المقدمة الأولى: «لم أبتهج يوماً بخروج «حزب الله»، ولا سرّتني مدائحه لولاة دمشق أو ملالي طهران، وكم بدا لدي جالية ايرانية أو وتداً سورياً. لكن مقاتلي «حزب الله»، حين يستشهدون، يكفّون أن ينتموا إلى تنظيم موال إلى سورية أو إيران. يصبحون أبناء دمهم السكيب في أرض جبل عامل وحده لا شريك له، ينحلّ لبنان في عروقهم، وينحلّون في عروق الأرض، فتغتذي ينابيع الباروك والليطاني.
لحظة الشهادة لحظة عشق. لحظة استقالة من التنظيم البارد، الجاف، المسوّر، الحبيس، للانتساب إلى الأنهار والطيور والمراعي والقصائد والأشواق.
الشهداء شعراء. فكيف لا أصغي إلى قصائد أبناء «حزب الله» وأبناء المدى اللبناني الذبيح تتلوها أجسادهم على مسمع الدنيا؟ كيف لا أرفع صورهم إيقونات في صحن الدار أطل منها على «فراديس النور؟». تلك كلمات الكاتب اللبناني «جورج ناصيف»، وأي كلمات هي...!
المقدمة الثانية: إن حزب الله ليس سوى ثيوقراطية طائفية مدججة بالسلاح، وهو سيد الاغتيالات التي كانت قد طالت رجالات ومثقفي وأحرار وسياسي الدولة اللبنانية الديمقراطية العلمانية، ولا بد من تنفيذ مقررات الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان. تلك كلمات «شيوعي» سابق، «ليبرالي جديد» حالياً، لكنه مازال عاجزاً عن فهم أيٍ منهما، لا الشيوعية ولا الليبرالية القديمة منها أو الجديدة.
البعثيون الجدد، والشيوعيون ذوو الصبغة النيوليبرالية لغتهم/ لكنتهم هذه الأيام «خواء» صرف، تحريض على الفتنة والقتل، تسجيل تاريخي جديد لتحالف العربي الجديد مع الإسرائيلي، مشاركة لليهودي في حفلات الدم المقامة على أجساد أطفال لبنان وفلسطين. ماذا بعد... لا شيء جديداً، فـ «اللكنة الإسرائيلية» لا رقة فيها، ولا حباً. فكيف لأشباح «الانتقام» و«سفك الدم» و«الرجعية الجديدة» أن تقرأ تراتيل الإنسانية والرحمة، هُراءٌ أمانينا.
خذ أيها الشيوعي العتيق قوسك «التليد»، واذهب إلى شمال «إسرائيل»، ووجه قوسك صوب «الجنوب»، لا تخطئ الهدف، صوبه جيداً لنحر «طفلة» لم تزد سنها على عام، أو ارم نبلاً في صدر واحد من أفراد «حزب الله» ، أو ازرع سيفك في قلب امرأة ثكلى... فلن تأتي بجديد أيها الليبرالي الجديد فجأة. فأي جديد لديك. تجاسري أيتها البعثية المفجوعة بذل صدام حسين بالمشاركة في حمام الدم في لبنان وغادرينا إلى هناك. واعلمي، كل لبنان «صفوي»، كله يحب المقاومة، كله يبكي شهداءه، «شيعة» و«سنة» «مسيحا» و«دروزاً». كلهم أشكال من أشكال «الصفوية» التي تؤرق منامك الموبوء. اذهبي واشربي من دماء الشهداء والأطفال. فأنت أيضاً، لا تأتين بجديد.
الجديد حقاً، أن الإنسانية فينا «عَدَم»، وقد عَلِمَ بهذا ما «فَهِم»
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ