بودي أن أعرف اسم ووظيفة الشخص الذي هو المسئول الأول عن طريقة تصميم وإنشاء شوارع الموت في مملكة البحرين... بودي أن أعرف هذا الإنسان الذي يستهتر بهذه الأرواح الإنسانية البريئة، ولا يهمه بكاء الأهالي وفزعهم وجزعهم بسبب المصاب الأليم بوفاة شخص عزيز لديهم... بودي أن أعرف إن كان هذا الشخص وزيرا، أو عدة وزراء، أو لجنة حكومية يرأسها أي وزير وتشمل أناس من وزارة الأشغال والمرور... بودي أن أعرف هذا الشخص الذي يجلس في مكتب حكومي فخم وله باب مغلق يحرسه مدير مكتب من أهم واجباته منع الناس والأخبار التي تقلق راحة سعادة الوزير... بودي أن تكون لديه الشجاعة ليقول أنا، حتى أثبت له بأنه المتهم الأول...
لقد تكلمت (من خلال هذا العمود) عشرات المرات عن الأخطاء المميتة في تصميم الكثير من شوارع البحرين... ولكن لا يوجد هناك من مجيب... وكل المسئولين واضعين في آذانهم طين وعجين، يعني مغلقة بإحكام... كتبنا من قبل عن ضرورة وجود جسر للمشاة على الشارع الممتد من دوار بوابة مدينة عيسى وحتى دوار غاز البحرين، ولكن من يسمع وعمك أصمخ ؟... الآن حدث المحضور ووقع الحادث الذي أودى بحياة شابين في عمر الزهور، والله ستر بأن بقية الشباب العابرين هربوا بأرواحهم من شارع الموت في اللحظة المناسبة... المرور يقول إن المتسبب هو سائق الدراجة النارية لأن سرعته كبيرة، وهذا الكلام فيه الكثير من الضحك على الذقون لأن الإدارة العامة للمرور والترخيص هي من ضمن لجنة الطرق، وهي تعلم بأن طريقاً توجد على طرفه منازل وشقق سكنية وعلى طرفه الآخر كراجات ومحلات تجارية لابد وأن تكون هناك وسيلة للمشاة تقطعه... أما نفق أو جسر... ولكن «المرور» تلعب على السهل وتضع اللوم على السيارة أو الدراجة النارية لأنها تعلم بأن شركات التأمين ستدفع دية المقتولين بسبب الحادث...
نحن لا نتكلم هنا عن السائقين المتهورين الذين يقودون السيارات والمركبات بطريقة خاطئة على الشوارع، فهذا شيء تتكفل فيه إدارة المرور وتضع له القوانين وتراقب تنفيذها... ولكننا نتكلم عن تنفيذ سيئ لشوارع سريعة لا تراعي حرمة الناس الراجلين، ووزارة الأشغال لابد وأن تكون هي المسئول الأول عن هذه التصاميم الخاطئة لشوارع الموت... وكنا قد كتبنا سابقاً عن الأخطاء الفادحة والتي من الممكن أن تؤدي إلى إزهاق أرواح بريئة على الشوارع، ونادينا بإصلاحها، ووضعنا الحلول الدائمة والمؤقتة، ولكن لا حياة لمن تنادي، وكأننا نؤذن في خرابة والمسئول لا يصله كلامنا.
الآن هذه اللجنة المسماة بلجنة الطرق (أو أي اسم آخر) ألا يوجد من يحاسبها على عملها الذي يتميز بمستوياته المتدنية ؟ ألا يوجد لديهم شخص يستمع للنصائح التي نكتبها بقصد المحافظة على أرواح الناس الأبرياء ؟ ألا يوجد لديهم شخص شجاع يقول لي إنه المسئول عن تصميم وتنفيذ هذه الشوارع حتى أذهب معه وأشرح له (في المواقع) ما هو الخطأ القاتل وكيف يمكن إصلاحه ؟ ألا يوجد بينهم شخص (يفكر) ويقول لهم بأن حجز الشارع السريع بالحديد من على طرفيه، ومن دون وجود منافذ وممشى خارج الحديد هو من أسوأ طرق التخطيط التي تؤدي إلى وفيات بالجملة ؟.
أريد من هذه اللجنة أن تتصور أن عائلة بحرينية تعطلت سيارتها، أو تورطت في حادث بسيط، في ساعات الظهر وفي أشهر الصيف وعلى الجسر الموجود فوق دوار شارع البديع، ومن ثم يوجد في هذه السيارة أطفال يتوجب عليهم الخروج منها فأين يذهبون، وكيف يسلمون بأرواحهم من السيارات المستخدمة للشارع؟... أريد جواباً صريحاً وعلمياً من مسئول هذه اللجنة يقنعني به، وأريد منه التوضيح على عدم الالتفات لأرواح المشاة الذين يضطرون لاستخدام أطراف الشوارع، أو الذين تضطرهم الظروف لعبور الشوارع... أريد منه التوضيح أو الالتفات والاستماع لنا.
نريد من هذا المسئول أن يعرف أن الأرواح غالية... وهو لديه عدة خيارات، فأما أن يقنعنا بالأسباب التي جعلته لا يفكر في هذه الأرواح، أو أن يحاورنا ويستمع لوجهات نظرنا التي فيها الكثير من الحلول المساعدة، أو أن يغلق أذنيه وعينيه ويتحمل النتائج العكسية عندما يتفاقم الوضع وتضيق صدور الناس وتمل من الصبر غير المفيد... هو وكيفه
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1387 - الجمعة 23 يونيو 2006م الموافق 26 جمادى الأولى 1427هـ