من غير المتصور قيام حزب الله بهذه العمليات النوعية بلا غطاء شعبي من فلسطيني الداخل أو الخارج، بل وحتى من داخل الكنيست، فهذا السيد «زحالقة» عضو الكنيست الإسرائيلي، من «عرب 48»، يصرح بأنه يقف مسانداً إلى حزب الله، بل وغالبية اللبنانيين من الجنوب إلى الشمال، وغالبية العرب والمسلمين تقف في الظرف الراهن مع حزب الله. بعض الكتبة، ومثلما «تفلسف» من قبل باستجواب شرعية المقاومة الفلسطينية وسياسة «حماس»، يعيد اليوم بالضبط والربط، طرح الأسئلة ذاتها على حزب الله، من مثل: ماذا في مقدور هذا الحزب أن يقدمه أمام الآلة العسكرية للكيان الصهيوني؟ لن يجلب الحزب إلى «لبنان» إلا الخراب والدمار! وكأن حزب الله تقوده مجموعة مراهقين! وكأنه لا يوجد لديه مركز للدراسات الاستراتيجية والابحاث، وقادة ميدانيون عسكريون يخططون وينفذون. وكأن الحزب يعمل بالتضاد مع المقاومة الفلسطينية وليس في اتساق تام مع أعمالها!
إنها أسئلة تعبر عن روح الانهزام، أو عن شيئين ليس لهما ثالث، فإما أن الكتبة لديهم المقدرة العسكرية والنظرة الاستراتيجية التي تفوق قدرة حزب الله بقادته وكوادره، وبالتالي فإن هؤلاء «الكتبة» أعلى كعباً من إمكانات الحزب وقدرته على التحليل والتنبؤ والاستشراف المستقبلي. ولا أعتقد أنهم يقولون بهذا «التهريج»، وإما إنهم أغاضتهم إمكانية الحزب الوصول إلى «حيفا» ولجوء الصهاينة إلى الملاجئ. ولا تفسير لدي غير ذلك؛ سوى شذرات مما يقوله البعض إن هؤلاء يستعرضون عضلاتهم الطائفية! والأمة في مفصل تاريخي أجمعت فيه الشعوب العربية والإسلامية على التضامن مع حزب الله ضد الكيان الصهيوني. عبرت الجماهير البحرينية عن تعاطفها من خلال المسيرات التي خرجت متضامنة مع حزب الله «لبيك يا مقاومة»... وبالأمس خرجت الجماهير ذاتها ضد خيار الحرب على العراق، وقبلها قدمت الجماهير دم شهيد على اعتاب السفارة الأميركية في المنامة... المشهد ذاته يتكرر: شعب البحرين بـ «سنته» و«شيعته» يتضامن مع أهلنا في فلسطين. إلا أن بعض الكتبة لا يريد أن يرى ذلك، في محاولة لرسم صورة كاذبة في أذهان الجمهور ومن ثم الدفاع عنها لكي لا يخسر مواقعه الطائفية. فمن يسأل عن سبب عدم التضامن مع «غزة»، عليه أن يسأل نفسه كم موضوعاً كتب مدافعاً فيه عن الحق الفلسطيني؟ ما هو موقفه من عملية التطبيع؟ وهل خرج شخصياً في يوم ما في مسيرة تضامنيه مع الفلسطينيين؟ وهل سالت منه قطرة دم دفاعاً عن فلسطين؟ وإلا فإن دم الشهيد «الشاخوري» لم يجف بعد!
«عطني إذنك»...
من قصر النظر الديني والسياسي والتاريخي لدى هؤلاء الكتبة، أن يعتبروا عمليات حزب الله النوعية انها تصب في صالح «إيران»، فإن كان لها من تأثير على الملف الإيراني فإنه سلبي، إذ سيشتد الوثاق الإمبريالي عليها. في حين يغفلون عن الفائدة المتحصلة لهذه العمليات، ففي جانبها الروحي رد الاعتبار الجزئي للكرامة العربية وإحياء روح الأمل التي فقدناها كعرب ومسلمين، وفي جانبها الواقعي مشاغله الكيان الصهيوني والتخفيف عن أهلنا في فلسطين المحتلة
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1412 - الثلثاء 18 يوليو 2006م الموافق 21 جمادى الآخرة 1427هـ