بعد أكثر من ثلاثين سنة مرت على عمر شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) جاءها وقت الحساب... بعد أن استمرت هذه الشركة في شفط أموال وخيرات البحرين، التي من المفترض أن توجه إلى الفقراء والمساكين من أبناء البلد، حان وقت محاسبتها... بعد أن كنز (من أسسها في بلادنا ومولها بخيرات شعبنا) الأموال والذهب والفضة في جيوبه، تاركاً الغالبية العظمى من المواطنين يعانون من الفقر والذل، وسكان القرى المحيطة والقريبة من المصنع يعانون من الأمراض السرطانية... بعد كل ذلك جاء وقت الحساب... بعد أن شفطت الشركة ومن أسسها نصف غاز البحرين (أين يذهب النصف الآخر؟) والذي يقدر سعره السنوي بمئات الملايين من الدنانير جاء الوقت.
صحيح أنه جاء الوقت للتصحيح والمحاسبة... ولكن لنتكلم أولاً وبصراحة ونسأل أنفسنا هل نوابنا الأفاضل صادقون حقاً في مطالبتهم بالتحقيق في مجرى نهر أموال ألبا... نهر الخلود... وتتبع الأموال فيه إلى مصبها الرئيسي في جيب الخلود؟... أم أن الموضوع لا يعدو عن كونه دعاية انتخابية لبعض النواب الذين يريدون ترشيح أنفسهم مرة ثانية؟... طيب، من هم المساهمون الرئيسيون في ألبا، هل هم تجار، أو أغنياء، أو دول؟... كم هي المبالغ التي ساهموا فيها، وهل هم مازالوا مساهمين أم انسحبوا، وهل هم لا يسألون عن أموالهم التي وضعوها في مشروع خاسر، أم هم يتسلمون فوائد عليها من مشروع ناجح؟... يعني السؤال الأخير، هل مشروع مصنع ألمنيوم البحرين (ألبا) وبحسب المعايير والقياسات العالمية هو مشروع ناجح مادياً، ويدر على المساهمين فوائد وأرباحاً بدلاً من أصولهم النقدية التي دفعوها مساهمة في المصنع، أم أن مشروع (ألبا) خسران من البداية وحتى النهاية، والحكومة تعمل تعتيماً كاملاً على المواطنين؟
إذا كانت ألبا مشروعاً ناجحاً ومربحاً فأين ذهبت الملايين طوال تلك السنين؟ وفي جيب من دخلت (حراماً زقوماً)؟... وإذا كانت ألبا مشروع خسران ويكلف بلادنا مئات الملايين من الدنانير فلماذا لاتتم محاكمة الوزراء الذين كانوا مسئولين عن هذه الشركة (تباعاً شباعاً) طوال هذه السنين من عمر الشركة؟ لماذا لا تتم مساءلتهم عن سكوتهم المطبق والشركة تستنزف المليارات من أموال شعب البحرين الجوعان؟... ولماذا لايتم التفتيش في جيوبهم البنكية (في الداخل والخارج) عن سعر السكوت الملحق لزوم الفم المغلق؟... هذه أسئلة تحتاج إلى إجابات قبل التفكير في إغلاق المصنع وتوفير الأموال التي تصرف عليه، واستثمارها في مشروعات تعود بالنفع على البلاد.
من وجهة نظري الشخصية... وحسب ما أرى فإنه من رابع المستحيلات أن تكون شركة ألبا خسرانة، ولا يمكن أن يصدق العقل البشري أن البحرين التي امتازت بعقول أبنائها الذكية من الممكن أن يكون لديها مصنع ألمنيوم يبيع إنتاجه لسنوات مقبلة ويكون خسراناً طوال أكثر من ثلاثين سنة... الصحيح أن شركة ألبا هي شركة تربح الكثير من ملايين الدنانير في كل سنة من سنوات عمرها المديد، ولكن هناك ممرات جانبية لنهر الدنانير لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وهذه الممرات فيها موتورات شفط قوية بإمكانها شفط حتى العملات الصغيرة أبو خمسة فلوس وعشرة فلوس.
حتى في عمليات البيع توجد لدينا الكثير من الشكوك عن الأسعار المكتوبة في بيانات الشركة، والمرسلة إلى الجهات الرسمية، وذلك لأن السعر العالمي للألمنيوم مثل سعر النفط... يعني متداولاً في البورصة العالمية... ولا يمكن أن يتم التوقيع على بيع إنتاج المصنع ولمدة خمس سنوات مقبلة وبسعر أرخص من سعره العالمي من دون أن يكون ترتيبات من نوع (داخليش في داخليش)... وحتى مصنع الغاز الذي يزود شركة ألبا بالوقود كيف يقبل بأن لا يسترجع قيمة الغاز طوال هذه السنين؟... ومن الذي أصدر الأوامر لمصنع يشفط غازاً من أراضي البحرين ويدفعه إلى شركة لا تملكها بالكامل حكومة مملكة البحرين؟... الخير خيرنه، والذي يستفيد منه غيرنه... إشلون صارت هالسالفة العجيبة والغريبة؟... واشلون (يعني) من الممكن أن ينام الواحد فيهم قرير العين؟..
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1397 - الإثنين 03 يوليو 2006م الموافق 06 جمادى الآخرة 1427هـ