يقول أدونيس «ألا تكاد الحقائق في لبنان أن تكون أكثر عدد من الأشخاص؟»، نعم، وكل خراب في هذه الأرض العربية الملعونة المتآمرة على نفسها جميل، إلا خراب بيروت، هو مستثنى باللبنانيين ومقاومتهم البطولية.
كل الحقائق زائفة، إلا حقائق لبنان حية...
ويقول أدونيس (ليختر كل قارئ الكلمات التي تلائمه في حديثه عن بيروت/ الجسم، خصوصا ما اتصل بـ «القلب»، «الرئتين»، و«الشرايين»). وللقارئ أيضاً أن يتألم لبيروت كيفما شاء، كأن يقلل أحد منا شهيته للأكل، أو ينتحر حزناً، إلا أن أحداً من هذه الأمة التي لا تستحق الحياة لن يقف في لحظة شجاعة ليقول «أعلنوا انسحابكم من الأمم المتحدة والجامعة العربية»! يكفي هذا الهراء.
ويقول أدونيس «بيروت/ نصا: صور، اشارات، تنحرف وتشرد. لا أرى ضابطا او معيارا. نص يشطح في متاهات لا تعرف كيف تدخل اليها، واذا دخلت فقد لا تخرج». بيروت الاختلاف والمخالفة والتخالف كلها اليوم «دمع» و«دمار»، إلا أن الصورة تبقى شجاعة عصية على الهزيمة. بيروت لا تدخلها إلا الأشياء التي لا تستطيع الخروج منها، لا نملك مع بيروت ذلك «القرار»، نحن لا نستطيع أن ندخل بيروت إلا بان نحلم بأن لا نخرج منها.
ويضيف أدونيس «كلما تركت بيروت الى مكان آخر (...) تشتد في نفسي تلك الحاجة الملازمة، السيدة، إلى أن أكتب (الفضيحة)»، أن أكتب الفضيحة: أعني أن أعري النفاق والخداع والمخاتلة التي تهيمن على الواقع العربي، وأن أضع الجسد العربي - جسدي، على مشرحة تنسجها آلام العرب، وأقلبه تحليلاً وتفكيكاً.
أقول: صدقت نحن في الوطن العربي لسنا أكثر من «فضيحة»!
ويختتم ادونيس مقولاته بأن يقول «في زيارة اخيرة للبنان لم أكد أسمع أحدا يتكلم، حقا، إلا الجرس والمئذنة».
وأقول: نحن هنا لا أحد يتكلم لا الجرس ولا المئذنة، خرساء هي عقولنا ومبانينا ودورنا الشاهقة الغبية، لا صوت هنا، ففي بيروت كل الصوت، ونحن من هواة «المشاهدة»
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1411 - الإثنين 17 يوليو 2006م الموافق 20 جمادى الآخرة 1427هـ