العدد 1403 - الأحد 09 يوليو 2006م الموافق 12 جمادى الآخرة 1427هـ

استئصال الفساد!

ضياء ضياء الدين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لا ادري هل اولئك الذين يرفعون صوتهم اليوم في الكويت للقضاء على الفساد والمفسدين هل هم يخادعون انفسهم، ام يحاولون خداع الناس؟

عملية الاصلاح ليست قوانين يمكن ان تشرع، وليست اصلاح واقع سياسي فاسد من خلال اصلاح نظام الدوائر الانتخابية الذي يجلب مفاسد كثيرة في العملية الانتخابية... نعم هذه أمور قد تساعد، ولكن استئصال الفساد مهمة صعبة، فهي ترتبط بالقيم المحلية كما يقول رايموند فيسمان استاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا، وهو مصداق لقول الباري عز وجل: (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). (الرعد:11)، على أولئك الاصلاحيين ان يركزوا ايضا على اصلاح ثقافة المجتمع، فهناك الكثير من الموروث بات يشكل عائقاً أمام الاصلاح، وهناك الكثير من أولئك الذين يعتبرون من الاصلاحيين يدعمون ويحمون هذا الموروث. احترام الآخر والتعايش مع الآخر والتعاون مع الآخر، تبدو قيماً غائبة في مجتمعنا، ولذلك حينما يتنادى البعض الى تعديل الدوائر الانتخابية، يهيمن فريق (إصلاحي) فيقوم بعملية فرز اجتماعي وعرقي ومذهبي ويقسم الكعكة كما يحلو له!

اقتسام الثروات وحقوق الاجيال القادمة ايضا محاط بعدد من القيم المجتمعية تجعل من عدد الحرامية وسراق الأموال العامة في البلد يفوق عدد النزيهين والنظيفين (انظروا حينما يفوز أحد مشتري الاصوات في الانتخابات أليس لان عدد البائعين للصوت أكثر من عدد الممتنعين!)، ولذلك يصعب عليك ان تقرر بالجزم على احد المرشحين لانتخابات مجلس الأمة بأنه نزيه ونظيف اليد، فالشك هو القاعدة التي تحكم أي تقييم موضوعي!

حينما يقول أحد أعضاء مجلس الأمة الكويتي السابق «وهو نائب حالي» أن الراتب في الوظيفة الحكومية هو جزء من حق توزيع الثروة، فهو هنا يخلي مسؤولية الموظف عن الالتزام الوظيفي، ويعتبر عقد العمل يتمثل في تحصيل الراتب باي جهد بذل! وهذا تبرير لواقع اجتماعي موجود إذ التهرب من المسئوليات الوظيفية، والتملص من الالتزام بالدوام باي سبب كان، وابسطها الاجازات المرضية الوهمية التي تفوق معدلاتها في الكويت دول العالم! الواسطة وتمرير المعاملات القانونية وغير القانونية ليست مجرد تواطؤ حكومي، فهناك مئات المعاملات غير القانونية تمرر يومياً لمجرد علاقة شخصية اوجار اوزميل أو من نفس القبيلة او المذهب او التيار السياسي... نعم قد يساهم في تفشي هذه الظاهرة وجود قوانين مقيدة غير منطقية، وبالتالي فان التدخل لاختراق القانون يبدو رفعاً لحيف وظلم عن المواطن أو المقيم، ولكن نمو هذه الظاهرة هو جزء من ثقافة مجتمعية. المشكلة ليست فقط في إيجاد التشريعات والقوانين، بل احترام هذه القوانين، والضغط على الحكومة لتفعيل القوانين وليس العكس كما يعمل بعض النواب بالضغط من اجل عدم تفعيل بعض القوانين بسبب ضغط الناخبين عليهم!

حتى لا يساء فهمي، فانا هنا اؤكد أن الإصلاح السياسي من الاولويات، وهو مطلب كل من يفكر في اصلاح الوضع المختل لهذا البلد.. ولكن، علينا أيضاً ان نلتفت لإصلاح العملية التعليمية في الكويت، علينا أن نعزز التعددية الثقافية والمذهبية، علينا أن ننمي ثقافة القبول بالآخر، علينا ان نقدم مشروع وطني يعزز روح المواطنة وما الى ذلك.

إذاً ما المشكلة، فهذه اولويات ثانية بعد أولوية الاصلاح السياسي وستكون في الأجندة بعد الانتهاء من الاولى؟

المشكلة أيها السادة، أن أغلب القوى المسماة بالاصلاحية، ليست من اجندتها هذه الامور، بل إنها ستكون في وضع المقاوم لاقرارها إذا تنادى لها بعض النواب في مجلس الأمة الكويتي.. من هنا أقول إنهم يخدعون الناس بشعاراتهم

العدد 1403 - الأحد 09 يوليو 2006م الموافق 12 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً