ليس في مقدور أحد أن ينتقص الجهود التي يبذلها الناشطون الحقوقيون في متابعة رسائل المواطنين التي ترد اليهم وتحمل بين طياتها الكثير من الهموم والمعاناة التي يود أصحابها من الجمعيات ومن الناشطين أن يتحركوا من أجل البحث عن الحلول. ولا يمكن القول إن تلك الرسائل - التي تتضمن شكاوى انتهاك الحقوق والمطالبة برد الاعتبار - موضة تواكب الحراك التي تشهده البلاد، بل يمكن أن تعبر أو تعطي، بصورة أو بأخرى، انطباعاً عن أن الناس بدأوا يمارسون حقهم في المطالبة بحقوقهم كركن مهم من أركان المشروع الإصلاحي الذي تعيشه البلاد... وهذا الأمر له تبعات كبيرة وثقيلة وتتطلب جهداً مضاعفاً.
النماذج كثيرة، ولكن بعض المواطنين بدأوا يشكون من عدم جدوى التوجه الى جمعيات ولجان حقوق الإنسان لتقديم شكاواهم مصحوبة بأوراق ثبوتية ومستندات... ولعل القصة الأخيرة التي نشرتها «الوسط» يوم السبت الماضي بشأن المواطن البحريني الذي هربت زوجته الخليجية مع طفليه ولم ترجعها قوة القانون، يمكن أن تكون صورة من صور المعاناة للطرفين... الجمعية الحقوقية والمواطن! فلا الجمعية في مقدورها فعل شيء ولا المواطن الأب يستطيع أن يتحرك في اتجاه جديد لاستعادة طفليه بعد أن استنفذ كل السبل... وهل هناك سبيل أكثر قوة من صدور أحكام قانون تؤكد حقه في استعادة طفليه.
وليس ذلك فحسب، بل هناك رسائل المواطنين الذين يواجهون مشكلات مع أجهزة ومرافق حكومية، وهناك أيضاً حالات مختلفة ومتنوعة من سلب الحقوق تشمل مختلف الشرائح، وإذا سلمنا الى أن الجمعيات واللجان الحقوقية تبذل قصارى جهدها وتسعى وتتحرك، إلا أنه لابد من الاعتراف بأن تراكم هذه القضايا وتشعبها وتنوعها وصعوبة بعضها يوصل - دون محالة - الى أبواب مغلقة! بل لن نستغرب حين نسمع ناشطاً حقوقياً يقول بصراحة: لم نتمكن من فعل شيء!
الناس، يريدون من الجمعيات الحقوقية أن تكون في موقع قوة بحيث يكون لها صوت مسموع في مختلف الجهات، ولابد لها من أن تكون على وفاق مع تلك الاجهزة لكي تتمكن من انجاز نشاطها التطوعي... ومثال زيارة السجون، يمكن أن يكون منطلقاً مهماً ومبشراً لعمل أكثر فعالية في المستقبل، لكن من يدري، هل سينخفض معدل الرسائل والشكاوى، أم سيزداد؟
إن انخفاضها سيثبت أن المطالبة بترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وتطويرها تأخذ مؤشراً تصاعدياً مهماً، لكن زيادتها - التي لا نتمناها - ستعطي مؤشراً مثيراً لخيبة الآمال... ولا أحد في بلادنا، وهي عضو في مجلس حقوق الإنسان سيرضى باستمرار الانتهاكات أبداً
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1394 - الجمعة 30 يونيو 2006م الموافق 03 جمادى الآخرة 1427هـ