لسنا تحت تأثير اللحظة الانفعالية العاطفية إذا قلنا إن «حزب الله» أصاب الصهاينة في مقتل، إذ باعترافهم أنفسهم هو كذلك، فقد جاء في افتتاحية صحيفة «هآرتس» عن ضربة «حزب الله» على أنها: «الضربة المؤلمة للسيادة الاسرائيلية». وجنرالات الحرب الصهاينة يستعدون لمواجهات وأيام مريرة، كما هي تصريحاتهم، وكما هو هروبهم الكبير من مدنهم وقراهم فالضربة مؤلمة، وهي بداية سلسلة مفاجآت قادمة، كما قال السيدحسن نصرالله، ويبدو ذلك جلياً في نجاح الحزب في «نقل المعركة خارج حدودها المتعارف عليها منذ 1949 كما يسميها المحلل السوري عماد فوزي شعيبي، بـ «مناطق الصدام الكلاسيكية». قوة «حزب الله» كانت مصدراً للقال والقيل، ولا أعلم بالضبط ما هو العيب أو الخطأ في أن يحصل «الحزب» على تمويل من إيران إذا ما تقاطعت مصالحهما مع بعضهما بعضاً، فما بالك عزيزي القارئ أن الأمر أكبر من ذلك؛ إذ الاثنان (حزب الله وإيران) ينتميان إلى الإسلام بل وإلى المذهب ذاته! فهل مستغرب أن تدعم إيران حزب الله؟ أم يكون من العار على إيران التخلي عن حزب الله، في الظرف الراهن تحديداً؟
وبالتالي، فإن التهريج والتعبيرات الساذجة التي تنطلق من أفواه بعض الكتبة وتنشر سمومها «المسجات»، والأقلام الصحافية المدفوعة الثمن (عقاراً أم منقولاً) أو أي مال آخر، والتي تقول إن حزب الله تدعمه إيران. هذا الأمر (أي دعم إيران) ليس له مجال للنقاش أو هو سر حتى يذاع بشكل متكرر وغبي، وليس هو أمراً جوهرياً في الصراع العربي الصهيوني الذي هو لب الأمر كله، من الخليج إلى المحيط.
ليس مهماً من أين أتى حزب الله بهذه الأسلحة، من إيران أم سورية، أم من «إبليس»! وقد كان المجاهدون الأفغان وعلى رأسهم أسامة بن لادن وعلى الأخص في «مأساة الأنصار» التي استبسل فيها شخصياً وكاد أن يستشهد، استخدموا السلاح الأميركي وكانوا يشترون الأسلحة من واشنطن! فهل كانت واشنطن تملي عليهم أوامرها؟ طبعاً لا. ولكنها تقاطع مصالح، يقدرها من هو على الثغر رافع لواء الجهاد والفداء؛ وليس الكتبة من خلف المكاتب أو الذين «يتمخطرون» في الأندية الصحية، أو أولئك الذين يتهربون عن سداد الأجرة المستحقة عليهم نظير إكرام الله لهم بالدين الإسلامي.
«عطني إذنك»...
أسعدتني هذه الوقفات الوطنية للبنانيين من السنيورة إلى الحريري إلى عون إلى جنبلاط، كما سعدت بالروح المعنوية العالية لأهلنا في لبنان، ووقوفهم خلف المقاومة في هذا الظرف الحرج، وذلك مما يحسب لهم وفي ميزان وطنيتهم... وهذا هو سر لبنان، إذ قوته في شعبه، وكما كتب أستاذنا العزيز وليد نويهض: «ان تقويض الدولة ليس صعباً لأن الدولة من حجر بينما تقويض المقاومة ليس سهلاً لأن المقاومة من بشر»
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1415 - الجمعة 21 يوليو 2006م الموافق 24 جمادى الآخرة 1427هـ