إنها الليلة التي يجتمع فيها أبناء القبيلة الواحدة لساعات محدودة، تحت بريق الأضواء الساطعة، لكي يشربوا سويا نخب الشهرة، ويسبح الكبار في أضوائها الذهبية، والصغار يحلمون باعتلاء منصتها... هكذا وصف الكاتب الأميركي بيتر براون، ذات مرة، حفل الأوسكار مؤكدا بأنه «أقرب إلى الطقس الوثني».
ربما نتفق مع هذا القول كثيرا... باعتبار أن هناك الكثير من الجدل والنقاش في الأوساط السينمائية والفنية عن صدقية هذه الجوائز. وعلى رغم كل هذا، إلا أن مهرجان الأوسكار السنوي يثبت بأنه الأهم والأشهر من بين مهرجانات السينما في العالم، فهو الآن يحتفل بمرور خمسة وسبعون عاما على إقامة أول حفل له (16 مايو/آيار 1929).
ومع بدء العد التنازلي لليلة الحفل هذا العام، والذي من المقرر أن يكون في 23 مارس/آذار... كان لابد لنا في هذا العدد من سينما، أن نقدم للقاريء عرضا لأبرز الأفلام المرشحة للأوسكار، وذلك لأهمية هذا الحدث بالنسبة للسينما والسينمائيين، وحتى بالنسبة لجماهير السينما والمهتمين بها... وهي محاولة متواضعة منا لمتابعة الجديد في الأوساط السينمائية.
فجوائز الأوسكار تمثل ارفع جوائز هوليوود، والفوز بأي منها يمكن أن يدعم نجومية ممثل صاعد أو يتوج المشوار الفني لمخضرم في مجال السينما. هذا إضافة إلى أن الأوسكار هي ختام مهرجانات هوليوود الكثيرة... ففي كل عام وقبل إعلان جوائز الأوسكار، تقوم عدة نقابات تمثل كتاب ومخرجي ومنتجي وممثلي السينما والتلفزيون بتوزيع جوائزها على أعضائها وغالبا ما يكون الفائزون اشد المتنافسين على الأوسكار. فالذين فازوا مثلا بجوائز أفضل ممثل من نقابة ممثلي السينما في الست سنوات الماضية، كانوا أنفسهم الفائزين بأوسكار أفضل ممثل من العام نفسه، والاستثناء الوحيد كان للممثل «بنيشيو ديل تورو» الفائز العام الماضي بجائزة النقابة لأفضل ممثل عن فيلم «تهريب»، والحاصل فيما بعد على جائزة أوسكار أفضل ممثل مساعد... كذلك في تصنيف أفضل ممثلة، اذ حصلت خمس من بين سبع ممثلات فزن بجائزة النقابة على أوسكار أفضل ممثلة.
هذا العام أيضا... يمكننا القول ان جوائز المهرجانات الأخرى، قد شكلت الترشيحات الأولية لجوائز للأوسكار... اذ سيطر فيلم «شيكاغو» وفيلم «الساعات» على جوائز الكرة الذهبية، وجوائز الهيئة الوطنية للنقاد... وكان فيلم «بعيدا عن الجنة» نجم مهرجان نقاد نيويورك... أما فيلم جاك نيكلسون الجديد «عن شميدت» فلم يكن نصيبه أقل لوجود ذلك الأداء المذهل الذي قدمه هذا الفنان العبقري في هذا الفيلم.
ترى ماذا ستكون حظوظ هذه الأفلام في مهرجان الأكاديمية الأميركية لفنون السينما (الأوسكار) هذا العام؟
نختم حديثنا هذا بوصف لتمثال الأوسكار، جاء على لسان كاتب السيناريو فرانسيس ماريون، الذي حصل على الأوسكار مرتين، اذ قال: «إنه الرمز النموذجي لصناعة السينما... جسد رياضي قوي يمسك بسيف المحارب، بينما نصف رأسه الأعلى الذي يحوي العقل مبتور»
العدد 142 - السبت 25 يناير 2003م الموافق 22 ذي القعدة 1423هـ