تعمد النظم السياسية عبر مفهوم «التواصل السياسي» إلى استثمار لغة خاصة، وغالباً ما تكون هذه اللغة أداة للمناورة السياسية، تساوم الخصوم عليها، وتضلل بها المخاطبين المستهدفين، وتفتح عبرها خطاً مستقيماً من الحوار السياسي - المجازي - إن صح التعبير.
الذي يلحظ اللغة السياسية الانتخابية للجمعيات السياسية المعارضة خلال هذه الفترة، التي تعبر فترة «التحالفات» و«التخالفات» يدرك أنها عاجزة عن أن تنتج لغة انتخابية تستطيع من خلالها الولوج للعبة الانتخابية بوصفها «لغة» مساومة ومفاوضة. الوفاق مثلاً، التي لا نستطيع تفهم «آلية» لعبتها الانتخابية، هي مستمرة في تصدير خطابات لا تحمل أي إشارات سياسية تواصلية على أي من المستويات، لا لنا كإعلاميين من جهة، أو لباقي خصومها/شركائها السياسيين من جهة أخرى. ومن باب أولى أرى ألا استكمل الحديث عن تقنيات التواصل السياسي وألعابه، وأن نتحدث بوضوح أكثر عن تقنية «البلاطة» الواضحة!
هل ستعمد «الوفاق»، الجمعية ذات الثقل الأكبر، التي تستطيع التفرد بكراسي المعارضة داخل المجلس النيابي المقبل، إلى توزيع مقعدي تضحية/إنقاذ لحليفيها الأكثر فعالية في التحالف الرباعي؟ منطقياً، تحتاج الوفاق إلى «وعد» و«أمل» داخل البرلمان ولو بمرشح وحيد لعدة أسباب، منها:
أولاً: لابد أن تستثمر الوفاق صيغة التحالف الرباعي لتنقله بكامل «قوته» إلى داخل المجلس، فـ «وعد» أو «أمل» ان بقيتا خارج اللعبة، فهذا من شأنه أن يضعف من قوة الوفاق السياسية داخل المجلس على اعتبار أنها تمثيل لطيف سياسي واحد فقط لا غير.
ثانياً: ليس من مصلحة الوفاق أن تبقى «أمل» على وجه التحديد خارج المجلس، فالتنافس التاريخي بين «الكتلتين» يفرز في حال تفردت الوفاق بالدخول للمجلس إلى نزوح «أمل» نحو أن تلعب دور «المضحي» و«الصامد»، أو البديل المنطقي لفشل «الوفاق» على الأقل سياسياً.
ثالثاً: على الوفاق أن تستثمر القدرة الإنتاجية داخل «وعد»، فالمتابع لما أنتجته «وعد» من دراسات وبحوث وأوراق نقدية يدرك أن «وعد» تستطيع أن تلعب دور المصدر المعلوماتي والتشريعي الأول لتحالف المعارضة داخل المجلس النيابي.
نرى أن التناحر بين مرشحي الوفاق يزيد الأمر صعوبة على «الوفاق»، الوفاقيون المتناحرون حالياً على فرصة الترشح من الصعب أن يقنعهم «الأمين العام» بالتنازل جميعاً لشخصية من خارج الوفاق. ببساطة، ليس من السهل أن يقدم السياسي الطموح نحو عضوية المجلس «تضحية» تصل ضريبتها لأربع سنوات
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1382 - الأحد 18 يونيو 2006م الموافق 21 جمادى الأولى 1427هـ