في غمرة الحزن والأسى على فقدان فنان ورائد من رواد التشكيل في البحرين لا يمكنك أن تلوم الناس أو المهتمين عندما لا يبدون سوى الحزن والألم. ولكن عندما تخف حدة وطأة الخبر وتهدأ النفوس مما علق بها وتثوب إلى رشدها وتتبصر طريقها فهي معنية الآن بتلمس الاجابة على كثير من الأسئلة المرة. لأنها ببساطة ظلت تطرح طوال سنوات وسنوات مع موت أي فنان من دون أن تلقى اجابة شافية يمكنها التعويل عليها. فهل هو قدر مكتوب أن يموت الفنان مهمشا في حياته وبعد موته؟ وهل هو قدر الفنان أن يبدي الجميع الحزن عليه من دون أن يترجم هذا الحب إلى واقع؟
مات ناصر اليوسف وانتقل إلى رحمة ربه تعالى. ولكن حتى هذه الساعة لم تحرك أي من الجهات الرسمية والخاصة ساكنا عدا الصحافة المحلية التي لم تقصر في ابراز عطاء الراحل واستطلاع آراء المهتمين والمحبين - وان كان غالبية ما نشر لم يخرج عن حدود الألم والتقدير. ولولا تأكيد أحد أبناء الراحل الكبير وهو باسم الناصر أن أبناء المرحوم بصدد انشاء متحف يحوي أعمال والدهم وذكرياته لما كان هناك شيء يذكر على أرض الواقع يحتفي باسم كبير مثل ناصر اليوسف.
هل نوجه أصابع الاتهام إلى جهة من دون غيرها؟ ليس من حقنا ذلك. ولكن نقول بحب كان يمكن للجمعيات الفنية التي شارك اليوسف في تأسيسها الاعلان مثلا عن معرض كبير تعرض فيه أعمال اليوسف. أو حتى إعداد ورشة تتناول جوانب من حياة وابداعات اليوسف أو إعداد كتيب عنه على أقل تقدير. فطالما سمعنا ممن عاصر واقترن اسمه من الفنانين بناصر اليوسف الدعوة إلى الاهتمام به وبأعماله لكن بقيت مجرد كلمات لا غير. فهل تعجز الجمعيات الفنية عن اسبوع فني تلقي فيه الأضواء على تجربة اليوسف الثرية؟
ثم ما حكاية ألم الفنانين الشباب لفقدان هذا الفنان الكبير وكلماتهم التي تقطر أسىً في حين أنك لو توجهت اليهم بالسؤال عما هم فاعلون تأكيداً للمنزلة الكبيرة للفقيد في نفوسهم لقالوا إنهم لا يملكون شيئا من ذلك لأنهم فنانون شباب والعقد والحل بيد الفنانين الكبار. هل تعجزون أيها الأحبة عن الاتفاق مع أي من الجمعيات الكثيرة في البحرين من أجل العمل على معرض أو ندوة أو غيرها كدليل على حبكم وتقديركم لما قدمه اليوسف؟ تذكروا أنكم ستحتاجون يوما إلى شيء من هذا الضوء. فلا أحد يحب البقاء في العتمة. وهل تصرون على أن يكون دوركم سلبيا كما هو شأن الجهات الرسمية في الدولة التي لم تكلف نفسها مقدار ساعة واحدة في التلفزيون أو الاذاعة تعرض فيها للناصر استطلاعاً أو تحقيقاً مصوراً؟
العدد 1392 - الأربعاء 28 يونيو 2006م الموافق 01 جمادى الآخرة 1427هـ