كنت في جولة تسوقية في إحدى أشهر البرادات في البحرين حينما لاحظت زاوية كُتب عليها « تخفيضات»... وحاولت - بعد جهد جهيد - التعرف على تاريخ انتهاء الصلاحية، إذ كانت المواد الغذائية المجمدة مغلفة تغليفاً يُصعب رؤية الأرقام... ووجدتها تنتهي في شهر يونيو/ حزيران ، يعني هذا الشهر... من دون ذكر اليوم تحديداً.
إن طريقة العرض هذه قد تجذب المستهلك ويشتريها وهو مطمئن بأنه داخل برادة محترمة لا يمكن أن ترضى بإيذائه! ولكنه حينما لا يعرف تحديداً موعد انتهاء الصلاحية قد يقوم بتخزينها، وبذلك قد يُصاب بالتسمم إذا ما تناولها بعد فترة مع أطفاله!
إن التستر على موعد انتهاء الصلاحية و«تخبئته» كما وجدتها، قد يتسبب في الكثير من الأذى للمستهلكين، وهذا من واجب جمعية حماية المستهلك للاستيقاظ (هذا إذا كانت موجودة وعلى قيد الحياة!)، وتوعية المستهلك بحقوقه الغذائية أولاً.
وثانياً، إلزام وزارة التجارة (قسم حماية المستهلك) بأن تُلزم البائع الذي يجري تخفيضاً على بضائعه بوضع أسباب ذلك التخفيض، وبأن موعد انتهائها في يوم شرائه لها، كي يتناولها حالاً ولا يقوم بتخزينها.
وحكاية أخرى مرتبطة أيضاً بالاستهلاك... حينما كنت في زيارة لأحد المرضى، وكان مُصاباً بحادث سيارة (بعيد الشر عن الجميع)، دخلت حجرة مليئة بأصناف من الورود والشوكولاته، وكأنني أدخل محلاً لبيع الورود والهدايا.... ولا مانع من ذلك إذا كانت الأحجام عادية، ولكنني وجدت أحجاماً ضخمة للغاية من الورود قد تصل إلى السقف، وصواني كبيرة مليئة بالشوكولاته، هذا إضافة إلى صواني أخرى مليئة بالسندويتشات الملونة ومن أرقى المطاعم، مع زحمة الزوار وتعالي أصواتهم، ولولا أن سرير المريض يتوسط هذا الزحام لقلت إنني في مقهى من الدرجة الأولى وليس في مستشفى خاص وحديث! هذا علاوة على الأصوات من ضحك وسوالف، وأرى الباب مشرعاً وتأتي الممرضة في كل حين وتغلق الباب، ولكن لا حياة لمن تنادي!
ما الذي يجري هنا؟! مما لاشك فيه، أن للمريض المُزار مكانة اجتماعية مميزة (ومعارفه وحبايبه كثر)، ولكن أهو الأسلوب الأمثل للمواساة في هذه الحالة؟ هل ينقلب المستشفى إلى مقهى وضجيج وهدايا و... و...، وإدارة المستشفى من الضعف بحيث لا يمكنها تحديد أي موعد للزيارة، كما كان في السابق أو عدد المراجعين في الحجرة الواحدة كيلا يزداد الضجيج؟ (فالكل هذه الأيام يراعي المصلحة المادية)... وما حال المريض، أهو في مستشفى للراحة أم ماذا؟ لماذا لا يذهب إلى البيت إذاً، إذا كانت ساعات الزيارة تمتد إلى منتصف الليل؟!
كيف نفكر... وما الذي يجري في أروقة حياتنا هذه الأيام، وأين العقل؟ من الذي سيعلق الجرس، ويقول: الرجاء التزام الهدوء (فهذه مستشفى)، أو الرجاء التعقل في جلب المأكولات، ولا حاجة إلى المظاهر المبالغ فيها، وإلى النظر إلى الأمور الدقيقة مثل هذه بعين أكثر حرصاً، كي نتمكن من التواصل الحياتي في ظروف حياتنا الصعبة، وأثناء الأزمات والحوادث
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1378 - الأربعاء 14 يونيو 2006م الموافق 17 جمادى الأولى 1427هـ