«فوق النخل». يقول من هم سعداء. ترى كيف يمكن للمرء أن يتسلق تلك النخلة ويبقى عليها دوماً؟ هل يوجد سر لتسلق النخلة؟ هل يمكننا شراؤها والبقاء على قمتها حتى آخر أيامنا؟ قد يدرك القارئ موجة التعابير المجازية والمبالغة اللغوية لكن الأمر هو إننا نعيش في عالم متصل ببعضه بعضاً. ولا نتعجب إذا وجدنا في أبسط التعابير العامية حقيقة يمكنها أن تعيد إلينا النظر وتبعث فينا الأمل والتفاؤل (ها قد عدت مرة أخرى للمبالغة!).

أولاً، لا يمكننا شراء وتسلق نخلتنا المجازية بسهولة ومن دون المبادرة الجدية. فلا نخلة من دون بذرة، ولا بذرة تنمو وتصبح نخلة راسخة من دون ماء وشمس وتربة خصبة. فلا يمكننا أن نتمنى للأشياء أن تكون فتكون، لأن بين التمني والإنجاز يوجد العمل. العمل بكل أشكاله وأنواعه، من الدراسة إلى العمل التدريبي والمثابرة الفردية للتحقق من الأمور والتعمق فيها.

ثانياً، لابد انك سمعت عبارة أن النبات لا ينمو من دون الحب. فمن المهم أن تحب، بل تعشق ما تفعله. وأن تستيقظ كل إشراقة صباح مسرعاً للحقل لإيجاد بذرتك ها قد أصبحت فسيلة. فسيلة قد تصبح نخلة في أحد الأيام ما دمت تعمل على الاهتمام بها بجد وبإخلاص.

ثالثاً، بالطبع ستجد بعض الأيام عسيرة وصعبة. لكن لا تحزن ولا تفقد الأمل، لأن مهما أمطرت وغيمت السماء، فهي في نهاية الأمر لمصلحة نخلتك الصغيرة. واعلم بأن الكون بأكمله يعمل لنمو نبتتك حتى ولو ظننت أن الطقس انقلب ضدك.

رابعاً، عند العمل على رعاية نخلتك قم بأصغر الأشياء وكأنها أهم الأشياء. فالأمور لا تتكون فجأة وبحركة كبيرة. بل العمل والإنجاز هو مجموع الأعمال الصغيرة التي تنفذها بدقة ولسبب محدد.

خامساً، لا تستغرب إن وجدت نفسك في حقل من النخيل يتسع إلى الأفق. فإنك ليس لوحدك تعمل على إنجاز ما تريده. ولا تستحِ من أن تنظر لمن حولك وتتعلم، وتسألهم كيف ولماذا وكل الأمور الأخرى التي تريد معرفتها. اسأل، فلا حياء في سعي العلم والتعلم.

سادساً، عندما تكبر وتثمر نخلتك شارك الناس ثمارها. فلا فائدة من أن تحتكر خيراتها لنفسك. اعلم بأن الكون بأسره ساعدك في نموها، وأنت بدورك عليك أن تكمل حلقة العطاء.

بالجهد وبعرق الجبين يمكننا غرس بذرة لمستقبلنا. بذرة نرعاها ونرويها حتى تصبح نخلة تعلو للسماء. وبهذا ليس فقط نكون فوق النخل، بل فوق القمر؛ قاصدين النجوم