خطوة متقدمة قامت بها شركة بتلكو بمقاضاة هيئة تنظيم الاتصالات بشأن التسعيرة فئة العشرة دنانير لخدمة الانترنت، وان كانت الخطوة جريئة وغير مسبوقة فانها تهدف الى حماية الشركة والمحافظة على مصالحها ووضعها في سوق الاتصالات، وقد تكون هذه النقلة النوعية بداية لكبح جماح بعض المؤسسات والهيئات والشركات التي تتذرع بالمحافظة على المصلحة العامة على حساب استنزاف جيوب المواطنين، بينما تتحول المصلحة العامة الى خاصة باستنزاف جيوب موازنة الدولة عند اقرار الحساب الختامي وتحديد المكافآت المرتفعة لأعضاء مجلس الإدارة.
تسعى شركة بتلكو إلى إلغاء القرار الجزائي لهيئة تنظيم الاتصالات بعدم الترخيص للخدمة المذكورة، بعد تعثر الاتفاق بين الطرفين، والدخول في مواجهات اعلامية استخدمت فيها الهيئة لهجة عسكرية معروفة المصدر، بينما عرجت بتلكو سريعاً على أبواب القضاء الاداري لحسم النزاع وحفظ ماء وجهها أمام الزبائن، ونجحت في ذلك الى حد ما، إلى أن تظفر بالغاء القرار شريطة عدم الانسحاب مبكراً استجابة لأمر أو واسطة.
ما نشر حديثاً من أن الشركة المدعية تسعى احتياطياً إلى الدفع بعدم دستورية المادة (66) من قانون الاتصالات، ويأتي هذا الدفع على خلفية اختصاص هيئة التحكيم من دون غيرها بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين هيئة تنظيم الاتصالات وأي مشغل مرخص له. وما يهمنا في هذا الجانب، أن قيام القضاء بالفصل في هذا النزاع اداريا، أو إداريا ودستوريا، قد يستغرق بين عامين وأربعة أعوام تقريباً، وهنا يكمن الضرر الواقع على المستهلك واستسلامه إلى دفع رسوم مرتفعة قياساً بما طلب الترخيص له في التسعيرة محل النزاع، ولذلك لابد من حل ومخرج وتدخل جذري، والابتعاد عن ابتزاز الزبائن بحجة اللجوء الى القضاء، بل والإسراع بهيكلة إدارية تعيد إلى الهيئة دورها الطبيعي واختصاصها المحايد.
ان كان تعيين المدير العام ورئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة تم بموجب مراسيم، والناس بحاجة إلى مرسوم آخر يستغفر للمراسيم السابقة، ويضع سقفاً لصلاحيات الهيئة وامتداد سلطاتها أكثر مما يجب، وبات الأمر واضحاً للعيان، فالهيئة بمنظومتها الادارية الحالية تقف في وجه الترخيص لخدمات الاتصالات الضرورية للمستهلك، ولا تتردد في فرض الرسوم المرتفعة بأسلوب يتعارض مع القدرة الشرائية للمستهلك في البحرين. فالمواطن غير معني بالنزاعات الكبرى لأطراف السوق، ولا شأن له بالدخول بين سلاطين الاتصالات ومتابعة تصفية حسابات معقدة، واستعراض عضلات لا يهتم بها المواطن البسيط. ولا نتحدث هنا فقط لأجل توفير خدمة بخمسة أو عشرة دنانير، ولكن عزل المجتمع تقنياً وثقافياً وحجب رأي الفرد والجماعة عن القيادة السياسية وقطع ألسنة الناس يعد من مخلفات العهد القديم وموروثات عساكر الظلام، وكأن جلالة الملك يوجه تعليماته بخصوص حرية الرأي والتعبير إلى إدارات الصم والبكم، وعلى الهيئة الموقرة أن تتأمل هنا قليلاً، فإما أن الملك يتحدث عن بلد آخر، أو أن الهيئة لا تنتمي إلى البحرين
إقرأ أيضا لـ "معاذ المشاري"العدد 1409 - السبت 15 يوليو 2006م الموافق 18 جمادى الآخرة 1427هـ