العدد 1407 - الخميس 13 يوليو 2006م الموافق 16 جمادى الآخرة 1427هـ

التقاء المعارضة الكردية مع السلطة

فاروق حجي مصطفى comments [at] alwasatnews.com

كاتب سوري

حدث أمران على المشهد السياسي الكردي السوري في الأيام الأخيرة، الأول انعقاد مؤتمر كردي في بروكسل، والثاني: التقاء عدد من قياديي الأحزاب الكردية مع نائب الرئيس السوري نجاح العطار ولمرتين تفصل بينهما أيام فقط.

في الأمر الأول فشل الأكراد في التوصل إلى صيغة موحدة يسندها دعم كردي من داخل الوطن، وذلك لأن غالبية النشاطات التي يقوم بها أكراد أوروبا تكون ارتجالية وغير مدروسة، ولعل السبب يعود إلى ان ثمة خلطا بين أكراد الداخل وأكراد المهجر، وكل طرف يضيع وظيفته ويدخل في المتاهات. هذا التناول الكردي للسياسة، كان سبباً لحدوث شروخ داخل الأكراد، لذلك رأينا ان المذكرة التي قدمت إلى السيدة نجاح العطار لم توقعها بعض الفصائل، مع ان المذكرة تطالب السلطة بإيجاد حل لمئات الألوف من الأكراد المجردين من الجنسية منذ العام 1962 ويعانون المآسي في مختلف مجالات حياتهم، ومحرومون من حق العمل والسفر والتملك.

ولأن الوضع لا يحتمل أكثر، أصبح من الضروري أن تبحث القوى الكردية عن سبل لوضع حد لهذا الوضع يعيد الجنسية إلى جميع الأفراد والأسر الذين سجلوا في إحصاء 1962 سواء سجلوا ضمن سجلات الأجانب أو المكتومين، ولتحقيق العدل وإعادة البسمة إلى هؤلاء المظلومين. وهذا العمل لا يسيء إلى القضية الكردية بل يساعد على الحل، إذ معالجة مشكلة إحصاء 1962 بشكل جذري تشكل مدخلاً سليماً ومهماً لإيجاد حل ديمقراطي للقضية الكردية في سورية ضمن إطار وحدة البلاد، وتعزز الوضع الداخلي وتخفف الاحتقان.

وللأسف هذا الوضع لم يكن مفهوما لدى بعض الأكراد في سورية، وبدا الأمر كأنه نهاية التاريخ بالنسبة اليهم. ويبدو ان من المقدر على الأكراد أن يكونوا هكذا مشتتين، ولا يستطيعون فهم ان قضيتهم قضية وطنية ديمقراطية تحتاج إلى جدية واستثمار للفرص، بمعنى ان اتخاذ القرار يكون قبل الدولة ومن القيادة السياسية العليا ولا يحل عن طريق إصدار بيانات تنتقد لقاء الأكراد مع العطار، وتعبئة الشارع وإلهائه بتناقضات حزبية ضيقة. في الحقيقة ان الأكراد هكذا يديرون أمورهم، وهكذا يتعاملون مع مسئولياتهم ومع حقوق شعبهم، أشبه بالرقص بطريقة جنونية.

وما حدث في بروكسل في 27 و28 مايو/ أيار الماضي، وقبله في واشنطن في 12 مارس/ آذار يوحيان بأن الأكراد لا يقفون على مبدأ التكامل والسلامية، وللأسف كل هذا يتم تحت عناوين مثل «الدعوة إلى إيجاد حل ديمقراطي» و«البحث عن مرجعية كردية تمتلك حق القرار والتمثيل الكردي». ففي الوقت الذي يطالب الأكراد بتوحيد وتأطير طاقات الجالية الكردية وتعريف الرأي العام العالمي بالأكراد، نراهم يتجاوزون تلك الأهداف بالدعوة مثلاً إلى تشكيل مجلس وطني كردي سوري في بلجيكا، لا نعرف بالضبط من وراءه ومن يدعمه. وما جرى في بروكسل يندرج عملياً في إطار نقل مركز القرار الكردي إلى خارج موقعه الطبيعي في الداخل، وهو ما يهدد بالابتعاد عن الواقعية الممكنة وافتقاد الصدقية المطلوبة، وانتزاع المبادرة الحركة الكردية المنظمة وتحجيم دورها، ويهددها بالضياع. لكن هذا لا يعني أبداً الانتقاص من دور الخارج الكردي لأنه جزء وامتداد طبيعي للشعب الكردي في الوطن.

المنطق يقول ان الخارج مساند ومساعد للداخل، وان الداخل هو المخول الوحيد تأسيس أطر برنامج عمل له. بقي القول ان الأكراد مدعوون إلى نبذ التخندق والعداوات، والتفكير في كيف يتم ترتيب البيت الداخلي الكردي والسوري... ولعل هذا من أولويات المرحلة

إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "

العدد 1407 - الخميس 13 يوليو 2006م الموافق 16 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً