يطرح الأسبوع المقبل، فلم تستطع رايس أن تلمم أغراضها حتى قطعت مشاركتها في ماليزيا على عجل ومسرعة في سفرها مبتدئة بـ «إسرائيل» غير عابئة بتصادف السبت إجازة لليهود لتأخذ منهم الشروط التي تناسب مقاسهم كي تعرّج على لبنان لتعرض عليه هذه الشروط، فهي بالتالي لا تختلف حقيقة في مهمتها عن مهنة ساعي البريد
إقرأ أيضا لـ "احمد شبيب"العدد 1423 - السبت 29 يوليو 2006م الموافق 03 رجب 1427هـ