العدد 1385 - الأربعاء 21 يونيو 2006م الموافق 24 جمادى الأولى 1427هـ

التخطيط الفوضوي... تشويه للمشروع الإصلاحي

محمد جابر الصباح comments [at] alwasatnews.com

لسنا من محبي الإثارات، وباذري الفوضى، ومثيري الفتن... لكننا في الوقت ذاته لسنا من الخائفين المرتجفة فرائصهم ممن يطأطئون رؤوسهم، ويغضون أبصارهم، ويلوون أعنة بصيراتهم، ويعملون في انكسار وذلة على تطبيق المثل الانهزامي، إزاء أية ظاهرة فوضوية تعرقل وتشوّه وجه المشروع الإصلاحي الملكي، وتترك بصمات سلبية تحدّ من تطوره وتقدمه.

الداعي إلى هذا الطرح المؤسس على قناعاتنا، هو اعتقادنا الراسخ الذي لا يتزعزع، والمرتكز على النتائج الإيجابية التي سجلها الاستفتاء الشعبي على مشروع الإصلاح الملكي، والذي حظي بموافقة شعبية بلغت . في المئة، هذه النتيجة تمكننا من أن نحللها دونما تشكك، في أن الشعب البحريني قد اختطف مشروع الإصلاح من يد جلالة الملك حمد وأدخله في مربع مسئولياته الوطنية التي يُدافع عنها، كما بالأمس دافع عن حقوقه المتمثلة في تفعيل الدستور، وعودة الحياة البرلمانية حتى تحقق له الأمر وسيعمل على تطويره وسدِّ نواقصه.

لعلّ أهم ما أثار اهتمامنا ودفعنا إلى الكتابة عن «التخطيط الفوضوي»، أن حالاً من ظاهرة لا تليق بجهات التخطيط، وفي مقدمتها بلدية المحرق، تعطي ترخيصاً لبناء مستشفى فيما يعتبر من أوسخ المناطق التي تعشش فيها الميكروبات، وتعجّ بمختلف مواد التلويث البيئي. في عهد الانفتاح والإصلاح، ونعني بها المنطقة الواقعة غربي فرع «بنك البحرين والكويت» القريب من مقر «جمعية الإصلاح». إن الترخيص لبناء مستشفى في مثل هذه المنطقة يثير الشكوك في أن المستشفى يعود إلى أحد المتنفذين، فإما أن يكون أحد المتنفذين ذا ثقل مالي، أو أن يكون ذا انتماء عائلي.

على أن المآخذ التي يمكن تسجيلها على هذا المستشفى (مستشفى الهلال) المؤلَّف من طابقين، أن نوافذه الجنوبية المطلة على ممرّ ضيّق بالكاد تمرّ منه سيارة «بيك أب» تشغله ورش لتصليح مكيفات الهواء وتنظيفها والثلاجات وغيرها، وعلى امتداد طريق يمرّ من أمام المستشفى ويتجه إلى الجنوب ويتقاطع مع الشارع العام المؤدي إلى سوق المحرق، هذا الطريق تشغله ورش حدادة ومحلات لتبديل زيوت السيارات وتصليح الرديترات، وتعال حدِّث ولا حرج عما ينبعث من أصوات مزعجة جراء طَرْق الحديد، وأبخرة اللحام وتفصيل الحديد، وهي من المواد المُسممة لأجواء منطقة المستشفى، وإذا ما انتقلنا إلى غربي المستشفى إذ يوجد المدخل، فإننا نقف أمام محطة ضخ مياه المجاري العامة، أما في شمال المستشفى فتوجد ورشة لتصنيع الألمنيوم، التي تحتاج إلى - أهم ما تحتاج إليه - منشار كهربائي لقطع أعمدة الألمنيوم وتفصيلها بحسب الحاجة لصناعة الشبابيك والأبواب وواجهات المتاجر، وما يتطلبه هذا العمل من تشغيل المثاقب الكهربائية، ومن ثم ربط هذه الأجزاء بواسطة مسامير يتم الطرق عليها لتتسطح في مواقع ربط الأجزاء... ولسنا بحاجة إلى التعليق على ما يترتب على هذه العملية من تلويث ضوضائي للبيئة.

من كل ما سلف نستخلص أن المنطقة التي سمحت الجهات المسئولة إقامة مستشفى فيها ملوثة البيئة من الناحية الصحية وكذلك ملوثة من الناحية الضوضائية، وأنه لا يمكن أن تتوافر فيها أية راحة للمريض، ناهيك عن أن الشمس لا يمكن أن تسطع على المستشفى إلا وقت الضحى بسبب انحجاب الشمس وراء البنايات الواقعة شرقي المستشفى، وأن أقصى مدة تشعّ فيها الشمس على المستشفى لا تتعدى الساعة الثالثة بعد الظهر، إذ تنحجب وراء البنايات الواقعة غربي المستشفى.

وفي جميع الأحوال، فإن أقصى ما تصلح له المنطقة هو بناء زرائب للحيوانات، هذا إذا لم تتحرك جمعيات الرفق بالحيوان، وتحتج على ما عسى أن تتعرض له الحيوانات من أمراض بسبب الأوضاع غير الصحية التي وُضعت فيها.

وثمة كلمة أخيرة نسجلها تحسباً واستباقاً لما عساه أن يحدث من موقف يأخذ فيه أصحاب القرار جانب صاحب المستشفى المتنفذ، ما سيؤدي إلى إثارة أصحاب الورش الذين يعملون في هذه المنطقة منذ عشرات السنين، إذ سيُوصمون بالمشاغبين والخارجين على القانون، من دون مراعاة لقانون «بني جنسك جائر»

إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"

العدد 1385 - الأربعاء 21 يونيو 2006م الموافق 24 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً