صدر حديثاً قانون وسم باسم «قانون الضمان الاجتماعي» رقم () لسنة ، يستوقف المطلع عليه عدد من الهفوات الواردة فيه: صعوبة تطبيقه من ناحية وركاكة كل من عبارته خصوصاً وتنسيقه عموماً من ناحية أخرى، ففضلاً عن عدم اتساق الاسم مع المسمى كان أحق بأن يسمى هذا القانون الجديد باسم من قبيل: «قانون تنظيم المساعدات الحكومية للفقراء والمساكين وذوي الاحتياجات الخاصة من البحرينيين المقيمين فيها»، فإننا نعرض لأهم مثالبه التطبيقية و/أو القانونية.
أولاً: تعارضه مع مبدأ عدم جواز الاحتفاظ بوفورات الاعتمادات المدرجة في الموازنة العامة من سنوات مالية سابقة (المادة الثانية البند رقم «»)
لعل البند المشار إليه يشكل سابقة غير حميدة في هذا الصدد فضلاً عن أنه يرجح أن دور مكتب الصياغة في الشئون القانونية لم يكن فاعلاً أو موجوداً، فإن مثل هذه السابقة أو المقاربة التي تمكن الوزارة من سحب جميع المبالغ المعتمدة في السنة المالية ولو من غير أن تكون أنفقتها فعلاً، يفتح الباب واسعاً لإضعاف الدور الرقابي والتشريعي للمجلس الوطني من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن سابقة مثل هذا تبدأ بمبالغ زهيدة، لبند ما في الموازنة العامة، يتبعها غيرها، وبسرعة انتشار النار في الهشم يصبح ورود مثل هذا البند عرفاً وتقليداً جائزاً في قوانين لاحقة وبالنسبة إلى بنود أخرى، تعتمد لها مبالغ أكبر ولا تكون للمجلس عليها سلطة حقيقية.
ثانياً: الإخلال بمبدأ تساوي المواطنين أمام القانون (البند «أ» من المادة السادسة).
إن البند المشار إليه ونصه: «يشترط لاستحقاق المساعدة... ألا يكون لمستحق المساعدة الاجتماعية هكذا قريب مقتدر ملزم بالإنفاق عليه شرعاً»، يعتمد أساساً شخصية حتى فيما لا يحسن فيه اللجوء إلى الأسس الشخصية «بل يتعين فيه انفاذ المعايير الموضوعية»، إذ يفرق في أصول الاستحقاق على أساس مذهب طالب المساعدة وسبب ذلك هو المناط - بحسب المذهب الديني الذي يتبعه طالبها - الذي يتقرر عليه مدى عدم إلزامية الأقارب المقتدرين بالإنفاق شرعاً على أقاربهم المساكين، بالمعنى القرآني المجمع عليه بشأن تفسير: «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم» (التوبة: )، والمعلوم هو أن أسس الإلزام هذه غير متطابقة بين الطائفتين الأعم في البحرين ولم يصدر بها قانون بعد. ولهذا فإن على وزيرة التنمية الاجتماعية أن تواجه هذه المعضلة - ضمن معضلات أخرى - عند تصديها لمسألة إصدار النظام الأساسي لما يسمى «صندوق الضمان الاجتماعي» وقد يسعف الوزيرة في هذه التفصيلة البند (ج) من المادة نفسها، ونصه: «يشترط لاستحقاق المساعدة أن تثبت الحالة الموجبة لصرفها بموجب مستندات رسمية»، لكن هذا البند لا يسعفها فيما يخص مأخذنا على القانون الجديد إخلاله على أساس المذهب، وكما تقدم شرح ذلك، بمبدأ المساواة أمام القانون، بل يسعفها فقط في القائه عبء إثبات الاستحقاق برمته على عاتق طالب المساعدة، إذ يقرر القانون الجديد أن عليه أن يقدم مستندات رسمية تؤيد طلبه صرف المساعدة له، لكن كيف يستطيع الطالب أن يثبت عدم وجود القريب له، الملزم شرعاً بالإنفاق عليه، والقادر على ذلك؟ نقول إنها عملية شبه مستحيلة، ونضيف أن الوزيرة لن تتمكن من التخلص من هذه الورطة إلا بالرجوع الى المشرع مرة أخرى بطلب تعديل القانون الجديد حذفاً لهذا البند كلياً، ولا يمكننا تصور أي حل قد تضمنه قرارها المرتقب يوفق بين شروط هذين البندين فيما بينهما مع التقيد بالتفسير الصحيح للظاهر من نصهما من ناحية، ولا يخالف مبدأ تساوي المواطنين أمام القانون من ناحية أخرى، فإذا أضفنا إلى تلك المعضلات معضلة أخرى يلقيها القانون الجديد على عاتق وزير العمل وهي أن تقوم الوزارة بإجراء بحث دوري شامل لظروف المستفيدين، ثم تقرير استمرار صرف المساعدة أو تعديلها أو إلغائها. اعتباراً من أول الشهر التالي للشهر، الذي حدث فيه التغيير، وربما كان ذلك حتى بأثر رجعي طويل الأمد «بموجبات أحكام المادة رقم () من القانون الجديد»، وهل فكر صائغو هذا التقنين في الكلفة الحقيقية لهكذا متابعة «بما في ذلك إحالة الشكاوى إلى النيابة العامة ورفع دعاوى الاسترجاع، بموجب أحكام المادة رقم () وما إذا كان يصح صرف المال العام بهذه التوتيرة»
العدد 1400 - الخميس 06 يوليو 2006م الموافق 09 جمادى الآخرة 1427هـ