العدد 1412 - الثلثاء 18 يوليو 2006م الموافق 21 جمادى الآخرة 1427هـ

السيدحسن نصرالله والوعد الصادق

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

تابعت كغيري حديث السيدحسن نصرالله بعد العملية التي قام بها حزب الله إذ تم اختطاف جنديين إسرائيليين، وأكد السيدحسن أن الهدف من هذه العملية هو مبادلة الاسري اللبنانيين والفلسطينيين بهذين الجنديين، وأكد أنه لن يتم الافراج عن هذين الجنديين مهما كانت النتائج إلا بمبادلتهما بأسرى العرب في السجون اليهودية. وأضاف السيد نصرالله أن هذه العملية لم تكن مفاجئة لأنه أعلن نيته عن القيام بها منذ سنوات ولكونه وفى بما وعد فقد كان من حق هذه العملية أن تسمى بـ «الوعد الصادق».

من دون شك كان هناك فرح كبير في الشارع العربي وقد رأينا علامات هذا الفرح من خلال الاستطلاعات التي قامت بها بعض القنوات الفضائية في أكثر من بلد عربي. ولعل مرد هذا الابتهاج ان الشارع العربي لم ير انتصاراً عربياً يتحقق على اليهود مهما كانت ضآلته، فإذا اضفنا إلى ان الكراهية الشديدة التي يكنها العرب والمسلمون عموماً للصهاينة، وكذلك الانتصار الكبير الذي حققه حزب الله على اليهود إذ استطاع إخراجهم من لبنان عرفنا سر ذلك الفرح بهذه العملية والتطلع إلى عمل شيء آخر ضد الصهاينة.

ردود الفعل العربية تباينت بشأن هذه العملية، ولكن الشيء المهم أن العرب جميعاً اتفقوا في اجتماعهم في القاهرة يوم 15 يوليو/ تموز 2006م على ادانة جرائم الحرب التي ترتكبها «إسرائيل» سواءاً في لبنان أو في فلسطين، كما أكدوا تضامنهم المطلق مع لبنان واثنوا على صمود اللبنانيين وتضامنهم ووحدتهم... ولكن هذا التضامن العربي سيكون عديم الفائدة إذا لم يترجم إلى عمل سريع يصب في صالح لبنان وفلسطين.

الواضح من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده عمرو موسى مع وزير الدولة الإماراتي أن العرب جميعاً ليس في أجندتهم حالياً أي فكرة لدعم فلسطين أو لبنان، فعمرو موسى يعلن وفاة عملية السلام، مع انني اجزم بأنه يعرف انها لم تولد أصلاً، كما أعلن أنه سينقل عملية السلام برمتها إلى مجلس الأمن ليعيد النظر فيها وكأن هذا العمل انتصار حققه وزراء الخارجية العرب مع انهم يعرفون، جيداً أن أميركا هي التي تدير مجلس الأمن، ويعرفون كيف أن أميركا رفعت «الفيتو» أمام أي عمل يصب في صالح العرب، ووقفت حالياً ضد عمل أي شيء يصب في صالح لبنان أو فلسطين، بل ان أميركا هي التي تشجع الصهاينة على الاستمرار في قصف المصالح الحيوية في لبنان، وتدعي ان عملياتهم الاجرامية هي حق لهم ولا بأس من الاستمرار فيها حتى تتحقق لهم كل مطالبهم في لبنان.

العرب جميعاً لن يستطيعوا التأثير على مجلس الأمن أو سواه لأنهم ببساطة ضعفاء ومتفرقون ولم يعملوا أي شيء طيلة عشرات السنوات لكي يحققوا لدولهم أو شعوبهم القوة الحقيقية التي تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم. وأميركا و«إسرائيل» تريدان للعرب جميعاً أن يستمروا بهذا الضعف المخجل كي تبقى السيطرة الكاملة لها في المنطقة العربية، ومن هنا نفهم سر النقمة الهائلة على أي مقاومة جادة تظهر في المنطقة لكي تبقى المعادلة كما هي، أي ان القوة الوحيدة في المنطقة هي «إسرائيل» وحدها... ولأن حزب الله كسر هذه القاعدة عندما اخرج الصهاينة من لبنان، وكذلك عندما أسر جنديين لمبادلتهما - وعلى رغم أنف الصهاينة - بسجناء عرب فإن الصهاينة ادركوا أنهم أمام محنة حقيقية، بل ادركوا ان وجودهم أصبح مهدداً بالكامل لو استطاع حزب الله أن يحقق مطالبه ولهذا كانت ردة فعلهم هائلة لا تتوازى مع مسألة، أسر جنديين فقط. «إسرائيل» عازمة على كسر إرادة المقاومة العربية في لبنان أو فلسطين ومن أجل ذلك رأينا حجم الدمار الهائل الذي احدثوه في كل من لبنان وفلسطين، والصهاينة يدركون جيدا انهم ان حققوا كسر إرادة المقاومة فلن تقوم للعرب قائمة بعد ذلك.

والسؤال الآن: في ظل هذه الظروف السيئة التي تمر بعالمنا العربي هل يكتفي هذا العالم - شعوباً وحكومات - بالكلام وحده أو الاستنكار، لا شيء غير ذلك؟ الصهاينة أعلنوا - وفعلوا - أنهم ماضون في تدمير لبنان، والأميركان أعلنوا كذلك انهم واقفون مع الصهاينة، فما الذي فعلناه نحن لكي نخفف معاناة الشعبين اللبناني والفلسطيني، بل لكي نرفع العار عن الأمة كلها؟

أعتقد أنه من واجب الحكومات العربية أن تكون أكثر جدية وصدقا في تعاملها مع هذا الحادث المهم الذي له ما بعده، وأهم شيء يجب ان تبدأ به هذه الحكومات أن تعلن تضامنها مع المقاومة في فلسطين ولبنان باعتبارها حقاً مشروعاً في كل القوانين الدولية والشرائع السماوية، وعليهم أن يضربوا عرض الحائط بكل الأقوال الأميركية والصهيونية التي تدعي ان هذه المقاومة ليست مشروعة وانها إرهابية... وعلى كل الدول التي لها علاقة من أي نوع مع الصهاينة أن تقطع هذه العلاقة لأنها لم تعد لها أي قيمة، فالمعروف أن الصهاينة وحدهم هم المستفيدون من هذه العلاقة الآثمة، فما قيمة العلاقة معهم مادامت عملية السلام ماتت كما قال عمرو موسى، وما قيمتها مادامت لبنان تهدم فوق رؤوس أصحابها وكذلك فلسطين؟ ومن واجب هذه الدول أن تدعم المقاومة بكل ما تحتاج اليه من دون خجل أو تردد، لماذا تفعل أميركا ذلك مع دولة محتلة وتخجل الحكومات العربية من إعلان دعمها للمقاومة المشروعة؟ ومن واجب الشعوب العربية والإسلامية أن تعلن تضامنها عملياً مع المقاومة المشروعة، لقد تحركت هذه الشعوب عندما اساءت حكومة الدنمارك إلى الرسول (ص)، وكانت حركتها مباركة... فأين حركتها الآن مع أن «قتل مسلم واحد أعظم عند الله من من هدم الكعبة» مطلوب من هذه الشعوب أن تقدم الدعم المادي والمعنوي للمقاومة في فلسطين ولبنان، وبهذه المناسبة احيي كل الشعوب العربية والمثقفين العرب الذين أبدوا تعاطفاً حقيقياً مع المقاومة، لكننا نريد المزيد فالمعركة يبدو أنها طويلة والمؤكد أنها مصيرية. في هذه المعركة يجب أن تتوحد جهود الحكومات مع شعوبها لاظهار الدعم الحقيقي للمقاومة ومن دون ذلك فإن الكرامة العربية بل والوحدة العربية سيصبحان مهددين - الصمت الآن ليس من الحكمة، انه عار يلحق كل فريق في هذه الأمة، وهو يصطدم للشرع الإسلامي الذي نؤمن به جميعاً فالأمة يجب أن تتوحد في هذه المحنة التي تكاد أن تأتي عليها جميعاً.

المئات يموتون في لبنان ولا ندري ماذا سيحدث في الأيام المقبلة ويبقى الصمت في ظل هذه الأصوات فعلاً معيباً أليس من العيب ان تتحرك بعض الدول الأجنبية وتسكت كثير من دولنا؟ أليس من المعيب ان تقول «إسرائيل» انها اقوى من كل دولنا وتقبل هذه الدول بهذه المعادلة المخجلة مع عظم الإمكانات التي تملكها هذه الدول؟

أليس من المعيب ان يستشهد اولمرت في كلمته امام الكنسيت بآيات من التوراة، بعد لبسه القبعة اليهودية في الوقت الذي يخجل فيه بعض حكام العرب من تلاوة آية واحدة أو ابتداء كلامهم بالبسملة؟

على أية حال «إسرائيل» عانت كثيراً خلال الأيام الماضية من مقاومة حزب الله وخسرت الكثير الكثير وستعاني أكثر في المستقبل إن شاء الله وهم لا يملكون القدرة على الاستمرار والصمود، اما المسلمون فهم يملكون هذه المقدرة وقد أثبتت الوقائع قديماً وحديثاً ان المسلمين الصادقين يصنعون العجائب... المهم ان يستمر الصمود وان يتعاون كل المسلمين مع المقاومة الصادقة المشروعة في فلسطين ولبنان.

الشعب كله يتطلع إلى المقاومة في لبنان ويدعوا إليها ويتفاعل معها، ويسأل الله لها النصر وسيظهر الحق على الباطل ان شاء الله وعلينا ان نقرأ جيداً قوله تعالى: «إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون». (النساء: 104

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1412 - الثلثاء 18 يوليو 2006م الموافق 21 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً