العدد 1415 - الجمعة 21 يوليو 2006م الموافق 24 جمادى الآخرة 1427هـ

أميركا تكمل حروبها في لبنان بعد العراق وأفغانستان

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

إنها الحرب، حرب أميركا ضد الشعب اللبناني استكمالاً لحروبها على العراق، وأفغانستان، وتخطيطا لحرب استباقية مستقبلية على سورية وإيران، وذلك بشكل مباشر في آلتها العسكرية الهائلة وفي الآلة العسكرية الإسرائيلية التي هي يدها الضاربة لتأديب من تريد تأديبه ومعاقبة من تريد معاقبته وتخويف من يراد تخويفه، ولاسيما الدول العربية التي يخوف بعضها بعضاً من الضغط الأميركي - الإسرائيلي فلا تملك من أمرها شيئاً حتى أنها قدمت التنازلات الحيوية من مواقفها ولم يستجب لها المتحالفان استراتيجياً وهذا ما لاحظناه في قرارات قمة بيروت العربية التي سخرت منها «إسرائيل» وأميركا واجتماع وزراء الخارجية العرب أخيراً الذي أعلن بعده وفاة قضية السلام العربي- الإسرائيلي بعد تسليمها الى «إسرائيل» ومحاولة الذهاب الى مجلس الأمن حائط المبكى العربي».

إنها الحرب الأميركية بيد «إسرائيل» ضد المدنيين اللبنانيين وتهدم البيوت الآمنة على رؤوس أهلها الهاربين من القصف الإسرائيلي من اطفال ونساء وشيوخ وشباب لأن الرئيس بوش وإدارته يستمتعون برؤية أشلاء الأجساد المقطعة بالقذائف الأميركية التي تزود بها بلاده «إسرائيل» ولا سيما أجساد الاطفال الذين يخشى ان يتحولوا الى مجاهدين في المستقبل. إنها الوحشية الأميركية التي تجرب اسلحتها في المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين بحجة انها تريد محاربة حزب الله وذلك بإعلان الحرب على اللبنانيين عقاباً لهم على تأييد المقاومة.

لقد تحدث الرئيس الأميركي وإدارته عن لبنان الديمقراطي الحر السيد المستقل ولكنه بدأ يدمر هذا البلد بكل مواقعه ومفاصله لأنه لم يستطع اخضاع لبنان كله بسياسته الاستئصالية الاستكبارية لأنه لا يحترم اي بلد واية ديمقراطية واي حقوق للإنسان إذا تعارض ذلك مصلحة «إسرائيل»، وسينتصر لبنان الحرية وانطلقت المقاومة لتحقق التحرير في هذه المرحلة ضد «إسرائيل» الأميركية بعد تحقيقها التحرير في سنة 2000، وها هي المقاومة تتصدى للجيش الذي قيل انه لا يقهر بإنزال الضربات القاهرة في مستوطناته ومدنه التي دفعت الناس هناك الى الملاجئ وعطلت الحركة الاقتصادية والسياسية ما جعل التجربة في الصراع في الموقع المتقدم الذي يبادل القصف بالقصف والتحدي بالتحدي في أول تجربة عربية اسلامية ضد العدو.

إنها الحرب التي حاول العرب نسيانها ليستبدلوها بالسلام الذليل الذي لم يحقق لهم أي موقع للقوة أو أي احترام للأمة وهذا ما لاحظناه في الموقف العربي الرسمي الذي أطلق الحرب ضد المقاومة التي أعادت حركة الصراع ضد العدو الى بداياتها وحيث يراد للاجيال الجديدة ان تبدأ الأخذ بروحية المواجهة من جديد. انهم لا يهاجمون العدو في عدوانه على لبنان وفلسطين ولكنهم يهاجمون الذين يقاتلونه ويتصدون له لأنهم يخافون من حركة المقاومة في تطلعها الى مستقبل القوة والعزة والكرامة.

إننا لا نطلب من العرب بالدخول في حرب دفاعاً عن لبنان وفلسطين ولكنهم اذا كانوا لايزالون يحترمون عنوان العروبة أو الإسلام ان يقوموا بالضغط على «إسرائيل» أو أميركا من ناحية اقتصادية وسياسية ودبلوماسية لأنهم يملكون الكثير من هذه الوسائل التي لو حركوها لرأوا أكثر من نتيجة إيجابية لمصلحة الموقف العربي المستقل القوي.

إننا نتوجه الى الشعوب العربية والإسلامية ان تنزل الى الشارع في صرخة احتجاجية قوية ضد التحالف الإسرائيلي - الغربي وتنطلق في مقاطعة اقتصادية يشعر بها الغرب كله بالخطر على مصالحه لأن ذلك هو الذي يملك ان يحرك مواقع القرار في الشركات المتنوعة هناك. إن الحرب هي حرب الأمة في مستقبلها الذي هو مستقبل الحرية والكرامة للاجيال القادمة.

أما في لبنان، فإننا نجدد دعوتنا للحكومة اللبنانية ان لا تكون فريقا محايداً في المعركة، لأن القضية قد تحولت الى الحرب ضد لبنان كله من دون فرق بين جنوب وشمال وبقاع وعاصمة، ولأن المدنيين يتساقطون بالقصف الإسرائيلي الحاقد المجنون، ونسألها لماذا لا يصدر القرار للجيش اللبناني الذي هو القوة للبنان ان يدافع عن الوطن؟ لأن من العار ان يقتل ضباطه وجنوده في ثكناتهم بالقصف الإسرائيلي عقابا له على مواقفه الوطنية من دون قرار سياسي يستطيع من خلاله ان يخوض الحرب التي هي حرب لبنان، ونقول للسياسيين في لبنان إن المرحلة ليست مرحلة إثارة الحديث بشأن الخلافات السياسية مع المقاومة لأن العدو، كما صرح مسئولوه، أخذ الشرعية لحربه ضد اللبنانيين من ذلك.

ان بعض المواقف التي يتحدث بها بعض الناس اسقطت كل شعارات السيادة والحرية والاستقلال، لأننا لا نفهم معنى الحرية عندما يتحرك العدو ليأخذ حريته في إبادة الشعب كله ليدافع عنها.

تعالوا الى لبنان العنفوان والقوة والحرية والعزة والكرامة، لأن المعركة لن تنتهي في هذه المرحلة بقطع النظر عن النتائج لأن لبنان في موقعه ودوره وامتداده العربي وخبرته الاقتصادية سيبقى النقيض لـ «إسرائيل» التي تريد ان تأخذ دوره في المنطقة سياسياً واقتصادياً.

وسيبقى الصراع في المستقبل القريب والبعيد، فلينطلق التفكير في المستقبل بعيداً عن زوايا الحاضر المختنقة في ظلام الحزبية والطائفية وبقية العصبيات.

وأخيراً، إننا نتوجه الى الشعب اللبناني الثاكل الجريح الصابر الصامد ان ينطلق في ساحة الوحدة الوطنية ولا يسقط أمام هذا التحدي الإسرائيلي الأميركي لأنه الشعب الذي عاش تاريخه في مواقع العزة والكرامة، وعليه أن يتضامن في عملية تكافل اجتماعي يدعم بعضه بعضاً ويحمي بعضه بعضاً ولاسيما في رعاية المنكوبين والمهجرين والنازحين

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1415 - الجمعة 21 يوليو 2006م الموافق 24 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً